البصرة .. المدينة الام ، تلك التي تدس في فم ابنائها رغيف البقاء .. وقد كانت ولا زالت .. ان يكون قدرها كأمين صندوق العيش العراقي الرغيد .. وليس الامر يتوقف على احتوائها نعمة الوجود وانما تعدى لتكون هي مخرج الزفير ومدخل الشهيق العراقي .. نعم فالبصرة مدينة الاقتصاد ومنبع الثروات الوفير .. وهي النافذة المطلة على الحياة ومن خلالها يتدفق الخير العراقي .. وعبرها تمر شرايين البلاد .. وان كانت هي ام الذهب الاسود فما زالت هي ابنته .. وان كانت هي موطن العسل والتمور فما زالت هي خصب النماء .. وان كانت هي شاطيء الوجود فما زالت تنام على الضفاف تتعقب النسيم والخير والدفء والحب ..
وعندما نتصفح التاريخ فلا نجد العراق سوى البصرة .. فهي احد المصرين واول الولايات وثالث المحافظات .. كتبها الحسن البصري بفؤاده عالية المقام ودونها الفراهيدي بليغة الكلام .. واوجدها الجاحظ فاتنة الهيام .. اقتسمت العلوم بينها وبين الدنيا .. فكانت ملاذ العلماء وموطن الشعراء وطاولة الكتاب .. ونامت على ذراع الوجود حالمة وهي تحتفل بانفاس السياب .. فغدت البصرة .. كما ( أحيا وأموت عالبصرة )
ومن يمر بها اليوم سيجد فيها التاريخ متوسدا ثرى الاهمال ويختلط الحجر بدموع السياب يؤازره ملح شط العرب وانين الفاو .. وبؤس ابي الخصيب .. ولوعة الزبير .. واندثار صفوان ..
لايجد في البصرة نعمتها .. ولا يلاحظ فيها هبوط الدم من شرايينها .. تعيش مهملة .. أسوة بشقيقاتها من مدن العراق .. فاين نحن من وسادة العراق الدافئة البصرة وأين نحن من رد الجميل لهذه المدينة الغزيرة العطاء ؟ .والسؤال الغائب عن اذهان المسؤولين .. متى تنصفون البصرة متى نرى الحراك الحقيقي باتجاه البصرة؟؟ اما آن الاوان ان ننهض بالبصرة وننفض عنها غبار سنين الحروب العجاف التي اخذت ما اخذت من سنيّ عمرها الوردي ولا يتم ذلك الا عن طريق برنامج تنموي يرتقي ومكانة البصرة يحتوي على عدد من المضامين لعل ابرزها تطوير البنى التحتية والفوقية من خلال اجتذاب استثمارات وشركات اجنبية متخصصة في كافة القطاعات لا سيما قطاع النقل والمواصلات البحرية التي مازالت تئن تحت وطأة الاهمال المقصود من قبل الحكومة المركزية والتي غالت بإهمالها وتهميشها لام العراق البصرة ـ، حتى ان مشروع ميناء الفاو الكبير ومثيلاته من المشاريع الانمائية تفتقر للجهات الساندة في بناء مرافقها وملحقاتها واقتصر العمل فقط على كوادر وزارة النقل .كما يجب ان يكون المضمون الثاني تطوير قطاع السياحة من خلال بناء القرى السياحية والمنتجعات الترفيهية خصوصا الاماكن المطلة على البحر وعلى شواطئ شط العرب وبذلك تكون مدينة البصرة مدينة جاذبة للسياح الامر الذي يعطيها مكانة اخرى اضافة الى مكانتها الاقتصادية بعتبارها المدينة رقم واحد في تصدير النفط والغاز الطبيعي…نصيحتي الى الحكومة المركزية ان تنظر للبصرة بعين العدالة والمساواة التي تمنحها وجودها الحقيقي كجزء فاعل يمنح الحياة للعراق قبل ان يتغير مجرى تدفق دماءها ويذهب بتجاه اخر لا سمح الله …
[email protected]