22 مايو، 2024 3:12 ص
Search
Close this search box.

حكاية أغرب من الخيال – 9 

Facebook
Twitter
LinkedIn

.. ربي يكون في عونك استاذ ! هل أنت في ضائقة مادية ؟! بمجرد سماعي لسؤال النادل أنطلقت مني ضحكة من أعماق أعماقي وتناسيت بشكل آني تلك المصيبة التي انا فيها .. أشكرك ، مستورة والحمد لله لست في ضائقة أنما هو أمر شخصي أرجوك لاتنساني بالدعاء .. حاضر استاذ دعاء الصالحين إن شاء الله .. ربي يعينك ، إنصرف النادل ورحت أنظر الى الطعام فلم أجده سوى سما زعافا فلم أتناول شيئا سوى حبة زيتون واحدة وقليل من الماء ! .. ناديت على النادل وطلبت منه فنجانا من القهوة ! وعندما حضر سألني : خير استاذ ألم يعجبك الطعام ، هل هو ردئ ؟ بالعكس منظره شهي جدا لكني لم أجد رغبة فيه لانسداد شهيتي ، هات فنجان قهوة رجاء وعلبة سكائر .
خرجت من المطعم في الساعة الواحدة وخمسِ وعشرين دقيقة عائدا الى البيت ، ألقيت ملابسي عني كونها كانت أشد وقعا على بدني من جبل أحد ! وأخذت حماما ساخنا ثم ضبطت المنبه على الساعة الرابعة والنصف عصرا .. وألقيت نفسي كالميت على سريري ، وكأنني لم أنم منذ خمسين عاما !! ورحت في نوم عميق .. راودتني فيه كوابيس شتى ووساوس كادت أن تشق صدري فاستيقظت فزعا على صوت المنبه وحبات العرق أخذت طريقا لها في كل بدني .. ياربي أزفت الآزفة ليس لها من دون الله كاشفة ! لم تتبق سوى تسعين دقيقة عن المعركة الحامية والفاصلة بذات الوقت .. إنها معركة إمتحان يكرم المرء فيها او يهان !.. حلقت ذقني مرغما ثم أعددت فنجان قهوة آخر ورحت أرتشف سيكارة بعد أخرى وعيني لم تقع عن عقارب الساعة .. في الساعة الخامسة وخمس واربعين دقيقة أرتديت اجمل بدلة عندي ووضعت الهدية امامي بانتظار السيارة التي ستوصلني الى حيث تكون تلك ( البلوى ) التي إسمها غفران ، وما ادراكم ماغفران ؟!! لم أكد انهي السيكارة الرابعة حتى قرع الجرس .. والله كنت أشعر ان المسافة بيني وبين أكرة الباب مليونا من الأميال على الرغم من انها لن تبعد سوى مترين ! وبعد جهد جهيد فتحت الباب فأذا به شاب وسيم جدا تعلو وجهه ابتسامة مشرقة فبادرني القول : السلام عليكم .. وعليكم السلام أنت من طرف السيدة غفران ؟ نعم استاذ فالسيارة بانتظارك .. لم اجد مفرا من الذهاب معه رغم ترددي الشديد في عدم الذهاب . حاولت أن أقدم أعتذارا بحجة مرضي لكن الشاب قال: والله لولم تأت لقتلتني السيدة غفران هذا إن لم تطردني من العمل فهل يرضيك ان تقطع رزقي ؟ لا والله ماعاش من يتسبب لك بذلك ، فلنذهب وأمري وامرك لله ! .. حمل الشاب الهدية وسار امامي ولما وصلنا السيارة فتح الباب الخلفي بكل أدب قائلا : تفضل إستاذ ، وكم كانت دهشتي كبيرة حين رأيت غفران تجلس في المقعد الخلفي ، أي انها ستكون قربي ولن يفصلها عني سوى سنتمترات قليلة ! .. تمام تمام ! كيف سأتصرف في هذا الموقف وأين المفر جاءك الموت ياتارك الصلاة ؟!!
وعندما صعدت الى السيارة إنطلق صوت فيروزي جميل : (هلو ) مفاجأة صحيح ! وأخيرا أنا وأنت في مكان واحد ! كنت أنتظر هذا منذ شهرين ولم أطق الصبر في البيت فقررت أن لاتفوتني فرصة مرافقتك واغتنم تلك الدقائق الغالية لحين وصولنا الى البيت .. هل البيت بعيد غفران ؟ لا أنه قريب لكني أمرت السائق أن يسلك طريقا طويلا كي أحظى فيك لوحدي أطول فترة ممكنة !! أيتها الملعونة الماكرة ماذا تريدين مني ؟ أنطلقت منها ضحكة ماكرة وقالت : أنت لم تر مكري بعد .. كلمني عن نفسك .. اسمعني غزلا .. شعرا .. نثرا .. فأنا لا أريد أضاعة دقيقة واحدة ! سأصمت وانت تتكلم كي أحفظ نبرات صوتك وأضيفها الى ذاكرتي التي ستكون حكرا عليك وحدك .. يالها من مفاجأة ( جميلة ) بلا شك .. حاضر سأقول لك شعرا لكن إبتعدي قليلا عني كونك تجثمين على صدري ! أحست بالحرج مما هي عليه وأبتعدت قليلا وعلامات الغضب بدت عليها .. إسمعي سيدتي الجميلة :
رَسَمَ الكرى بين الجفون محيـلُ ………… عفى عليه بكــاً عليك طويـلُ
ياناظراً ما أقلعت نظراتــــــــــه …………. حتى تَشحط بينهــــن قتيـــلُ
أحللت قلبي من هواك محلــــةً ………….. ماحلها المشروب والمأكـولُ
بكمال صورتك التي من دونها ……….. يتحير التشبيه والتمثيـــــــل !!
الله الله الله .. كلمات قالتها ولم تستطع حبس دموعها التي تشبه حبات من اللؤلؤ المكنون … وأضافت : بالله عليك زدني ايها العاشق الولهان !! .. سيدة غفرا… قاطعتني قائلة : بلا سيدة بلا بطيخ ، غفران وبس أرجوك ..
(( للحكاية تتمة ))

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب