.. أغلقت الهاتف بوجهها رغم علمي أنه تصرف غير مهذب ، ورحت مستغرقا بتفكير عميق علني اجد مخرجا من ذلك المأزق الذي داهمني على حين غرة ، لم يزرني النوم في هذا اليوم وبقيت جالسا أتأمل وابحث عن مخرج لما انا فيه ، فمستقبلي فضلا عن سمعتي على المحك ، وكلما أهتدي الى حل أراه بجانبي لكنه سيتسبب بكسر قلب تلك الفتاة ، فما الذي أعمله ياربي ؟ هل ألغي عقدي وأرجع الى بغداد وأنقذ نفسي وسمعتي ومن الله العوض وعليه العوض أم اظل بين مطرقة البنت وسندان كبريائي ؟ .. ولو عدت الى الديار ماذا سأقول للوزارة ؟ هربت من بنت في العشرين من عمرها تعشقني عشق المراهقين ؟!! .. بحثت عن حالة مشابهة في بطون الكتب كي أتمكن من التصرف الصحيح دون أن أؤذي تلك الفتاة فهي لاذنب لها مثلما لاذنب لي ! وكل الحالات التي إطلعت عليها إما تنتهي بنهاية حزينة أو تنتهي بخطيئة يرتكبها الرجل عادة ، ومنهم من إنتحر نتيجة لتلك الخطيئة والعياذ بالله ، وأنا أنآى بنفسي عن مهاوي الردى وعن كل ما من شانه ان يغضب الله سبحانه وتعالى ، وعلى الرغم من عدم وجود أي مانع شرعي يحول دون الإرتباط بتلك البنت من حيث فرق السن أو المستوى لكني اجده غير مناسب لرجل في عمري ذلك لأني أسير تقاليد صارمة ، سيقول السفهاء ذهب ( الأخ ) للعمل ثم مالبث أن جاء بزوجة بعمر أولاده ! وتلك هي الطامة الكبرى ، وعلى الرغم من أن مراقبة الناس تعني الموت هما ولكن لامحيص عن التسليم بذلك كوني أعيش وسط الناس شئت ام أبيت .
الساعة الآن تشير الى الرابعة وخمسٍ وعشرين دقيقة من فجر يوم الخميس ، ياربي بقى كم سويعة على بدء الدوام ، مالذي يخبؤه هذا اليوم ياترى ؟ وماذا ستعمل هذه المجنونة ؟ هل ستلقي بورقة اخرى ام ستتصرف تصرفا أرعنا يحرجني امام الطلبة ؟ .. فكرت أن أدعي المرض وأتملص من الدوام ليومين متتابعين لكني خجلت من نفسي اولا ومن زميلي الذي سيحل عوضا عني وهذا يعني وقوفه ثمان ساعات متواصلات في قاعتين للدرس ، وهذا ظلم لا أرتضيه لنفسي فضلا عن زميل لي وقد تعرفت عليه حديثا ؛ .. الساعة تقترب من السابعة الا ربعا من صباح يوم الخميس .. سأخرج الى الجامعة وليكن مايكون !! قررت أن أكون صارما معها هذه المرة وربما سأطردها من الفصل فيما لو أساءت الأدب او تمادت في غيها ، وقد سألت الله ان يجنبني ذلك الموقف وأن يمر هذا اليوم بسلام وكأني في مواجهة دامية في ساحة المعركة !!
وصلت الى الجامعة في الساعة السابعة وأربعين دقيقة فكنت اول المتواجدين في غرفة المدرسين .. طلبت فنجانا من القهوة إستعدادا لمراجعة درس اليوم وهيأت خطة الدرس وملخصا للمحاضرة التي كانت في فقه اللغة .. وما هي سوى لحظات حتى جاء زميلي الدكتور ( عبد المحسن ) الذي أناب عني يوم أمس وأعطاني ملخصا لما قام به عوضا عني .. سألني عن وضعي الصحي فوجدتها فرصة كي أحكي له عن تلك البنت سيما وهناك وقت بين الحديث معه ومع إنطلاق المحاضرة الأولى ..
* استاذ ممكن نتحدث على أنفراد خارج القاعة ؟
– بكل سرور تفضل
* والله لا أعرف من أين أبدأ !! وكيف سأبدأ ؟
– لو كنت بحاجة الى أجازة فأنا على استعداد للقيام بواجباتك بكل ممنونية ..
* شكرا لست بحاجة اليها ، أنما …… وسردت له القصة من الألف الى الياء ، وانا بانتظار ردة فعل الزميل وبماذا ستجود عبقريته وعلى الرغم من إرتسام حيرة كاملة على وجهه لكنه إبتسم إبتسامة جميلة وقال : هون عليك فلكل عقدة حل ، والحل بسيط جدا !!
( للحكاية تتمة )