23 ديسمبر، 2024 10:11 ص

حكاية أغرب من الخيال -10 

حكاية أغرب من الخيال -10 

.. حين سمعت غفران تلك الأبيات أنطلقت منها إعجابات شتى ولم تستطع حبس تلك الدموع التي تشبه حبات اللؤلؤ النقي ، وأضافت : بالله عليك زدني فما أراك سوى عاشق ولهان تستطيع ان تكتم عواطفك بشكل متقن ! قلت لها : ما هي بعواطف ولا يحزنون إنما شعر أحفظه منذ زمان بعيد وقد اسمعتك إياه بناءً على رغبتك ، ولا أريد أن أفوت عليك فرحتك بهذا اليوم السعيد !.. إذن أنت تجاملني فقط ؟ لايهم لك هذا ! أسمعني مزيدا منه فقد أقتربنا من الوصول : حاضر سيدتي سأسمعك المزيد لكنه لا يعبر بالضرورة عما بداخلي إزاءك ، لأني لا أراك سوى بنت صغيرة (دلوعة ) نوعا ما ويبدو إنك لاتقدرين العلاقة الأبوية بين الاستاذ وطالبته واستغرقتِ في حلم جميل سيرمي بك الى عواقب غير حميدة الجوانب .. هل عدنا الى الحديث غير المجدي ؟ أراك تريد قتلي بهدوئك المميت وببرود أعصابك التي سببت لي الموت البطئ ، فأتق الله بإمرأة منحتك قلبها دون مقابل ولا تكن ( متعجرفا ) أكثر من هذا ، وكن بقلبي رؤوفا رحيما .. إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء !! .. ومن قال لك أني فظ وغليظ القلب ؟ كل الذي أريد أن أوضحه لك إنما ينبع من حرصي الشديد عليك ، هذا كل ما في الأمر ! أعرف هذا استاذ ولكني حذرة أكثر مما تتصور وأعرف جيدا مع من أتعامل وكيف أتعامل ، فلا تفسد يومي بأمورك السياسية العقيمة ، وتذكر أنك سكنت قلبي وتربعت فيه وليس من السهل الخروج منه ! هيا إسمعني شعرا كدنا نصل الى البيت ؟!.قلت في نفسي: سبحان الله ماهذه البنت ؟ هل هي بنت حقا أم شيطان يرتدي ثياب بنت بريئة ليوقعني في فخ لن أخرج منه إلا بفضيحة تهز كياني وتهدد سمعتي ومستقبلي بذات الوقت ، لابد من إتخاذ قرار عاجل بصدد هذه البلوى وإلا سيتدمر مستقبلي بالكامل ولن ينفعني ندم مهما كان عظيما ، ماذا سأتخذ من قرار .. هل اطلب من السائق التوقف والعودة الى بيتي أم استمر في هذه المهزلة ؟ لا بد من الصبر لأعرف ماذا سأقرر .. وهنا قالت غفران : اراك سرحت بعيدا هل نسيت الشعر أم ماذا حصل ؟ لا لم يحصل شئ إنما إستغرقت في تفكير عميق ، فهل الذي نفعله هو الصحيح ؟ قالت : نحن لم نفعل شيئا محرما !! .. ياسلام وماذا تسمين هذا الموقف الشاذ هل هو جلسة دينية في تعلم القرآن أم سياحة في الحرم المكي ؟ كوني واقعية ولا تنساقي وراء الخيال فيقتلك ببطء حينها تخسرين كل شئ .. لما سمعت غفران هذا الكلام أجهشت بالبكاء ثم فتحت باب السيارة وأرادت أن ترمي بنفسها لولا ان تداركت الموقف باللحظة المناسبة وأمسكت بطرف جلبابها .. فوجدتها بين أحضاني دون شعور ! وهي تدفن رأسها بصدري وأحسست بأنفاسها الساخنة تلفح وجهي بشدة لدرجة أقتربت مني بشكل كامل والتصقت بي بقوة ، فقلت لها : مالذي تفعلينه أيتها المجنونة ؟ دعني أقتل نفسي واستريح ! سبحان الله على طبعك يابنت .. ماهكذا تحل الأمور إنما بالعقل والتروي .. نظرت اليها وقد أحمرت عيناها من شدة البكاء وهي ترمقني بنظرات ملؤها الرغبة والشوق في أحتوائي بالكامل ! لم أشعر إلا وهي تطوقني بذراعيها وتجذبني اليها بقوة ولولا بأسي وردة فعلي لقامت بارتكاب حماقة لاتليق .. إنتبهت وقالت : آسفة أنت من أجبرني على ذلك !! أنا ؟ ايتها المتهورة الصغيرة .. هل أنا الذي فعل هذه الفعلة الشنعاء .. رجاء إلزمي حدودك ويكفي لهذا الحد وأقسم بالله لو تكررت مرة أخرى لأفصلن رأسك الفارغ عن جسدك .. يبدو ان أهلك لم يحسنوا تربيتك .. بس إستاذ .. ولا كلمة ! متى نصل الى البيت الملعون ؟ هاهو البيت قريب من هنا .. بعد لحظات من ذلك الموقف السخيف توقفت السيارة فتنفست الصعداء ترجلت من السيارة فتبعتني غفران ثم السائق والأخير أعطاني الهدية مشيرا الى حملها من قبلي ( أحسن ) كوني من سيقدمها لغفران في الحفلة .. تقدمت غفران مني ورجتني أن تتأبط ذراعي لتشعر بالفخر كما تقول !! .. ربي رحماك أنقذني من هذه اللجة .. لم أجد مفرا من الإنصياع لرغبتها فدخلنا البيت وهي تتأبط ذراعي اليمين وتتصرف كسيدة مجتمع من طراز فريد .
ولما دخلنا كان المنظر رائعا حقا .. الزينة في كل مكان وكانت مرتبة بشكل جميل وبذوق رائع .. إستأذنت غفران وقالت: أسمحوا لي لبعض الوقت كي أغير ملابسي ، بقيت أنظر في وجوه الحاظرين الذين كانوا لايتجاوزون الأربعة وكانت معهم
سيدة أربعينية فائقة الجمال عرفتني بنفسها على أنها والدة غفران فرحبت بها وسلمت على الحاظرين ثم إنزويت جانبا وجلست على أحد المقاعد المتطرفة نوعا ما ، وقلت خذوا راحتكم وأحتفلوا بالطريقة التي تثبت أنكم اناس متحضرون ، ولا تسببوا الإزعاج الى الجيران فربما فيهم المريض والمتعب ومن هو في حاجة الى الراحة .. لقيت إستجابة طيبة من الحاضرين إذ أنهم كانوا شبابا ظرفاء رغم أني لم أتعرف إلا على واحدٍ منهم كان من ضمن طلابي أما الباقون فكانوا من أقربائها على ما يبدو …. خرجت غفران مقبلة علينا وهي ترتدي فستانا كانه من ثياب الحوريات ! وتضع مكياجا خفيفا زادها روعة وحسنا .. وقفت مهللا ومرحبا بها ووجدت نفسي مصفقا دون وعي مني فشاركني التصفيق من كان هناك واستمر زهاء الدقيقتين ! ولما توقف التصفيق قلت :
كأن ثيابه أطلعــــــ …… ن من إزاره قمرا !
يزيدك وجهه حسنا …….. إذا ما زدته نظرا !
بعين خالط التفتيـــــــــــــــر من أجفانها الحورا !
ووجه سابري لو ……… تصوب ماؤه قطرا
وقد خطت حواضنه …… له من عنبر طررا !!
ولما أتممت قراءة هذه الابيات التي لاقت أستحسان الحاضرين ، سألني احدهم : مامعنى ( السابري ) ؟ قلت له معناه : الجميل ! فقال لمن هذه الأبيات ؟ قلت : إنها لأبي نؤاس من ديوانه ( الغزليات ) .. تقدمت غفران نحوي وكانت تعلوها أبتسامة غناء فقالت : شكرا لك استاذ لقد أثلجت صدري وفرحتني بهذه الأبيات ، شكرا لك سيدتي الجميلة ، وما دمنا بصدد هذه الحفلة لم اجد أثمن من كتاب الله أقدمه لك وهذا القلم الجميل هديتان مني .. قالت غفران : والله أنهما اجمل هديتين تلقيتهما لحد الآن إختيار موفق ..
(( للحكاية تتمة )) فترقبوا