19 ديسمبر، 2024 12:11 ص

حكايات  الديمقراطية..!

حكايات  الديمقراطية..!

الفراغ الرئاسي في لبنان واتحاد ادباء البصرة ..
خلال أقل من اسبوعين التقى الناس في مملكة بريطانيا العظمى بثلاثة أمور خطيرة  :
استفتاء شعبي انتج قرار  انسحاب الدولة البريطانية من الاتحاد الأوربي.
استقالة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون طواعية من منصبه . ظهر على الشاشة  التلفزيونية مسروراً زاهداً.
انتخاب تيريزا ماي رئيسة للوزراء . ظهرت على الشاشة مسرورة ، زاهدة.
أمور كبيرة ، خطيرة،  جرت من دون أن يضرب شرطي بريطاني واحد أي مواطن بريطاني ومن دون أن يتمزق ثوب أي امرأة متظاهرة، لا من المؤيدات للاتحاد الاوربي ولا من المعارضات . كما لم يتمزق قماش أي قنفة حكومية ولم يتكسر أي باب أو كرسي من أملاك الدولة، بالرغم من وجود انقسام بنسبة خطيرة في صفوف الشعب البريطاني .  ما شاهدنا لا دبابات ولا طائرات  ولا زعيم سياسي يرتدي بدلة عسكرية علماً بأن كاميرون كان يشغل منصب القائد العام للقوات البريطانية المسلحة . تيريزا تحمل اللقب ذاته وليس بكنتور غرفة منامها أي ملابس عسكرية .
المهم أنك لا ترى في لندن خلال فترات الأزمات الصعبة  لا اقفاص زجاجية   يجلس فيها أو خلفها خطباء متدينون أو غير متدينين، كما هو حال الخطباء بلبنان والعراق.
السبب بهذا النجاح والفلاح  والمراح في الدولة البريطانية هو وجود ديمقراطيين حقيقيين  لا يقف خلفهم أو فوقهم كهنة أو قساوسة أو رجال دين.. السبب هو وجود ديمقراطية يجلّها الرأسماليون والعمال.. يجلّ مبادئها  متدينون يذهبون كل يوم أحد إلى الكنيسة ، كما يجلّها ملحدون يسكرون في الحانات كل يوم أحد.
لا يوجد برلماني  يهب في بريطانيا درهما ولا دولارا  ولا جنيهات إسترلينية مقابل صوت انتخابي لأن كل ناخب ومُنتخب هو عزيز النفس والصوت.  كل واحد منهم يريد تعظيم شان وطنه وشعبه وإنْ اختلفوا .. جميعهم يتبارون في سباق المارثون السياسي من اجل تقبيل حبيبته كلما انتصرت بريطانيا  او خسرت بمعركة من معارك التقدم إلى أمام من غير أي وجود لأحزاب الدين السياسي .
ديمقراطية بلادنا ليست مثل بريطانيا ، بل  مثل الجمهورية  اللبنانية حيث  ارتبطت السياسة بالمذهب الديني وشاع دور الدين بكل شيء ،حتى ظهرت (أحزاب الإسلام السياسي) و(أحزاب المسيح السياسي)  منتصبة  فوق كل شيء، فوق الوطنية والمواطن، فوق الديمقراطية والديمقراطي..  صار السيف السياسي – الديني، أبن الخنا،  هو الصوت الوحيد في الحجرات والمؤتمرات والاجتماعات وصارت الرشاشة الأوتوماتيكية، بنت الزنا، هي الأداة والآلية بكل شيء ولكل شيء.  صار الضرب على ظهر  الشعب سبعين جلدة أو ثمانين هي الديمقراطية العراقية.
تم انتخاب رئيسة وزراء بريطانيا العظمى خلال بضع ساعات بينما  نجد (الفراغ الرئاسي) لم يتم تجاوزه في لبنان إذ صار (دولة من دون رئيس) منذ ثلاثة  سنوات لأن حجرة البرلمان اللبناني  خالية من مبادئ الديمقراطية.   كذا الحال في البصرة حيث نجد (الفراغ الرئاسي) في اتحاد الأدباء بعد أن  اختلفت الهيئة الادارية  حول انتخاب (الرئيس)  لان مربية الديمقراطية لم تصل، حتى الآن، إلى حجرة تضم خمسة أدباء  فقط هم الهيئة الادارية الجديدة ،  لتسقيهم حليبها المليح الصحيح المريح حتى لا ينقطع سيلان الدم من عروق الديمقراطية العراقية مثلما انقطع عن البرلمان اللبناني.
صار الناس في بغداد دار السلام وبيروت دار الحرية   ينعون من بناها ويلعنون  من لم يجد في ضيم الديمقراطية سواها.
ـــــــــــــــــــــــــــــ