23 ديسمبر، 2024 10:42 ص

حكايات إنتخابية – 1 / ريـــــال مدريد وبرشلونة في بغداد

حكايات إنتخابية – 1 / ريـــــال مدريد وبرشلونة في بغداد

لم أجد نسخة مشابهة لحملة الإنتخابات العراقية أكثر من دوري كرة القدم، (لاعبين وفرق وروابط مشجعين وجمهور)، ولو أننا إعتمدنا مقارنة سريعة بين الأثنين (دوري الإنتخابات ودوري كرة القدم) فإننا سنجد أن هناك صراع وتنافس محموم ومقتصر على وبين ناديين كبيرين ينقسم الجمهور حولهما كلما حان موعد هذا الدوري!!، ورغم وجود رديف ثاني وثالث لهذين الفريقين، فإنها عاجزة عن سرقة الأضواء منهما، وأمثلة ذلك كثيرة، منها فريقي (ريال مدريد وبرشلونة) في إسبانيا و(الأهلي والزمالك) في مصر و(الزوراء والقوة الجوية) في العراق وهكذا في بقية البلدان. لنتحدث هنا عن المثال الأول، عن ريال مدريد وبرشلونة، فبرغم وجود العديد من النوادي في أغلب المدن الإسبانية، فإن جمهور تلك المدن لابد وأن ينقسم في النهاية الى نصفين، أحدهما مع الريال والثاني مع البرشة، متجاهلين نوادي مدنهم، أما لاعبي بقية النوادي فهم على هذه الشاكلة!، فبرغم دفاعهم عن ناديهم أو فريق مدينتهم لكن أعينهم في النهاية مصوبة على أحد الناديين الكبيرين، أملا في إستدعائهم لينضموا إليه ويلعبوا لصالحه، فلا أحد يريد أن يظل مغمورا في نادي ثانوي أو رديف. ومهما علت الأصوات المعترضة ومهما فعلت الفرق الثانوية وأنفقت من مال ودعايات فلا يمكن أن يزحزحا هذين الفريقين عن مكانيهما أو أن يكسبا ما كسبا من شهرة ومكانة. يتبارى في الإنتخابات العراقية اليوم فريقين كبيرين، وكلٌّ منهم يستعد للبطولة كل اربعة سنوات، فينفقون المال ويستقطبون الوجوه (اللاعبين) الجدد ليضنموا الى صفوفهم، أما المدربين فمشغولين في تغيير خططهم وتكتيكاتهم ودعاياتهم!. ولا ننسى أن داخل كل من هذين الناديين هناك منافسة شرسة بين أقطابه على أحقية تمثيلهم للنادي، مقدمين العهود والوعود من أنهم الأجدر بإنزال الهزيمة في النادي المقابل!، مستخدمين في ذلك كل الوسائل الشريفة وغير الشريفة. من الصعب على العراقي اليوم أن يدير ظهره لهذا الصراع والتنافس بين الفريقين، فأهمية أن يتقدم أحد الناديين على الآخر تشغله جدا، والناس بأغلبيتهم محكومين بعواطفهم تجاه الفريقين أكثر مما هم مهتمون بأمور أبعد وأكبر. فالريالي يريد أن يهزم البرشاوي قبل كل شيء، وكل ماعدا ذلك يأتي في الدرجة الثانية. أعرف العديد من (السياسيين) اللاعبين المهرة ممن كانوا يشتمون الريال والبرشة (الفريقين العراقيين) لسنوات غير قليلة، يسارعون للإنضمام الى أحد هذين الفريقين!!، هؤلاء الان يعتمرون العمامة الريالية أو البرشية طمعا في الفوز بغنيمة ولو على حساب مبادئه التي ظل يسوّقها للجمهور، وهؤلاء بالتأكيد هم الخاوون. (عندما يتراجع الدين لصالح المدنية، وعندما تتراجع القبلية لصالح الدولة وقوانينها العصرية، وعندما يتراجع الجهل وتتراجع أمية الثقافة لصالح التنوير والمعرفة، وعندما يتراجع المجتمع الذكوري لصالح المجتمع المتحضر، وعندما تتراجع التقاليد والأعراف البالية أمام المنظومة الأخلاقية الحقيقية، وعندما يعود العراق مجددا الى ما قبل الترييف الصدامي، ويعود العراقي معافى من الأدران البدوية التي أبتلي بها … حينها سيكون بالإمكان الحديث عن تنافس برامجي وحضاري إسوة بالبلدان المتقدمة، فالشمس لا تصل الى الأقبية والسراديب بمحض أماني). ستبحُّ حناجرنا من أجل تغيير هذا الواقع، وننام على أحلام قديمة جديدة أملا بصبح غير آت. طاب عراقكم.