23 ديسمبر، 2024 2:50 م

حكام العرب ومعجم المصطلحات

حكام العرب ومعجم المصطلحات

لقد عشنا النصف الأخير من القرن الماضي من خلال التلفاز والقراءة والمعانات بين طياته ، وحياتنا قد قربت من نهايتها ولم نعرف الى يومنا هذا ماذا تعني هذه المصطلحات في قاموس الخطاب السياسي للحكومات العربية :

الحرية : لا يخلوا خطاب من مصطلح الحرية وحرية الشعوب وجميع الشعوب العربية لا تعرف شيء أسمه الحرية بجميع أنواعها إلا حرية الأكل والشراب والجنس وما عداها ممنوع ومن يريد دخول هذا الباب فأنه سيستقر في قعر السجون أو حياة الغربة والمهجر وفي كثير من الأحيان سيدخل مشنوقاً تحت طيات التراب .

التبادل السلمي للسلطة : عندما يرفض حكام العرب التغيرات في حكم البلدان يفضلون تقديم مصطلح التبادل السلمي للسلطة وجميعهم لم يصلوا الى كرسي الحكم إلا بالإنقلاب أو الخيانة أو القتل .

تطلعات الشعوب العربية : الى ماذا تتطلع الشعوب العربية هذا ما تجهله جميع الحكومات ومن يكتب لهم خطاباتهم السياسية وحتى الشعوب لا تعرف الى ماذا تتطلع ؟؟؟ .

فلسطين القضية المركزية : هذه العبارة حطمت جميع الأرقام القياسية في كثرة كتابتها في الخطاب العربي بل هي كالماء للحياة بالنسبة للخطاب العربي ، ونشاهد أغلب الدول العربية عندها علاقات سياسية وإقتصادية وكذلك عسكرية مع المحتلين الصهاينة بل الحكومات العربية نفسها من يحاصر الفلسطينين ويمنع عنهم حتى الغذاء والدواء .

المقاومة : كان هذا المصطلح يصدح في الخطابات الثورية العربية خلال نهاية القرن العشرين حتى غُيّر هذا الخطاب معنى المقاومة الى الإرهاب فمن يقاوم الإحتلال الإسرائيلي إرهابي ومجرم ويجب ملاحقته وطرده من جميع البلاد العربية .

أعداء الأمة العربية : في كل خطاب نلاحظ الحاكم العربي يشدد على مواجهة أعداء الأمة العربية ولكن لم يحدد الحاكم من هو العدو ، لأن المعروف هو الكيان الصهيوني والغرب ولكن واقع الحال يقول هؤلاء هم الحليف الأفضل لجميع الحكومات العربية ، وهذه الحكومات جميعها قد واجهت شعوبها العربية بالقوة والنار ؟؟؟.

الدفاع المشترك : جميع القمم العربية تركز على جملة الدفاع المشترك ولم تجتمع هذه الحكومات ضد اي عدو خارجي في كل تاريخها الغير مشرف لكل عربي ، ولكنها تجتمع في كل مرة على واحد من الشعوب العربية وتقوم بقتله وتدميره فهذه سوريا والبحرين والعراق واليمن وكذلك ليبيا وطريق القتل والدمار مفتوح على مصراعيه أمام بقية الشعوب.

عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية : هذه العبارة بهارات القرارات الختامية لجميع القمم العربية واللقاءات الأخوية ، ولكن لم تستطع دولة واحدة من هذه الدول أن تترك جارتها العربية من دون تدخل في شؤونها الداخلية بل كل دولة عربية تحتضن معارضي الدولة المجاورة وترسل الجواسيس وتخطط لقلب السلطة في بلد الجوار ، حتى اصبحت الحكومات العربية تتبنى تطلعات الشعوب العربية الاخرى أكثر من شعوبها ، لأنها تعمل دوماً من أجل مصلحة الشعب الجار أكثر من شعبها أعتماداً على مقولة الجار ثم الدار ؟؟؟.

الأخوة العربية : تتغنى حكوماتنا بمبدأ الأخوة حتى تناغم مشاعر شعوبها المغلوب على أمرها ، ولكن واقع الحال يثبت لنا أن الأخوة حقيقتها في قاموس الحكومات العربية تعني العداء ، وهذا ما نعيشه صباحاً ومساءاً ونشاهد بأم أعيننا عداء الحكومات العربية لبعضها البعض بل وصل في كثير من الاحيان الى القتل والذبح والحرق والدمار بأيدي أخوتنا العرب.

البعد الإستراتيجي : مصطلح يصعب تحديد محتواه مع قادة العرب يصدح به اللسان ولكن فارغ المعنى في نظرتنا الدفاعية أو السياسية ، لأن حكوماتنا العربية قد عادت جميع الجيران ولم تبقي أحد إلا وأعطته أقبح الأسماء والعناوين إلا إسرائيل فهي حقيقة البعد الإستراتيجي العربي للحكام .

الديمقراطية : كلمة يستعملها الخطاب العربي من أجل تجميل الكلام وفي التطبيق تختلف حكوماتنا في طريقة التطبيق ولكنهم يجمعون على نسبة المشاركة والفوز أن لا تقل عن %99.5 والحاكم يستمر في حكمه مدى الحياة لأنه الأعرف في تحديد مصير ومصلحة الشعب ولا يُغَير الرئيس إلا بوسيلة من وسائل الديمقراطية كالإنقلاب والمؤامرة والخيانة والقتل ؟؟؟.

الإرهاب : قد تناقضت جميع القواميس بهذا المصطلح فالذي يعتقد بأنه جهاد هو في حقيقة أمره إرهاب والذي يقوم بالإرهاب هو في حقيقة أمره جهاد ، حتى ضَيّع حكام العرب طريق فلسطين أيكون عن طريق الجهاد أم الإرهاب ؟؟؟

حرية العقيدة : تخبرنا الحكومات عن أحترام حرية العقيدة وقد اثبتت عدالتها في تطبيق هذه الحرية فقد قامت هذه الحكومات بقتل جميع المذاهب والأديان السماوية بحرية واحدة ، فهذا الشعب السوري السني والمسيحي وهذا الشعب العراقي الشيعي والمسيحي والأزيدي والصابئة وهذا الشعب اليمني السني والزيدي وهذا شعب فلسطين السني تحاصره الحكومات العربية وهذه ليبيا وتونس ومصر وجميع الشعوب العربية تقتل تحت عنوان التكفير وحكوماتنا تنادي بحرية العقيدة ؟؟؟ .

لقد أنتهت سبعون سنة من حياة جامعتنا العربية وهي تنادي بهذه المصطلحات وتصدح بها ، وجميعنا قد كرهها لأنها العناوين التي بها قتلتنا هذه الحكومات وأراقت دمائنا وجوعتنا واضطهدتنا وظلمتنا واضعفتنا وسوف نترك هذه الحياة ونحن لا نعرف كيف نخلص من مجرمينا وقاتلينا حكام العرب مع مصطلحاتهم التي بها قد سيطروا على أمة العرب .