17 نوفمبر، 2024 8:43 م
Search
Close this search box.

حكامنا كلهم يزيد ولاحسين فينا !!!

حكامنا كلهم يزيد ولاحسين فينا !!!

قال الحسين عليه السلام شارحا موقفه وموضحا سبب خروجه على الحاكم :
( لم اخرج بطر ولا آشر انما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي رسول الله )
وقال عليه السلام مقارنا بين الموت والحياة  مع الحاكم الظالم ..
( لم ارى الموت الا سعادة .. والحياة مع الظالمين برما  )
ربما هذا هو السبب الاساسي لخلود ثورة الحسين وشيوعها وعالميتها وصيرورتها مع الزمن حيث لم يردها خاصة لنفسه او اتباعه , لم يبحث عن حكم ولم يغريه بريق موقع ولم تتوق نفسه لسلطة وفرضها على الاخرين ولم يرنو بعينه لأثرة او مال او سعادة شخصية وانما كان دافعه ( طلب الاصلاح للامة وفيها ) وهذا يشمل طرفي المعادلة ( المحكومين والحاكمين ) الامة تحتاج الاصلاح يوم تتقاعس عن الاهتمام بشأنها فيتمادى الحاكم بغط حقوقها وسلبها ابسط ضرورياتها حد تحويها الى قطيع يسام الهوان ويساق بالسياط ومن هنا تحتاج للاصلاح بالوعظ والتنبيه والارشاد والعودة بها الى الجادة من خلال سلوك العائد بها وضرب الامثلة والمقارنة والاستشهاد بالمواقف والعبر وهذا مافعله الحسين ابتداء من تركه المدينة مرورا بمكة وقوفا عند تركها لها في يوم التروية وعدم الصعود لعرفات او اتمام الحج مفضلا فرض الخروج على الحاكم الظالم على فريضة الحج لانه اهم وهذا موقف يجب التوقف عنده في تفضيل فريضة على اخرى عند التزاحم او التلازم , وصولا الى كربلاء حيث ضرب اروع الامثلة قولا وفعلا ( يخيرني بين الذلة والسلة .. والله لااعطي بيدي اعطاء الذليل ولا افر فرار العبيد .. هيهات منا الذلة  ) الله ما اروعك ياحسين .. الله ما اصدقك ياحسين .. الله ما اشجعك ياحسن .. الله كم انت عزيز النفس وكريمها ياحسين .. الله ما انبلك ياحسين . في كربلاء لم يخض الحسين معركة انما اقام صلاة لله في محراب الثورة وائتم به نفر تيقنوا حد الكمال من دينه وعدالته ولم يتسرب الشك به لنفوسهم ولو طرفة عين فتابعوه مخلصين مع علمهم ان السيوف ستاخذهم فكانوا صفوة خلت من منافق او مرائي او مغرض وتوفرت في لحظة زمنية نادرة قيادة مكتملة الشروط والادوات ورعية تعرف مالها وماعليها وتؤدي عملها بقناعته دون تدخل من احد وبه اصبحت كربلاء المرجع الاكبر للثورة في التاريخ والمثل العالي على توحد القيادة والامة في وضوح الهدف وصدق النوايا وخلد الحسين القائد وخلد انصاره الرعية التي سمعت ورأت ووعت وتابعت وخلدت كربلاء درة تتوهج مع الايام على جبين التاريخ كثورة تقف دونها كل الثورات على الاطلاق .
و ( الموت سعادة .. الحياة برما  ) ظاهر القول مخالف للمألوف لان السعادة في الحياة وليس الموت لكن الحسين وهو المنطيق ابن امير البلاغة اراد ان يحقق به الصدمة للسامع الغائب والصحوة للسامع الحاضر وهو لا يقصد الموت الطبيعي الذي يمقته في كل الاحوال وانما الموت في ساحة مقارعة ظالم استلم مقاليد الامور قهرا من غير استحقاق لذا اوجب عليه الثورة وراى الموت سعادة وهو يحاول ازاحته عن الحكم ان لم ياتي النصر بالازاحة وكأني بالشاعر استوحى هذا المعنى فصاغ بيته الموحي الجميل :
( فتى مات بين الطعن والضرب ميتة
تقوم مقام النصر ان فاته النصر )
وبرم الحياة هو العيش في كنف راعي ظالم يسومك مر العذاب ويسرق كل حقوقك ويضاعف حملك بواجبات قسرية في الوقت الذي يستمتع بحقه وحقك ويحرمك منه وهذا الكلام موجه للامة دون الحاكم في ظاهره وان كان لايخلو من ايحاء للحاكم . ومن يحكمنا اليوم من اقصى اليمين الى اقصى اليسار علمانيين واسلاميين هم نموذج مطابق تماما ليزيد الحاكم الذي خرج عليه الحسين وتابعته الامة وان كان عددها قليلا لكن للاسف لايوجد بين ظهرانينا حسين اخر ولو كان فينا ( حسين ) لما رضى لنا السكوت على ان تسكن بنات وعوائل ابراهيم الجعفري وعمار الحكيم ومقتدى الصدر والمالكي والعبادي والاعرجي والنجيفي والاسدي وعلاوي والسوداني ومسعود وطالباني والدليمي والعاني والجبوري في لندن وامريكا وبيروت وتركيا وهولندا والدانيمارك والسويد وعلى ضفاف الانهار وفي المنطقة الخضراء ويتنعمون بثرواتنا ونحن نعاني شظف العيش وتسكن عوائلنا في المدن الخالية من ابسط الخدمات واحياء الحواسم او مجمعات المهجرين وتحز رقابنا على مدار ايام السنة شظايا المفخخات وخناجر الارهاب وقسوة الحاكم وتقاعسه وانشغاله عنا بمايسرقه من اموالنا وتراثنا وراحتنا وحريتنا وامننا , ولخاطبنا الحسين ان وجد قائلا : اين انتم من شعاري – هيهات منا الذلة – وطلب منا الخروج معه لطلب الاصلاح لكننا شعب استمرء ذله فخنع وتخلى عنه حظه وزمنه فلم يجود عليه بحسين جديدا يخرج طلب للاصلاح فينا ولنا في الوقت الذي جاد الزمان علينا بالف يزيد ويزيد يرفعون شعارات الحسين زيفا وخداعا لنا والانكى من ذلك اننا نعرف انه يزيد معاصر يرفع شعار الحسين ( هيهات منا الذلة  ) لخداعنا ونسكت ذلة وعجزا وخنوعا ويتابعه بعضنا .

أحدث المقالات