يبدو ان حديثنا عن محافظة ديالى ليس له نهاية، فهذه المدينة ترفض ان تخرج من دائرة الاحداث التي تتسارع انبائها مع احداث معارك الانبار التي انهالت علينا اخبار بدء تحريرها من رجس الدواعش، وعلها ان تكون خيراً مستمراً هذه المرة.
فالبرغم من سعي البعض الى صبغ الصراعات التي تحصل في ديالى بطابع طائفي مقيت، الا ان ارادة القيادات السياسية ودور العشائر والاهالي في تفويت الفرصة امام من اراد التصيد بماء التطرف والطائفة الذي اجمع الجميع على نبذه وراء ظهورهم بعد احداث خان بين سعد المؤلمة، وهذا امر مفرح خاصة بعد حرب التصريحات والمواقف التي افقدتنا التركيز على نكباتنا المستمرة.
فحكمة الساسة هناك افضت الى اتفاقات وتسويات (وفقاً لمصادر مؤكدة) ستسهم في عودة المئات من العوائل النازحة الى مدنهم التي هجروا منها بفعل المعارك مع داعش من جهة وبفعل اطراف سياسية ارادت ان تفرض ارادتها على مجتمع ابى ان يرضخ لابتزاز الصراع الزائف.
وقد يقول قائل بان الاوضاع ليست وردية كما نصورها، وهذا امر صحيح، لكن اصرار البعض على انكار حق الاخر في العيش جعله مصراً على حق العودة الى ارضه (للعلم ان الحرب هنا ليست دينية وانما حرب ولاءات مقيتة)، فالحرب لم تكن خياره والمواجهة ليست سبيله، ان الحياة الامنة كانت ولازالت مطلبه، ولا يمكن لاولئك الاقوياء (اذا صح وصفهم) فرض سياسة الامر الواقع، فليس كل واقع حقيقة او قابل للعيش، ولابد لك ان تمد جسور الاخوة والمواطنة بين جميع الاطياف، فالتجربة اثبتت من سعى الى بقاء التوتر مستمراً في مدينة ديالى وقد يكون بعضه صادماً لكم ولنا معاً، ان الايام حبلى بالكثير وسيكون لنا موقف مع اولئك الذين باعوا ولائهم للشيطان ببعض الدنانير.
ان تامين عودة النازحين الى قراهم ومدنهم ما هو الا اعتراف صريح بفشل كل المخططات التي ارادت لهذه المدينة ان تكون جزءاً من صفقة اكتشف صانعوها بانها صعبة التحقيق، فالجميع راغب في اعادة الحياة وطرد داعش واذنابها من الطائفيين الذين تخيلوا بان لاحلامهم متنفس في ديالى فخابوا وخابت امالهم، ان الاتفاق السياسي (اذا صح تسميته) سيشكل علامة واضحة في قدرة العراق على تخطي المرحلة اﻻصعب وتجاوز الخلافات واعادة صياغة المشهد بشكل اكثر وقاراً ووطنية.. فاليوم ديالى وغدا سيكون لنا في الانبار وصلاح الدين حديث اخر وليس ننيوى ببعيدة من هذا كله..
دمتم بعراق امن..