قال أحد الحكماء: “إذا اختفى العدل من الأرض لم يعد لوجود الإنسان قيمة.
اعتمد بعض الساسة على حصانتهم, التي يغطون بها فسادهم وفشلهم وسرقاتهم, فوضعوا ضوابط لعدم محاسبتهم, أو على أقل تقدير إقالتهم.
فَهِمَ المواطن اللعبة عبر سنين من الجور, أدت به الى العوز الشديد, حيث كان سابقا يرصد الخلل وبدقة, بالرغم من أن المرجعية المباركة, تعلم أين الخلل, ولمعرفتها التامة, أن الفاسد ليس له دين, ولا يخاف يوم المعاد, فقد التزمت بآلية النصح للمواطن.
عند شعور الفاسدين والفاشلين بخطر الدعوة للتغيير, فقد دس الدساسون أنفسهم, ليجيروا النصائح لصالحهم, في سبيل غش المواطن, دروع من الإعلاميين يعبدون الدينار, كانوا أداة بيد الفاسدين, ليبيضوا سمعتهم ويبعدوا ما شوهته تصرفاتهم, فأخذ أولئك الأجراء خلط الأوراق, لإبعاد الخطر عن أولياء نعمتهم.
بعد حصول الدعم المعنوي للمواطن, ضد الفاسدين من خلال خُطَبِ الجمعة, والتصريح بأحقيتهم لما خرجوا من أجله, مطالبة الحكومة بتحقيقها, مع المحافظة على سلمية التظاهر, مما جعل بكفة متأرجحة آيلة للسقوط, فعمدوا لإرسال المندسين, الذين لا يملكون إلا الطاعة لمغريات الدنيا.
كان من مطالب المتظاهرين, رفض مشاركة الساسة, لا سيما أعضاء البرلمان ورواد الفساد, القدماء منهم والجدد على حدٍ سواء, فليس من الممكن أن يحارب الفاسد نفسه, مطلبٌ أثار حفيظة المُرجفين, فدسوا أذيالهم بين المواطنين, لإثارة الشغب وحرف المسار.
عجباً للباطل حيث يرى نفسه, أعلى شأناً ليصعد على ظهر الحق, ظنا منه امتلاك الذكاء, مستغلاً صبر أهل الحق, لظنه أنه الغباء, أو الضعف والعجز! لا يفكر يوما أن لصبر المظلومين حدود! فيال بؤسهم حيث اشتروا مرضاة المخلوق, متناسين سخط الخالق.
قال ابو الدرداء: “اضحكني ثلاث وابكاني ثلاث مؤمل الدنيا والموت يطلبه, وغافل لا يُغفَلُ عنة, وضاحِكٌ مِلءَ فيه, لا يدري أساخط ربة ام راضٍ, وابكاني هول المطلع وانقطاع العمل, وموقفي بين يدي ربي, ولا ادري أيؤمر بي الي الجنة, ام الي النار.
العدل أساس المُلك, جملة من ثلاث كلمات, تختصر لمن يريد دوام ملكه, فإن انحرف عن مسار العدل, فلينتظر السقوط الذي لا قيام بعده, حكم المالكي ومن تبعه من الظالمين, ثماني سنوات عجاف, معتمداً على قضاء فاسد هرم, متمسك بدنياه الغارقة بالرذيلة, المغذية للطغاة.
مطالبات واضحة بإصلاح القضاء, وإقصاء قضاة الحُكام الذين وضعوهم, لوطدوا لحكمهم, حصل الدعم الشرعي لهذا المطلب, ليجن جنون العجوز, فتحرك على قانون الحماية ليستمد بقاؤه منه, لقناعته بحال خروجه, فسيحاسب لا محالة” فالظلم أساس الهلكة”.
هل سينقلب السحر على الساحر؟ ليحاسب القانون من كان مسيطراً عليه, أم أن الالتفاف على المطالب سوف يبقى, فيرجع القضاء المالكي, بعد تحصينه بعضوية البرلمان, ليرتقي عرش الحكم؟
إن من يؤمن بمبدأ المؤامرة, لا يحمي نفسه إلا بها, فما بين قضاء فاسد, ومندس يعبد المال, قد يتحقق إسدال الستار, ليصبر المواطن ثلاث سنوات إضافية.