«وَاللاَّتي يَأتينَ الفاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُم فَاستَشهِدوا عَلَيهِنَّ أَربَعةً مِّنكُم، فَإِن شَهِدوا فَأَمسِكوهُنَّ فِي البُيوتِ حَتّى يَتَوَفّاهُنَّ المَوتُ أَو يَجعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبيلاً، وَاللَّذانِ يَأتيانِها مِنكُم فَآذوهُما، فَإِن تابا وَأَصلحا فَأَعرِضوا عَنهُما؛ إِنَّ اللهَ كانَ تَوّابًا رَّحيمًا.» (4 النساء 15 – 16)
الله حسب التصوير القرآني لا يخاطب المرأة بضمير المخاطب، بل بالضمير الثالث عبر الرجل، لأن الله في وعي الدينيين، ولو من غير تصريح، إنما هو ذكر، ولذا فهو يتكلم بلغة ذكورية، والذي يؤكد ذلك هو وجوب أن تتحجب المرأة عندما تقف بين يديه لتصلي، بالرغم إن عقيدة التوحيد تنزه الله عن تشبيهه على أي نحو بالبشر أو بأي مخلوقات أخرى «لَيسَ كَمِثلِهِ شيء»، ومنها تنزيهه عن الذكورة والأنوثة. هذه الآية تكلمت عن ممارسة أسمتها بـ «الفاحِشَة»، وهي كما يبدو وكما يذهب إليه فريق من المفسرين الممارسة المثلية، ومما قد يؤكد هذا الاحتمال هو ذكر الرجال الممارسين لهذه «الفاحِشَة» بصيغة المثنى «وَاللَّذانِ يَأتيانِها مِنكُم»)؛ تارة عند النساء، وأخرى عند الرجال.
«وَلا تَنكِحوا ما نَكَحَ آباؤُكُم مِّنَ النِّساءِ إِلّا ما قَد سَلَفَ، إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَّمَقتًا وَّساءَ سَبيلًا.» (4 النساء 22)
وكذلك هنا، أسأل لماذا لم تُنهَ النساءُ، بخطاب مباشر موجه إليهن، عن الزواج بأبناء أزواجهن، سواء بعدما يُتَوَفَّون، أو بعدما يكون طلاق بينهن وإياهم. أو لماذا لا يجري الكلام عن الطرفين، الرجال والنساء بالضمير الثالث، أو كلاهما بالضمير الثاني، أو لا أقل لماذا لم يكن الخطاب تارة موجها إلى الرجال، وأخرى إلى النساء، وليس على النحو الذي يكاد يكون كله موجها فيه إلى الرجال، ولا يجري الكلام عن النساء إلا عن طريق الرجال؟ هل يمكن اعتبار الرجل رسول الله إلى المرأة، كما النبي رسوله إلى الناس، إذ يؤمر الرجل بإبلاغها عما يريده الله منها، كما يؤمر النبي بإبلاغ الناس عما يريده الله منهم، فيتخذ النبي دور جبريل كواسطة تبليغ، كما جبريل هو الواسطة بين الله وبينه؟ وكأني بالقرآن كما يقول «مَن يُّطِعِ الرَّسولَ فَقَد أَطاعَ اللهَ»، يريد أن يقول «مَن تُطِعِ زَوجَها فَقَد أَطاعَتِ اللهَ».
…