18 ديسمبر، 2024 9:08 م

حقيقة موقف القرآن من المرأة 16/41

حقيقة موقف القرآن من المرأة 16/41

«وَاللاَّتي يَأتينَ الفاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُم فَاستَشهِدوا عَلَيهِنَّ أَربَعةً مِّنكُم، فَإِن شَهِدوا فَأَمسِكوهُنَّ فِي البُيوتِ حَتّى يَتَوَفّاهُنَّ المَوتُ أَو يَجعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبيلًا، وَاللَّذانِ يَأتيانِها مِنكُم فَآذوهُما، فَإِن تابا وَأَصلحا فَأَعرِضوا عَنهُما؛ إِنَّ اللهَ كانَ تَوّابًا رَّحيمًا.» (4 النساء 15 – 16)

نفس الممارسة التي تُعَدّ مخالفة شرعية، أو معصية دينية، أو حسب تعبير الآية (فاحشة)، ألا هي (فاحشة) ممارسة الجنس المثلي فريق من حسب المفسرين، تُمارَس تارة بين رجال مِثلِيّين، وأخرى بين نساء مِثلِيّات، ولكن حتى لو فسرت الفاحشة بشيء آخر، فالمهم هو إنها ذات الفاحشة التي تمارس تارة من قبل النساء، وتارة من قبل الرجال، بينما العقوبة متفاوتة بدرجة كبيرة، فالعقوبة الأشد للنساء المثليات، أو اللاتي يمارسن الفاحشة أيا كانت، والعقوبة الأخف للرجال المثليين، أو للممارسين لذات الفاحشة، أيا كانت؛ للنساء سجن مؤبد في بيوتهن «حَتّى يَتَوَفّاهُنَّ المَوتُ»، أما للرجال فمجرد إيذاء لم تُذكَر ماهيته، ثم منحهم فرصة أن يُصلحوا أنفسهم، ويُقلِعوا عن تلك الممارسة. نعم هناك ثمة تخفيف للنساء أيضا، من حيث وجوب وجود أربعة شهداء يشهدون عليهن بتلك الممارسة، لكن هذا الشرط يسري على الرجال الممارسين لما يسميه الدين بالزنا، ثم هناك مخرج محتمل آخر من السجن المؤبد في البيوت، هو أن «يَجعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبيلًا»، من غير أن نعرف ما هو ذلك السبيل، أو المخرج الذي يجعله الله لهن.

«وَبَينَهُما حِجابٌ وَعلى الأَعرافِ رِجالٌ يَّعرِفونَ كُلًّا بِسيماهُم، وَنادَوا أَصحابَ الجنَّةِ أَن سَلاَمٌ عَلَيكُم لَم يَدخُلوها وَهُم يَطمَعونَ.» (7 الأعراف 46)

وهلّا يستحق عدد من طول المسيرة الإنسانية من النساء، ليكنَّ أيضا ممن يتشرفن بالوقوف على الأعراف؟ أم إن المقامات الرفيعة من نُبُوّة وإمامة، بل وحتى من أن يكونوا من الملائكة، حكر على الرجال، أو الذكور، ولا تستحقه أي من النساء، أو الإناث؟ سؤال يبقى يبحث عن جواب.

«وَما أَرسَلنا مِن قَبلِكَ إِلّا رِجالًا نّوحي إِلَيهِم مِّن أَهلِ القُرى، أَفَلَم يَسيروا فِي الأَرضِ فَيَنظُروا كَيفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذينَ مِن قَبلِهِم، وَلَدارُ الآخِرَةِ خَيرٌ لِّلَّذينَ اتَّقَوا، أَفَلا تَعقِلونَ.» (12 يوسف 109)

كما مر إن هذه المقامات الرفيعة حكر على الرجال، فليس لدينا رسولة، أو نبية، أو إمامة معصومة، أو غير معصومة، أو امرأة خليفة، أو أميرة، أو إمامة مذهب، أو إمامة طريقة. نعم هناك حسب القرآن صِدّيقة، والصِدّيقات معدودات بعدد أصابع اليد الواحدة، فلا نعرف في القرآن صِدّيقة غير مريم، ولا نعرف صِدّيقة أخرى حسب السنة إلا فاطمة، لاسيما عند الشيعة.

«وَجاءَ أَهلُ المَدينَةِ يَستَبشِرونَ، قالَ إِنَّ هاؤُلاءِ ضَيفي فَلا تَفضَحونِ[ـي]، وَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخزونِ[ـي]، قالوا أَوَلَم نَنهَكَ عَنِ العالَمينَ، قالَ هاؤُلاءِ بَناتي إِن كُنتُم فاعِلينَ.» (15 الحجر 67 – 71)

هذا كرم ليس من بعده كرم من النبي لوط، إذ يقدم عِرضَه، يقدم بناتِه، ليغتصبهن فاحشوا تلك المدينة، بدلا من اغتصاب ضيوفه الذين كانوا ملائكة بهيئة رجال. لكن لا يقصّ لنا القرآن ما إذا كان هذا التبرع الكريم من لوط ببناته قد جرى بموافقتهن، أم إن البنت ملك أبيها، يزوجها من يشاء، ويقدمها للاغتصاب بدلا عن ضيوفه، متى ما شاء، وعندما يرى الحكمة والمروءة في ذلك؟ مع العلم إنه يعلم بأن قومه زاهدون في النساء، لأنهم لا يبحثون إلا عن مضاجعة الذكران دون الإناث، فهل كان سيتبرع بولده، لو كان له ولد، ولولا إني لا أريد أن أخدش مشاعر المؤمنين بالأديان والكتب المقدسة، بالمساس بمقدساتهم، لطرحت تساؤلات منطقية أخرى، تتطلب التأمل، والتفكر، والبحث عن إجابات وتفسيرات.