22 ديسمبر، 2024 8:37 م

حقيقة موقف القرآن من المرأة 15/41

حقيقة موقف القرآن من المرأة 15/41

«وَإِنِ امرَأَةٌ خافَت مِن بَعلِها نُشوزًا أَو إِعراضًا فَلا جُناحَ عَلَيهِما أَن يُّصلحا بَينَهُما صُلحا وَّالصُّلح خَيرٌ، وَّأُحضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ، وَإِن تُحسِنوا وَتَتَّقوا فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعمَلونَ خَبيرًا.» (4 النساء 128)

لنقارن بين حالتين من الخوف من نشوز الزوجة من جهة، ونشوز الزوج من جهة أخرى، فالعلاج مع الزوجة التي يُخاف نشوزها هو الوعظ، ثم حرمانها من الممارسة الجنسية، وأخيرا الضرب، بينما علاج خشية النشوز من طرف الزوج هو الإصلاح بينهما، لأن الصلح خير، دون إعلامنا هو خير من أي شيء. فأين هذا من المساواة، ومن مبدأ «لَهُنَّ مِثلُ الَّذي عَلَيهِنَّ بِالمَعروفِ»؟ المساواة تتطلب أن يكون للآية الأولى نص مكمل، وللآية الثانية نص مكمل، لتكون النصوص الثلاثة المكملة كالآتي:

(وَالَّذين تَخفنَ نُشوزَهُم فَعِظنَهُم وَاهجُرنَهُم فِي المَضاجِعِ وَاضرِبنَهُم، فَإِلَّم تَستَطِعنَ فَليَضربهُم رَجُلٌ مِن أَهليكُم أَوِ الأَقرَبينَ، فَإِن أَطاعوكُنَّ فَلا تَبغَينَ عَلَيهِم سَبيلاً؛ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيًّا كَبيرًا.)

(وَإِنِ رَجلٌ خافَ مِن زَوجِهِ نُشوزًا أَو إِعراضًا فَلا جُناحَ عَلَيهِما أَن يُّصلحا بَينَهُما صُلحا وَّالصُّلح خَيرٌ، وَّأُحضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ، وَإِن تُحسِنوا وَتَتَّقوا فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعمَلونَ خَبيرًا.)

فإذا خاف الزوج نشوزا من زوجته، فله أن يعظها، ثم يهجرها في المضجع أي فراش الزوجية، ويحرمها من الممارسة الجنسية، ثم يضربها، حتى وإن لم يجز الضرب المبرح، كما يذهب إليه أكثر الفقهاء، وليس كلهم، فهو ضرب على نحو الإهانة المعنوية، وكأن كرامة المرأة رخيصة إلى هذه الدرجة، حتى لو كانت زوجة ناشزا، وقد لا يكون النشوز إلا بسبب عدم استجابتها في كل الأحوال لرغباته الجنسية. بينما إذا خافت الزوجة نشوزا من زوجها، فالمطلوب فقط السعي للإصلاح بينهما، إذ «الصُّلح خَيرٌ»، وهو الأفضل من أي حل آخر في حالة نشوز الزوج. واضح جدا إن الإجراءات، والحقوق، والحلول، والمعالجات، غير متكافئة بين الرجل والمرأة، بل كل ذلك منحاز لصالح الرجل. وربما كان حكم ضرب الزوجة بسبب إنهن كن في أغلب الأحيان صغيرات في سن الطفولة، وحيث اعتاد العرب وعموم المجتمعات الشرقية أن يؤدب الآباء والأمهات أطفالهما غير المطيعين بالضرب، وهكذا يفعل للأسف حت يومنا هذا المعلم والمربي والمعلمة والمربية، ولبئس المربي والمربية، مع تلاميذهم الصغار وتلميذاتهم الصغيرات، فمن هنا، عندما يتزوج المسلم طفلة بسن ابنته أو بسن حفيدته، فما عليه إلا أن يعاملها معاملة الطفلة المشاكسة العاقّة (الوكيحة) غير المطيعة. أما تفسير المؤولين التلميعيين بأن الضرب هنا بمعنى الإعراض، فنقول لهم إن الفعل جاء متعديا إلى مفعول به أيها العارفون بالعربية، بقول فَاضرِبوهُنَّ، ولو أريد المعنى الذي تلوون الكلمات ليّا إليه، لقيل وَضرِبوا عَنهُنَّ، أي بأي قرينة تدل على ذلك. ثم العربية فقيرة بحيث حار الله – تعالى عن ذلك – كيف يوصل المعنى الذي يريده، بعبارة محكمة، وليس بمتشابهة حمّالة أوجه، ليهدي بها من يشاء، ويضل من يشاء، بمزاجه، تعالى عن ذلك؟