19 ديسمبر، 2024 12:40 ص

حقيقة موقف القرآن من المرأة 10/41

حقيقة موقف القرآن من المرأة 10/41

«… وَلَهُنَّ مِثلُ الَّذي عَلَيهِنَّ بِالمَعروفِ، وَلِلرِّجالِ عَلَيهِنَّ دَرَجَةٌ، وَّالله عَزيزٌ حَكُيمٌ.» (2 البقرة 228)
جملة «لَهُنَّ مِثلُ الَّذي عَلَيهِنَّ بِالمَعروفِ» تؤسس للمساواة، ثم تأتي الجملة اللاحقة لتلغي المساواة، بتأكيد تفضيل الرجل على المرأة، بقول «لِلرِّجالِ عَلَيهِنَّ دَرَجَةٌ». وهنا تكمن المشكلة، فما هي يا ترى هذه الدرجة، وما هو مقدارها، وأين تكون الدرجة التي يعلو بها الرجل على المرأة، وأين تطبيقاتها؛ كل ذلك غير موضَّح، وإذا قيل إن توضيحه في نصوص أخرى، فهي الأخرى حمالة أوجه، ومتعددة الفهم والاستنباط. وإذا ما سلّمنا بأن الرجال يتميزون في بعض الجوانب عن النساء بخصائص يفتقدْنَها، فالنساء هن الأخريات يتميزن في جوانب غيرها عن الرجال بخصائص يفتقدونها، وإذا قيل إن المقصود بأن المحصلة وبالمعدل يكون للرجال (درجةٌ) ما على النساء، فجعل الأمر مبهَما، ومع تجذّر الثقافة الذكورية، ومع وجود نصوص تكرّس مبدأ التمييز، فهذا كله يؤدي إلى رفع الدرجة المذكورة هنا درجات ودرجات مضاعفة فوق ما أرادته الآية، ولا يعلم ما أرادته إلا الله (القرآني) والراسخون في علم حل الألغاز القرآنية. وحتى لو سلّمنا تسامحا ومجاراة لدعوى الأديان، بأفضلية الرجل، لكن لا يمكن قبول أن تكون قيمة المرأة إلى الرجل بنسبة 1 إلى 2 كما في أحكام الإرث والشهادة، أو 1 إلى 4 كما في أحكام الزواج.

«الطَّلاَقُ مَرَّتانِ فَإِمساكٌ بِمَعروفٍ أَو تَسريحٌ بِإِحسانٍ، وَّلاَ يَحِلُّ لَكُم أَن تَأخُذوا مِمّا آتَيتُموهُنَّ شَيئًا إِلّا أَن يَّخافا أَلّا يُقيما حُدودَ اللهِ، فَإِن خِفتُم أَلاَّ يُقيما حُدودَ اللهِ فَلاَ جُناحَ عَلَيهِما فيمَا افتَدَت بِهِ، تِلكَ حُدودُ اللهِ فَلا تَعتَدوها، وَمَن يَتَعَدَّ حُدودَ اللهِ فَأُولائِكَ هُمُ الظّالِمونَ. فَإِن طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوجًا غَيرَهُ، فَإِن طَلَّقَها فَلاَ جُناحَ عَلَيهِما أَن يَّتَراجَعا إِن ظَنّا أَن يُّقيما حُدودَ اللهِ، وَتِلكَ حُدودُ اللهِ يُبَيِّنُها لِقَومٍ يَّعلَمونَ.» (2 البقرة 229 – 230)

كل الصلاحيات بيد الرجل، فالرجل هو الذي يُطلِّق، والرجل هو الذي يُمسِك، والرجل هو الذي يُسرِّح، كل ما في الأمر إنه يتفضل على زوجته أو زوجاته بأن يُمسِك إذا أمسك بمعروف، وأن يُسرِّح إذا سرّح بإحسان. ليس هناك ولو لمرة واحد خطاب للنساء أن (يا أَيَّتُهَا المُؤمِناتُ إِذا طَلَّقتُنَّ الرجال، فـ…) أو (وَإِن أَرَدتُّنَّ استِبدالَ زَوجٍ مَّكانَ زَوجٍ فـ…) أو (… استِبدالَ بَعلٍ مَكانَ بَعلٍ). إذن لا مساواة للمرأة بالرجل، فلماذا يا ترى يُخلَق الإنسان ذكرا، أو يُخلَق أنثى، من غير اختياره في كلا الحالتين، فيُفضَّل الرجل، لأنه كان لحسن حظه رجلا من غير اختياره، والمرأة ولسوء حظها يُفَضَّل عليها، لأنها امرأة أيضا من غير اختيارها.

«لا جُناحَ عَلَيكُم إِن طَلَّقتُمُ النِّساءَ ما لَم تَمَسّوهُنُّ، أَو تَفرِضوا لَهُنَّ فَريضَةً، وَّمَتِّعوهُنَّ على الموسِعِ قَدَرُهُ وَعلى المُقتِرِ قَدرُهُ مَتاعًا بِالمَعروفِ حَقًّا على المُحسِنينَ.» (2 البقرة 236)

«وَإِن طَلَّقتُموهُنَّ مِن قَبلِ أَن تَمَسّوهُنَّ، وَقَد فَرَضتُم لَهُنَّ فَريضَةً، فَنِصفُ ما فَرَضتُم، إِلّا أَن يَعفونَ أَو يَعفُوَ الَّذي بيدِهِ عُقدَةُ النِّكاحِ، وَأَن تَعفوا أَقرَبُ لِلتَّقوى، وَلا تَنسَوُا الفَضلَ بَينَكُم، إِنَّ اللهَ بِما تَعمَلونَ بَصيرٌ.» (2 البقرة 237)

«وَالَّذينَ يُتَوَفَّونَ مِنكُم وَيَذَرونَ أَزواجًا وَّصيةً لِّأَزواجِهِم مَّتاعًا إِلَى الحولِ غَيرَ إِخراجٍ، فَإِن خَرَجنَ فَلا جُناحَ عَلَيكُم فيما فَعَلنَ في أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعروفٍ، وَّاللهُ عَزيزٌ حَكيمٌ.» (2 البقرة 240)

النصوص أعلاه كلها تبين ما للرجل من صلاحيات كزوج، وما عليه تجاه المرأة من حقوق لها، فحتى فيما يتعلق الأمر بحقوق المرأة، فهي تُطرح وكأنها مِنّة يمنّ بها التشريع المنحاز للرجل على المرأة.