9 أبريل، 2024 8:58 ص
Search
Close this search box.

حقيقة صادمة .. التخلف النفسي والعقلي لدى الساسة الشرفاء

Facebook
Twitter
LinkedIn

هذا الموضوع من المواضيع الجديدة على الفكر السياسي العراقي الجاهل والكسول المكتفي بالتعليقات السطحية على الظواهر دون تحليلها ، ومضمون هذه الطروحات الواردة في المقالة يصح تعميمها على عموم الوطن العربي ، ان جذور التخلف تشمل الجميع الشرفاء والفاسدين معا ولا أحد يستطيع ان ينجو بمفرده وبجهودة الذاتية من تخلفه ، وصفات الشرف والسمو الأخلاقي والروح الوطنية لا تنقذ الإنسان من الإعتلالات النفسية والعقلية الناتجة بفعل تخلف البيئة أو العامل الوراثي أو البرمجة الذاتية الخاطئة .. وإذا إستعرنا قانون التحليل النفسي الذي يؤكد على إستحالة إجراء الشخص تحليل لنفسه بمفرده لأنه سيرى شخصيته من منظار عيوبه وعقده النفسية الراكدة في منطقة اللاشعور ، ولابد من مساعد خارجي يحلله (*).. فإن الشرفاء كذلك سيعيدون إنتاج التخلف في حياتنا السياسية بنوايا طيبة .

النظرة الشاملة للمجتمع العراقي المنتج لأفراد السلطة تكشف لنا عن حقائق صادمة بخصوص أبناء هذا المجتمع الشرفاء الوطنيين وليسوا الفاسدين واللصوص والعملاء ، فالشرفاء أيضا يرزحون تحت قبضة بنية نفسية عقلية إجتماعية متخلفة معيقة لبناء الدولة الحديثة في حال تولوا السلطة فإن المحركات الفاعلة لهم ليس الأسس المنطقية العقلانية ، بل عناصر الإضطراب والإعتلال النفسي والعقلي الجماعية التي تعاني منها المجتمعات في الوطن العربي والشرق عموما .

تاريخنا السياسي يساعدنا بسهولة على تشخيص لماذا أخفق العراقيون في إدارة شؤون بلدهم على الأقل منذ إنقلاب 14 تموز عام 1958 ولغاية اللحظة الراهنة ، لقد تعاملوا أولا مع التجربة الحزبية بعقلية العصابات المعادية للدولة وهذا أخطر ما تمخضت عنه تجربة الأحزاب : الشيوعية والقومية والإسلامية ،التي كانت تتحرك بعقلية زمرة من العصابات تتربص للقفز الى السلطة ، وتعمدت تدمير مقدرات الدولة وتعطيل حركة تطورها ، وظهر لنا انها فهمت خطئأً النضال والبطولة وتوهمت ان التجسس ضد العراق وحمل السلاح والخروج عن القوانين وقتل الجنود هو هذا العمل النضالي ، وهذا النوع من الجرائم يصدر عن شخصية مضطربة غير سوية تسوغ لنفسها إرتكاب جريمة التجسس على العراق لصالح موسكو ومصر وسوريا وإيران ، وخرق القوانين وحمل السلاح ضد الجيش ، وعند إستلامهم السلطة تعاملوا معها ومع الدولة على انها غنيمة صيد حصلوا عليها في غابة تائهة بلا ضوابط فإفترسوا حياة الشعب وثرواته وتلاعبوا بمصيره وكبدوه الأضرار والخسائر والكوارث … هذا فيما يخص فئة الفاسدين المنحرفين من الأحزاب والساسة !

ماذا عن الشرفاء من العراقيين ؟

هم كذلك ضحايا البيئة المتخلفة التي أنتجت شخصياتهم وتركت بصمتها عليهم ، وأبرز عيوب الشرفاء هي :

– ضعف وغياب الثبات الفكري والعاطفي .
– الفشل في النشاط الجماعي .
– الجهل السياسي وعبادة الأفكار على حساب مصلحة الوطن .

لو طبقنا هذه العيوب على الواقع وأخذنا آخر عينة من الشرفاء ظهرت في المجتمع مؤخرا هم ثوار تشرين سنجد مايلي :

بخصوص الثبات الفكري والعاطفي .. بدأو بحماس ثوري كبير وصل الى درجة تحدي الرصاص ، ثم سرعان ما أخذ ثباتهم يقل ويضعف وتسربوا الى بيوتهم ولم يثبتوا على مبادئهم التي خرجوا من أجلها وإنسحبوا من الساحة السياسية .

الفشل في النشاط الجماعي .. العراقي أينما ماذهب فهو فاشل في النشاط الجماعي الحزبي والنقابي وإدارة المسجد والحسينية … وآخرها ماحصل مع ثوار تشرين الذين ثاروا بشكل جماعي رائع وبطولي ، لكن سرعان ما تفرقوا وتشتتوا وفشلوا في تشكيل جبهة شعبية مناضلة ضد الفساد والسرقة والعمالة .

عبادة الأفكار على حساب مصالح الوطن .. لاتزال تعشش في أذهان ثوار تشرين مقولات وشعارات السيادة والإستقلال وتفضيلها على مصالح العراق ، ولايزالون غير مدركين ان التحالفات الدولية على سبيل المثال مع أميركا لاتعتبر عمالة وخيانة وتفريطا بالسيادة ، بل هو قرار سياسي براغماتي هام ومفيد للبلد مثلما ثبت بالتجربة من تحالف دول الخليج العربي مع بريطانيا وأميركا ومؤخرا مع إسرائيل ، ولا أحد يجرؤ على إتهام حكام دولة الإمارات العربية بالعمالة والخيانة وهم يتحالفون مع أميركا وإسرائيل من أجل مصلحة بلدهم وحمايته والحفاظ على إستقراره ، فالواقع السياسي الذي بحاجة الى مساعدة أميركا وإسرائيل هو من يصنع المفاهيم في حالة دول الخليج وليس شعارات السيادة والإستقلال المجردة الجامدة .

الخلاصة : ان هذه العيوب شملت الساسة الشرفاء سابقا وحاليا ، وان ثوار تشرين الشجعان مجرد نماذج لفئة الشرفاء العراقيين الذين هم كذلك للأسف لايصلحون لإدارة شؤون العراق بمفردهم في حال إستلامهم السلطة للأسباب المذكورة أعلاه ، والنخب السياسية الوطنية ما لم تستعين بالدول الكبرى مثل : بريطانيا وأميركا لإدارة الدولة العراقية ، وإذا أصرت على مقولات السيادة .. سوف تعيد إنتاج التخلف والأزمات ودفع الخسائر .
*- إنتصارات التحليل النفسي / بيير داكو

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب