المقدمة:
كذبة كبرى نسجتها عقلية المحافظون الجدد في ادارة الرئيس بوش” الابن” لتبرير غزو واحتلال العراق , جند لها فيلق اعلامي تسانده دول ومؤسسات احزاب وشخصيات انتشرت في طول الارض وعرضها , لتنطلق من المانيا وصولا الى مصر ومن اميركا الى شمال العراق , كذبة شكلت مع أخواتها أخطر التهم السياسية والاخلاقية التي تواجهها اية دولة في العالم في اجواء حمى الارهاب واحداث 11 سبتمبر.
سيركز الباحث في هذا المقال عن كذبة علاقة النظام العراقي مع تنظيم القاعدة ,
وا نها الاخطر من بقية الادعائات بالرغم من ان الكثير من المسؤولين والباحثين الاميركيين قد اعطوا اهمية قصوى لمحاولة العراق انتاج اسلحة الدمار الشامل مبررا للغزو.
أن خطورة هذه الفرية تتركز في مسعى العراق لتسليم اسلحة الدمار الشامل الى تنظيم القاعدة والتي بدورها ستضرب الاراضي الاميركية والغرب,هذه الفرية هي من جعلت الرأي العام الاميركي والغربي يتعاطف بل يساند قرار الرئيس بوش” الابن” في الحرب.
ان الرد على هذه الفرية يتجاوز موضوع الدفاع عن النظام العراقي, الى ابعد من ذلك ,الى بعد كان سببا في ما يحصل الان في العراق من قتل وتدمير وفساد وانتهاك لحقوق الانسان وبداية لتاسيس صراع وتناحر طائفي, هذه الابعاد هي من ساعد تنظيم القاعدة الارهابي على العيش والتفريخ في العراق, وقد ذكر الرئيس الاميركي بوش حين قال ” ان الحرب على الارهاب ستكون جبهتها المركزية العراق” وهو لايعلم ان سلوكه هذا كمن يضرب “عش الدبابير” لتصل اميركا وبسبب كذب ادارتها “الجمهورية” وحلفائها في العراق والمنطقة الى ما وصلت اليه حيث تشير اخر التقارير الاميركية ان الحرب العالمية(الاميركية) ضد الارهاب كلفت الميزانية الاميركية( 8 ترليون دولار) وان تنظيم القاعدة بدا واحدا في افغانستان ليتناسل حتى وصل الى( 42) فرع للتنظيم في عموم الارض.
فكرة علاقة النظام العراقي مع تنظيم القاعدة فكرة طرحها وروج لها عقل خبيث ذكي , لكن الاكثر خبثا واكثر غبائا من عمل وسعى لتكون هذه الافكار حقائق على الورق خدعوا بها الشعب الاميركي اولا ومن ثم المؤسسات الدولية وصولا الى بعض الدول والشعوب.
ان الاكثر غبائا من صاغ ونظم وسطر الاكاذيب ليعلنها حقائق امام العالم والامم المتحدة ومجلس الامن, هؤلاء كانوا دولا ومؤسسات واحزاب وافراد.
في المقابل نرى عجز الحكومة العراقية في مسعاها لنفي هذه التهم الكبرى وعدم قدرتها على توظيف المعلومات والحلفاء لدحظ هذه التهم وتبرئة النفس.
لقد عملت دول حليفة للولايات المتحدة على التبرع لاستقبال معتقلين اسلاميين من افغانستان والباكستان ودول اخرى, ليتم اعتقالهم على ارضها واجراء التحقيقات وانتزاع الاقوال بالقوة ليصار الى تزويد الاجهزة الامنية الاميركية بملفات جاهزة تدعم هذه الاكاذيب , وكم دولة في الشرق الاوسط كانت تجرى على ارضها عمليات كتابة سيناريو العلاقة مع تنظيم القاعدة او صياغة سيناريوهات الاسلحة المحرمة دوليا لتكون جاهزة كأدلة جازمة تستخدم لتبرير العدوان على ارض وشعب العراق.
في هذا البحث ساورد بعض الحقائق التي ذكرها تنظيم القاعدة ” نفسه” في قسم من نشرياته كنماذج من هذه الادعائات الكاذبة وقبل كل شيئ سنذكر موقف تنظيم القاعدة من نظام الرئيس صدام حسين.
موقف تنظيم القاعدة من نظام الرئيس صدام حسين:
1. يعلم الجميع عمق علاقة اسامة بن لادن مع النظام السعودي ودور الاثنان معا في مرحلة ” الجهاد الافغاني” الى ان حصل الغزو العراقي للكويت في 2 اب 1990, حيث ابدت المملكة العربية السعودية استعدادها لاستقبال القوات الاجنبية على ارضها لتحرير الكويت, في هذا الوقت , طلب اسامة بن لان من القيادة السعودية عدم الموافقة على جلب قوات ” كافرة” لارض الحرمين الشريفين وانه على استعداد لجلب مقاتليه العرب من افغانستان وتحرير الكويت من قوات صدام ” الكافر”, جوبه طلبه بالرفض مما ادى الى الخصام ومن ثم الطلاق النهائي بينهما.
2. في الكثير من الخطب التي اوردها اسامة بن لادن والدكتور ايمن الظواهري يعلن عدائهم للنظام العراقي الذي يقود سلطته نظام ” بعثي , علماني, كافر”.
3. قبل شروع القوات الاميركية وحلفائها بغزو العراق , دخل (8000) متطوع عربي الى العراق رسميا عبر سوريا للمشاركة في الدفاع عن العراق وكان من ظمنهم بعض من مقاتلي تنظيم القاعدة الذين ما ان وصلوا ارض العراق حتى غادروا المعسكرات الى جهات مجهولة ليعلنوا بعد ذلك انهم قدموا الى العراق ليس للدفاع عن نظام ” صدام حسين الكافر” بل انهم سيهبوا للقتال لان الاحتلال واقع لامحال ,وكان هؤلاء نواة تنظيم القاعدة في العراق وقد نشر تنظيم القاعدة بعض من اسماء هؤلاء المقاتلين في كتابه ” من سير اعلام الشهداء”.
دور الحكومات العربية في كتابة قصص العلاقة بين القاعدة والنظام العراقي:
ابن الشيخ الليبي:
القت القوات الاميركية عام 2001 القبض على محمد الفاخري “ابن الشيخ الليبي “(تولد 1963) في مدينة قندهار نقل بعد ذلك الى كابل ثم الى الباكستان ثم الى مصر حيث اعتقل لمدة سنة كاملة . مورست بحقه في سجون النظام المصري اقسى انواع التعذيب من قبل اجهزة المخابرات المصرية بغية انتُزِاع اعتراف منه “تحت التعذيب ” عن علاقة تنظيم القاعدة بنظام صدام حسين, وقد ادلى ببعض الاسماء المعلومة من التنظيم قائلا انهم ارسلوا الى العراق للتدريب على استخدام الاسلحة المحرمة ,وقد استدل وزير الخارجية الاميركي كولن باول باعتراف “ابن الشيخ الليبي “الزائف في فبراير عام 2003 في مجلس الأمن ليبرر غزو العراق , قتل “ابن الشيخ الليبي “في ليبيا في ظروف غامضة عام 2009.
( الدكتور ايمن الظواهري في بيان نعي ابن الشيخ الليبي- منشورات نخبة الاعلام الجهادي)
معلومات القوى السياسية المعارضة للنظام العراقي:
انصار الاسلام:
قدم حزب الاتحاد الوطني الديمقراطي بزعامة جلال الطلباني معلومات الى الادارة الاميركية حول علاقة النظام العراقي مع تنظيم القاعدة حيث قدم وزير الخارجية الاميركي كولن باول تقريره إلى الأمم المتحدة , حول هذه العلاقة عندما قدم صوراً لبعض المقاتلين العرب المتواجدين في مناطق أنصار الإسلام في بيارة وطويلة محافظة السليمانية ومنهم ” أبو مصعب الزرقاوي وأبو محمد الشامي وقد كتبت كنيته في أفغانستان ” أبو تيسير”على انهم عناصر من تنظيم القاعدة تتعاون مع نظام الرئيس صدام حسين.
قصص الاجهزة المخابراتية الاجنبية:
عبد الهادي العراقي:
عبد الهادي العراقي, نشوان عبد الرزاق عبد الباقي الملقب ” ابو ايوب” مواليد الموصل 1961, ضابط سابق في الجيش العراقي ساهم في الحرب العراقية الايرانية.
انظم الى الجماعات الاسلامية في شمال العراق قبل ان يغادر متوجها الى افغانستان حيث ساهم في الجهاد الافغاني في جبهة ” عبد رب الرسول سياف”, ثم انجذب عبد الهادي نحو تنظبم القاعدة ، وأصبح قريباُ من اسامة بن لادن حيث احتل موقعاً في “مجلسه الاستشاري”. في اواخر التسعينات قاد عبد الهادي وحدة المتطوعين العالميين الذين قاتلوا جنباً إلى جنب مع طالبان ضد التحالف الشمالي بقيادة أحمد شاه مسعود في المحافظة الشمالية الشرقية “تاكهار”. أصبح معروفاً لأجهزة المخابرات الغربية خلال معركة (شاه إيكوت) في شرق أفغانستان التي حدثت في آذار 2002، عندما اعتقد أنه قاد الفدائيين الذين اوقعوا إصابات كبيرة في صفوف القوات الأميركية والقوات الأفغانية المساعدة لها خلال قتال عنيف.
بعد اعتقال خالد شيخ محمد, عين عبد الهادي بدلا عنه مسؤولا عن العمليات الخارجية للقاعدة, اعتقل قرب الحدود العراقية – الايرانية وهو معتقل الان في سجن غوانتانامو.
بسبب كونه عراقي الاصل وضابط سابق في الجيش العراقي ساهم في الحرب العراقية- الايرانية, روجت الدوائر الامنية الغربية وخصوصا “البريطانية” من انه كان حلقة الاتصال بين نظام الرئيس صدام حسين وتنظيم القاعدة بالرغم من ان المعلومات الاولية تشير الى معارضة عبد الهادي للنظام العراقي والتجائه الى الجماعات الاسلامية المتشددة في شمال العراق ويحتمل قيامه بتنفيذ عمليات ضد بعض الاهداف في مدينة بغداد نهاية الثمانينيات من القرن الماضي.
الخاتمة:
قصص مفبركة انتزع بعضها تحت التعذيب غايتها نسج سيناريوهات عن علاقة تنظيم القاعدة مع نظام صدام حسين , قدمت تبريرا لغزو العراق ساهمت بها دول عربية واحزاب وشخصيات عراقية, لم يكن همهم الا احتلال العراق ومهما كان الثمن” طبعا هنا الثمن الذي سيدفعه الشعب العراقي ” ولكن جائت النتائج عكس ما رغبوا واصبحت رواياتهم عن وجودهم في العراق حقيقة مرة ذاقوها وذاقها الشعب العراق بسبب كذبتهم الكبرى.
باحث في شؤون تنظيم القاعدة