لقد حفزت احداث استخدام الاسلحة الكيمياوية قرب دمشق الادارة الامريكية للعودة مرة اخرى في ادارة الملف السوري بعدما اوكلت به سابقاً المحور القطري – التركي ، وادى الى نتائج عكسية في تحقيق تقدم على الجانبين العسكري والسياسي ، وبالتالي دخول السعودية قطباً رئيسياً في الصراع بموافقة امريكية وسحب البساط من المحور القطري – التركي . وكان اول رد فعل امريكي هو الاجتماع الثلاثي بين وكالة المخابرات الامريكية ووزارة الخارجية وأحد مراكز الابحاث الامريكية ووضع خيارات متعددة وعرضها على الرئيس اوباما والذي ابدى متثاقلاً لعدم رغبته في الدخول كطرف رئيسي في الازمة السورية ، الا ان الضغوطات التي تعرض لها من قبل الكونغرس جعلته مضطراً الى قبول هذه الخيارات بالرغم من انها لا تؤدي الى اسقاط النظام السوري وانما لمعاقبته وبالتالي اضعافه ، فضلاً عن تبديد المخاوف ( الاسرائيلية ) عن ترسانة الاسلحة الكيمياوية سواءاً استخدمها النظام السوري او وقوعها بيد الجماعات الاسلامية المتشددة . لذا ان حقيقة الضربات الوشيكة التي ستنفذها صواريخ ( توما هوك ) من السفن الامريكية المتواجدة في البحر المتوسط هي عمليات تكتيكية وعلى نطاق محدود ولفترة قصيرة ، مما ستسبب هذه الضربات انقسامات بين حلفاء امريكا لا سيما تركيا والسعودية اللتان لا ترتضيان الا بسقوط النظام . وتشير احدى الخيارات ايضاً ضرب الجماعات المتشددة خاصة جبهة النُصرة و تقليم اظافرها والحد من هجماتها على العراق لذا ستكون الضربات مفاجئة لحلفاء امريكا اولاً ثم المعارضة السورية ثانياً ، وبالتالي سوف لن تحقق هذه الهجمات ان حدثت سوى اضعاف القدرات العسكرية للنظام والجماعات المتشددة ، وصنفت عسكرياً بالعمليات التكتيكية فيما اسدل الستار على العمليات الاستراتيجية مما يعني صفعة للدول الساعية لاسقاط نظام الاسد . لقد كانت الخيارات الامريكية متعددة واخذت في نظر الاعتبار عدم اعطاء الفرصة لاصدقاء النظام الرد على العمليات لا سيما وان ايران قد هددت بضرب ( اسرائيل ) حال مهاجمة سوريا والتحذير الروسي والصيني للولايات المتحدة ودول اوربا من مغبة مهاجمة سوريا وستكون مشابهة لما حدث في العراق عام 2003م بحجة اسلحة الدمار الشامل وبعدها لم يعثر حتى على حاوية واحدة في كل ارجاء العراق . اعتقد ان الرئيس اوباما يريد من هذه الضربات ان حدثت اسكات الاصوات الداعية لاسقاط نظام الاسد وتخليص ( اسرائيل ) من عقدة اسمها الكيمياوي وايصال رسالة الى الكونغرس ان حرب العراق لا زالت في الاذهان ومن غير الحكمة خوض امريكا حرباً جديدة تكلفها الغالي والنفيس .