18 ديسمبر، 2024 8:47 م

حقيقة السفارة الحسينية

حقيقة السفارة الحسينية

أكثر من تعرض تاريخه للتحريف هو مسلم بن عقيل (ع) سفير الحسين .. حين أظهره الكتاب بصورة بعيدة عن حقيقته من خلال طريقين . الطريق الأول :حركة مسلم في الكوفة ودوره الذي قام به , لهو صورة من صور استخلاص النتائج القريبة لواقع الثورة التي تمكن من تحجيمها كتاب التاريخ … وقد كتبت تفاصيل كثيرة عن المؤاخذات والتزوير الذي دسه الأمويون ضد ثورة الحسين بصورة عامة ,والثاني حركة مسلم بن عقيل ودوره في السفارة الثورة في الكوفة بصفة خاصة ..وسأحاول في هذه الحلقة أن أنقلك إلى تفاصيل استخرجتها من كتب مبعثرة نقلت بعض روايات الثورة .. أسميته ” كربلاء برؤية جديدة”..الذي بينت فيه حقائق كانت غائبة عن اغلب الجمهور الحسيني ..!

الثورة ضد النظام الأموي كانت موجودة , والطليعة الرسالية التي تؤمن بولاية الإمام علي {ع} موجودة بشكل كبير , والدليل الحروب التي خاضوها ضد أهل المدينة في الجمل , وصفين ضد معاوية وأهل الشام , وضد المنحرفين الخوارج من الكوفيين .. وألا كيف كان يقاتل علي {ع} إذا لم يكن عنده مؤيدين .. هؤلاء باقون لم يذوبوا ولم يتبدلوا قيد أنملة .. روى البلاذري: عن الفترة بعد استشهاد الإمام الحسن بن علي {ع} ان هناك خلايا تنظيمية بقيت متمسكة بولاية أمير المؤمنين وأبناءه , وكانت الدولة تعرف بعض تفاصيل عن تلك الحركة من خلال العيون وبعض المدسوسين حتما , وكان الإمام ع} قد عين بيتا لهم في الكوفة هو بيت جعده بن هبيرة المخزومي – أم جعده هذا – هي أم هاني شقيقة الإمام علي بن أبي طالب{ع} ومن تلك الاجتماعات كانت تتم الاتصالات بالحسن والحسين {ع} وهناك بيت آخر هو بيت سليمان بن صرد الخزاعي , خلال الاجتماعات تم إرسال أول رسالة للحسين {ع}رسالة تعزية للإمام بمناسبة استشهاد أخيه الحسن بن علي{ع} وسأنقل لك النص لترى فحوى الرسالة كما نقلها البلاذري : قالوا في كتابهم :” ونحن شيعتك المصابة بمصيبتك , المحزونة بحزنك , المسرورة بسرورك , المنتظرة لأمرك ” لاحظ الكلمة الأخيرة ..

يظهر إن أبناء عمته في الكوفة هم حلقة الوصل بين شيعة الكوفة وبين الحسين (ع) وهؤلاء لا يمثلون الأغلبية في المجتمع الكوفي .. ولكن التاريخ تناسى تماما , دور أبناء عمته جعده بن هبيرة وأخوته , وكيف كانوا ينقلون أليه بين فترة وأخرى رغبة أهل الكوفة عامة وأهل العراق خاصة قدومه أليهم وحبهم له , وهناك روايات عديدة تبين ان اهل البصرة كان لهم دور في الأعداد لمعركة كربلاء , ولما حدثت الواقعة وقامت الحرب يوم 2 محرم مجرد وصول القافلة الكبيرة الضخمة التي كانت تضم قادة الثورة وعلى راسهم الحسين {ع} حدثت الاشتباكات واستمرت الثورة لمدة 8 أيام انتهت يوم العاشر .فكان امتداد ثورة كربلاء من البصرة الى القادسية الى الكوفة وكربلاء .. وليس كما كتب ابو مخنف والطبري ان المعركة دامت نص نهار فقط …اذن شرارة الثورة , ووجود الكادر الرسالي كان في زمن الإمام الحسن {ع} قبل استشهاده كما ورد في بعض دهاليز التاريخ الأظلم ..

ويذكر صاحب كتاب ” انساب الأشراف – وكتاب الأخبار الطوال ان الاتصالات كانت قائمة , والإعداد للثورة ما كانت وليدة الصدفة بموت معاوية رفض الحسين البيعة .. هذه هو الكذب بعينه .. واليك رسالة من الحسين {ع} الى الثوار العراقيين .. ” اني لارجو ان يكون راي اخي رحمه الله في الموادعة , ورايي في جهاد الظلمة رشدا وسدادا , فالصقوا بالأرض واكتموا الهوى واحترسوا من الاظناء , ما دام ابن هند حيا فان يحدث به حدث وانا حي ياتيكم رايي ان شاء الله, هناك رسالة أخرى أرسلها لشيعته في الكوفة مع محمد بن بشير الهمداني وسفيان بن ليلى الهداني : قال فيها :” ليكن كل امريْ منكم حلسا من احلاس بيته ما دام هذا الرجل حيا , فان هلك ونحن أحياء رجونا ان يخير لنا الله ويؤتينا رشدا ” … وللأنصاف نقول ان الذين كاتبوا الحسين وأعطوا عهدا له بالقتال الى جنبه في أيام قبل الثورة , صدقوا بعهدهم وثبتوا على حبهم , قدموا الغالي والنفيس , لم يتبدلوا كما يقول التاريخ الكاذب بامتياز ..فمنهم من سجن وحين خرج من سجنه بعد شهادة الحسين , التحق بالثورات التي قامت بعنوان ” يا لثارات الحسين ” فكانوا في المقدمة.

اما من الجانب الحكومي , فقد نشطت الدولة بتأسيس اكبر جهاز استخبارات في الاسلام , مهمته جمع معلومات عن أصحاب الحسين وتحركاتهم , وكان مروان بن الحكم واليا لمعاوية في الكوفة قبل موت معاوية , وكان يكتب عن الخلايا الحسينية .. واليك نصا ذكره صاحب كتاب الإمامة والسياسة لابن قتيبة .. ينقلها من البلاذري ..قال : كان رجال من أشراف أهل الحجاز, وأهل العراق يختلفون الى الحسين {ع} ويدعونه إلى أنفسهم ,ويذكرون فضله ويقولون إنا لك يد وعضد .. فتحركت العيون – أي الاستخبارات – جاء عمرو بن عثمان بن عفان إلى مروان في المدينة وهو عامل معاوية واخبره كثرة اختلاف الناس على الحسين { ذكر البلاذري أن مروان انتدب رجلا لمراقبة الحسين وتحركاته …

حين وصلت معلومات خطيرة إلى مروان , كتب إلى معاوية إن الكوفة أصبحت بؤرة لثورة يراها الأمويون , فكتب معاوية رسالة تهديد إلى الحسين {ع} يبين له انه يراقب تحركاته مع شيعته ..وكان يصف تلك التحركات بشق العصا ..وجاءه الرد صاعقا من الحسين {ع} مبينا له ليس هو المقصود بالرسالة بل شيعته ومواليه وأطلق على العيون التي تراقبهم مصطلح الملاقون المشاءون بالنميمة .. ثم اعلم إني لا أريد حربك ولا عليك خلافا , واني لأخشى الله في ترك ذلك منك ومن الأعذار فيه أليك والى أولياءك الفاسقين الملحدين حزب الظلمة .. الست أنت القاتل حجر بن عدي وأصحابه المصلين الذاكرين , الست أنت قاتل عمرو بن الحمق الخزاعي قتلتهم ظلما وعدوانا بعد أن أعطيتهم الأمان ..

“هذه وثيقة مهمة من وثائق الثورة الحسينية في زمن معاوية ” وهناك وثيقة مهمة جدا تبين إن الثورة الحسينية وصلت إلى مراحل متطورة ” فقد عقد الحسين بن علي (ع) مؤتمرا سياسيا شعبيا علنيا في مكة المكرمة وبعلم السلطة الأموية , ورفع شعارا يقول ” بإسقاط الحكومة الظالمة ” كان هذا المؤتمر عام 59 هجرية أي قبل شهادة الحسين بسنة , وقد حضر الحسين بن علي {ع} بنفسه الطاهرة ومعه عدد من المقربين مثل عبد بن جعفر وعبد الله بن عباس وشخصيات من بني هاشم .. وعدد كبير من أبناء التابعين وبعض صحابة رسول الله {ص} …

بعد هذا المؤتمر تصاعدت إجراءات الدولة التعسفية ضد أنصار الثورة الحسينية , من قتل وسجن وحرق بيوت , وتحجيم الثورة بقوة وقصد من خلال الإعلام , هكذا كانت بداية الثورة الحسينية , أما مسلم بن عقيل فقد نال من أعداءه التقليديين الاموين , بما فيه الكفاية , فقالوا انه مرة يبكي خائفا , وأخرى يطلب من الحسين {ع} إن يعفيه من سفارته , وانه ضيع الطريق ومات الدليلين .. والطريف إننا تتبعنا طريقه من مكة إلى الكوفة حين أرسله الإمام الحسين لقيادة الثورة ريثما يصل هو الى العراق .. ولكن الإرادة الإلهية كانت أقوى من كل تخطيط …

ان قتل مسلم بن عقيل لم يكن كما صوروه وكتبوا عنه انه وقع في حفيرة أو انه سلم سيفه إلى محمد بن الاثعث وغدر به بعد أن أعطاه الأمان وسلمه لابن زياد , الحقيقة إن مسلم كان ضمن كتائب مقاتله ممتدة من البصرة إلى القادسية ثم الكوفة ثم كربلاء .. وانه فعلا قتل يوم الخامس من محرم , في أطراف الكوفة باتجاه خان النص الآن .. وربطوا برجليه حبلا وسحبوه إلى داخل الكوفة ومنها تم دفنه في قبره الشريف الآن … ***قد يورِثُ العَتْـــبُ الجميــلُ عَداوَةً ** و تلك سَجايا النّــاسِ عند التّعــاتُبِ * و من يَدّخِرْ للدّهْـــرِ ناساً خَبُرْتُهُمْ ** رمتْهُ قِسِيُّ الجّهْلِ سَهْمَ المَعاطِــبِ *دَعِ الشمسَ تجري وِفْقَ ما أحكَمَ القَضا ** تواصِلُ بالإشراقِ هَجْرَ المَغارِبِ *و كُنْ أنتَ للأفــــلاكِ قُطْباً مَـــدارُهُ ** يُـزانُ بأحْـــداقِ النّجـــومِ الثّواقِـــبِ*إذا افتخرَ الإسلامُ فالفَخْـرِ مُسْلِمٌ ** رسولُ الحسينِ السّبْطِ و ابنِ الأطايب* و مَنْ عَمُّــــهُ عند المُلِمّـــاتِ حيدرٌ ** تَناهَــــتْ إليهِ ساميـــــاتُ المَــــراتِبِ