كثرت الآراء والاحاديث عن اليهود و الصهيونية والجهود الجبارة المكلفة المالية والبشرية والمعنوية التي قام بها قسم من اليهود والمنظمات الصهيونية في العالم في صراعهم مع العرب والمسلمين امثال تيودور هرتزل وبعض الحاخامات الدينية . وما هي الدوافع والاسباب التي تدفعهم الى ذلك في المنظور العام . سؤال يفرض نفسه على صورة هذا الصراع واصرار قسم من اليهود على التمادي فيه .. من كان يضطهد اليهود في العالم ويعادي السامية . اوربا ام المسلمون وهل اليهود كانوا اكثر استقرارا في البلدان الاورية ام البلاد الاسلامية والعربية . الجواب قطعا كانوا اكثر امانا واستقرارا في البلدان العربية والاسلامية . اوربا تعادي اليهود وقيدت حرياتهم وهجّرت البعض منهم . ومعلوم ذلك تاريخيا على امتداد اوربا وفي كل دولها ، في اسبانيا وفرنسا وبريطانيا والمانيا و المجر وكل اوربا ، من بداية القرون الوسطى ولحد الحرب العالمية الثانية . لم تكن للمسلمين عداوة مع اليهود بل هم اقرب الى المسلمون من غيرهم في تقاليدهم وعاداتهم وتحفظهم وسلوكهم . فالعداء والتناقض والصراع الحالي لم يتكوّن نتيجة اختلاف ديني او مجتمعي بل جاء نتيجة عدوان قام به اليهود على العرب والمسلمين واغتصابهم فلسطين وطرد شعبها وقتل قسم منهم بحجة دينية طائفية عنصرية لحالة يدعونها قبل اكثر من ثلاثة الاف سنة . مضطهدون في اوربا ويضطهدون الشعب الفلسطيني . اليهود ليسوا قومية بل دين . يقول ” تيودور هرتزل ” ابرز ناشط يهودي ، انه لا يمكن تغيير معاداة السامية في اوربا بل تجنبها وتحاشيها . والطريقة الوحيدة لتجنبها هي انشاء دولة يهودية .
بريطانيا باعتبارها اكبر واقوى دولة استعمارية في ذلك الوقت شجعت على هذا التوجه والاسباب كثيرة منها تخفيف وانهاء الصراع والمعاداة بين الآرامية والسامية بين اليهودية والصليبية و تحييد و استغلال السيطرة اليهودية الاقتصادية والاعلامية على مجمل اوربا ودول العالم والاغراء المالي . والاهم من هذا كله انشاء ” قاعدة عسكرية سكانية دائمة مظمونة الولاء ” ورطوا وظللوا اليهود فيها ، فبريطانيا عملت بقوة لانشاء دولة يهودية في قلب المنطقة العربية وليس في ” الارجنتين ” كما كان مقترحا , وهذه الحالة جائت ظمن الحلم الاستعماري الاوربي البريطاني الفرنسي في محاربة الدولة الاسلامية بقيادة بني عثمان لنهبها وسلب ثرواتها . كان الصراع الخفي على اشده بين الدولة العثمانية وبريطانيا حتى قيام الحرب العالمية الاولى . في اسطنبول عاصمة الإمبراطورية العثمانية، 15 يونيو 1896، رأى هرتزل فرصة. بمساعدة الكونت فيليب ميخاو نيفلنسكي، وهو مهاجر بولندي متعاطف مع اتصالات سياسية في المحكمة العثمانية، حاول هرتزل أن يلتقي بالسلطان عبد الحميد الثاني ليقدم للسلطان مباشرة حله لدولة يهودية. فشل في الحصول على لقاء، لكنه تمكن من زيارة عدد من الأشخاص رفيعي المستوى، بما في ذلك الصدر الأعظم، الذي استقبله كصحفي يمثل صحيفة ” نويه فرايه برسه ” قدم هرتزل اقتراحه إلى الصدر الأعظم: اليهود سيدفعون الدين الخارجي التركي ويحاولون المساعدة في تنظيم الأمور المالية التركية إذا ما أعطوا فلسطين كوطن يهودي تحت الحكم التركي. قبل مغادرته اسطنبول في 29 يونيو 1896، حصل نيفلنوسكي على ميدالية رمزية لهرتزل. كانت الميدالية، “صليب القائد من رتبة مجيدية”، تأكيد للعلاقات العامة بالنسبة لهرتزل وللعالم اليهودي بشأن جدية المفاوضات.بعد خمس سنوات، في 17 مايو 1901، التقى هرتزل بالسلطان عبد الحميد الثاني، لكن السلطان رفض عرض تيودور هرتزل لتوطيد الديون العثمانية في مقابل ميثاق يسمح للصهاينة بالوصول إلى فلسطين.لدى عودته من اسطنبول، سافر هرتزل إلى لندن ليقدم تقاريره إلى المكابيين، وهي مجموعة صهيونية بدائية من اليهود البريطانيين المعروفين بقيادة العقيد ألبرت جولدسميد . عثرت بريطانيا على ضالتها في انشاء قاعدة عسكرية سكانية ، تحركها متى تشاء وباموال يهودية دون ان تخسر شيئ لا مال ولا رجال . فضللت اليهود بهذه الدولة المزعومة والوطن المزيَّف الموهوم . ونذكر بما ذكرناه ان ” اليهودية دين وليست قومية ” في واحدة من المؤآمرات البريطانية المشتركة مع هرتزل ارسلت بريطانية مجموعة من جواسيسها الى فلسطين وبالاتفاق مع تيودور هرتزل للقيام بقتل عدد من اليهود في القدس واتهام الفلسطينين بقتلهم حتى يستخدمون ذلك كعذر لاعلان الحرب على الدولة العثمانية واثارة القلاقل وتأجيج الفتنة بين المسلمين واليهود الا ان سلطات الدولة العثمانية الامنية اكتشفت ذلك والقت القبض على الجواسيس . وايضا كان الاتفاق بين الجماعات الصهيونية بقيادة هرتزل وبالاتفاق مع بريطانيا وبعض المجندين والمرتزقة الارمن يتم تحريض الارمن وتزويدهم بالسلاح لاثارة المشاكل داخل اسطنبول عاصمة الدولة العثمانية وفي مناطق مختلفة من الدولة منها محاولات تفجير القنابل وتخريب الطرق وسكك الحديد وسرقة المصرف العثماني ومحاولات قتل اطفال الارمن واتهام المسلمون بها والكثير من هذه المؤآمرات التي كانت تجري على قدم وساق ضد الدولة العثمانية واسقاطها وتقسيم الدولة وانشاء الكيان الصهيوني المغتصب ” اسرائيل ” .الدول الاستعمارية الطامعة في المنطقة العربية تعمل المستحيل للحفاظ على هذه ” القاعدة ” لكن سكان هذه القاعدة قلقون وينتظرون الكارثة لانهم على دراية وقناعة اكيدة انهم يعيشون في الوسط الغير مناسب والغير منطقي . فهم يعيشون الكارثة التي ستحدث لهم بتفاصيلها ولحضاتها . امريكا زعيمة الاستعمار العالمي الحالي وحليفتيها الازليتين بريطانيا وفرنسا يحاولون جاهدين وبكل طاقتهم حماية هذه القاعدة اليهودية ” فاحتلوا العراق وخربوه ودمروا سوريا واليمن وزعزعوا لبنان ويهددون الآخرين . تمكنوا من صنع الحركات الدينية الباطنية الشعوبية الطائفية العنصرية مثل القاعدة في افغانستان والخمينية في ايران وداعش في العراق وسوريا والحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان وغيرها الكثير مثل هذه الحركات التي تدخل في مفهوم الحروب الحديثة ” الهجينة و الصفرية ” ويعملون لتضليل اليهود و شعوب العالم بمشاريع السلام تارة والتطبيع تارة اخرى . في عدوان القاعدة السكانية الاستعمارية اسرائيل عام 1967 على العرب ، طبّلوا لانتصارهم الكاذب وملئوا العالم صراخا وهلاهل . مفكري اليهود وعقلاء العالم استنكروا فعلهم هذا واكدوا لهم ان هذه الحرب العدوانية هي بمثابة ” تسريع ” الكارثة لنهاية اسرائيل وزوالها . وفعلا كانت الهزة عنيفة للغاية بالنسبة ليهود اسرائيل ودول الاستعمار في حرب التحريك عام 1973 . لا حل لهذا الاغتصاب الا بالعدول عنه ورجوع اليهود كل الى موطنه الاصلي والا فالتحرير قادم ومطلوب حتى ولو بعد حين . العوامل التي تعني وتحيط بالكيان العدواني للقاعدة الصهيونية الاستعارية المسماة دويلة اسرائيل لم ولا تكن في صالحها ابدا وكل يوم يمر يزداد ضغط هذه العوامل على هذا الكيان العدواني الخطئ من كل النواحي السكانية والجغرافية والاقتصادية والعسكرية . التطور العلمي والتكنلوجي في كل مجالات الحياة ليس في صالح هذا الكيان ابدا فلو ان الدول الاستعمارية ضعفت او تراجعت قواها الاقتصادية او العسكرية ستؤثر سلبا على الكيان ، ولو ان الدول العربية استخدمت سلاح الصواريخ ” صواريخ ارض ارض ” لفترات زمنية متفاوتة لادخلت اسرائيل في اتون جهنم الصواريخ فقط ناهيك عن القوة المتعاظمة في سلاح الدبابات التي يشهد عليها تل عنتر في سوريا الاشتباك بين سلاح الدروع العراقي والصهيوني الذي اذاقهم المر وسلاح القوات الخاصة العراقية في جبل الشيخ القوات الخاصة العراقية التي احرقتهم بنار جهنم . وكذلك على الجبهات المصرية البطلة التي اخترقت خط حاييم بارليف الخط الدفاعي الصهيوني بمساعدة الطيران العراقي صقور اسراب ” الهوكر هنتر ” التي كان لها شرف الضربة الاولى لهذا الحصن اللعين . اليهود لا ينسون ذلك ابدا وليس لهم الامكانيات البشرية لمواجهة الدول المحيطة بهم فقط بغض النظر عن مجموع الدول العربية و الاسلامية . كل ما استطاعت اسرائيل من تحشيده على الجبهة المصرية عام 1973هي اربع فرق عسكرية على الجبهة المصرية ولا تسطيع اسرائيل المنوارة بقواتها على كل الجبهات لو قامت الحرب الشاملة على جبهات الاردن او سوريا او لبنان ، بينما الدول العربية تستطيع ذلك وبسهولة تامة . فلو ان اسرائيل استطاعت تهيئة وتجهيز عشرة فرق عسكرية فان الدول المحيطة باسرائيل يضاف لها العراق باستطاعتها تجهيز وتهيئة مائة وخمسون فرقة عسكرية فاعلة على الاقل . فقيسوا على ذلك علاوة على الارباك داخل اسرائيل الاقتصادي والامني والخوف وعدم الاستقرار . المقاطعة العربية لهذا الكيان اسلوب فاعل ومؤثر في العوامل الاقتصادية والسياحية والتجارية والاجتماعية والصناعية والزراعية وغيرها من العوامل . من الممكن طرح الكثير من مشاريع السلام والتطبيع بين حكام الدول العربية والكيان الصهيوني لكن لايمكن ذلك ابدا ومن المستحيل ان يكون بين هذا الكيان القاعدة العدوانية وبين الشعوب العربية و الاسلامية . ربما يثار سؤال يقول وما تفسير الحاصل الان مع بعض الدول العربية والكيان ” الجواب هو ان هذه العلاقة تبقى هشة مهزوزة غير مستقرة ، لا يمكن الوثوق بها لا من الجانب الصهيوني ولا من جانب الحاكم العربي ولا ممن يدعمونهم ويشجعونهم على هذا ” علاقة مصالح آنية ” . الجميع يخافونها وقلقون منها لانهم على يقين ان ” كل ما ينبني على الباطل فهو باطل ” ان طبيعة وشكل الحاضر العربي والعوامل الداخلية الاقتصادية والعسكرية والمؤثرات والضغوط الخارجية ترسم صورة هذه العلاقة بمعزل عن الارادة الشعبية فهذه العلاقة غير ثابتة وحتميتها التغيير عاجلا ام آجلا .