15 نوفمبر، 2024 7:53 ص
Search
Close this search box.

حقيبة اليانصيب للعام الدراسي الجديد في الإمارات

حقيبة اليانصيب للعام الدراسي الجديد في الإمارات

إبني يترنّم ترنيمة “أغداً ألقاك يا خوف فؤادي من غد” .. وخوفه من حقيبته لا حبيبته، فهو لازال يعتقد حبيبته أمه دون سواها في الكون كلّه، وقد إعتاد إحتضانها الصيف كلّه، وهى التي تركته يلعب الليل كلّه، وينام النهار كلّه..!
وحبيبته التي أسعدته طوال الصيف، هى ذاتها التي أرهبته اليوم بحقيبته، فمنذ ان اشترت له الحقيبة المدرسية واملئتها بالأقلام والأوراق الملوّنه، ووضعته جنب سريره، سار القهقري يتقلب على سريره يُمنة ويُسرة، ينظر إلي الحبيبة حسرةً بالودّ والوئام، والى الحقيبة خلسةً بالخوف والهلع، ويترنّمها “أغداً ألقاك يا خوف فؤادي من غدي..!”

والغد هذا في دولة الإمارات الحبيبة، هو صباح الغد (الأحد 30 أغسطس 2015)، يستعد فيه 229 ألفاً و615 طالباً وطالبة، لبدء يومهم الأول من العام الدراسي 2015–2016، في المدارس الحكومية والخاصة، ويبلغ عدد الطلبة في المدارس الحكومية بإحصائياتها 146 ألفاً و240 طالباً، وفي المدارس الخاصة 83 ألفاً و375 طالباً، فيما يبلغ عدد الطلبة المواطنين في المدارس الحكومية 124 ألفاً و310 طلاب، مقابل 21 ألفاً و930 طالباً من المقيمين، وتضم المدارس الخاصة 9427 من الطلبة المواطنين، إضافة إلى 73 ألفاً و948 طالباً من المقيمين .. وسبق هذا الأحد، الأحد الماضي الذي داوم فيه نحو 14 الفا و 600 موظف وموظفة من الهيئات التدريسية والإدارية والفنية داخل 417 مدرسة حكومية تابعة لوزارة التربية والتعليم بدولة الإمارات العربية المتحدة.

 

الطفل لايمّيز بين ورقة اليانصيب والحقيبة المدرسية، فلو أعطيته الإثنتان معاً، الأولى مملوئة بدُرر العلم، والثانية برقم “البريمو” لرماهما معاً، وإتجه الى دمية صفراء لاتغني ولاتسمن من جوع، وبالونة حمراء تفقس في يده قبل أن تطير في الهواء، لكن اولياء الامور يجب ان لا ينتظروا كسب الجائزة الكبرى دون أن يشتروا البطاقة.

 

الذين يرسلون الطفل بالحقيبة المملوئة ودون ان يُملأ ذهنه وفكره وعقله، إنهم أشبه بالذين يريدون أن يصلوا الى القمر دون ان يركبوا مركب الفضاء.! لابد ان تركب المركب لتصل، وتدفع للوقود لتدفعك الوقود إلى العُلى، وكذلك حالنا اليوم مع اولادنا، الحقيبة وسيلة وليست الغاية، فلا تركزوا الكثير على الوسيلة دون الهدف، ليست أغلى الماركات للحقائب المدرسية وما على ظهرها من الشعارات و “الستيكرات” هى التي ترفع أطفالنا الى العُلى، وانما مدى استعدادهم لتقبّل ما بداخل تلك الحقائب من خرائط الطريق لطفل خرج ليعرف (أين الطريق.؟)

 

الكثير منا اليوم بطفله الأول بيومه الأول لروضته الأولى .. وهو يومٌ عصيب على الطفل الذي ينتقل للمرة الأولى من أحضان الأم الى احضان الحضانة، لكن الأكثرية هم الذين عادوا اليوم بفلذات أكبادهم بعد إجازة صيفية مليئة بألوان المرح والتسلية، والكلّ في الميزان (قناديل الأمل بالعلم والعمل)، لتنير الدروب، وهم الجوائز الكبرى على الدرب الطويل.

 

والجائزة الكبرى ليست ورقة بالأصفار على اليسار، وانما آحاد تتبعها من اليمين عشرات مئات وآلآف، فكل عشرة بين العشرات قد يكونوا هم الجوائز الكبرى، وكذلك كل مئة بين المئات وكل ألف بين الآلآف، إنهم الجوائز الكبرى لا لأنفسهم فحسب، بل وأيضا للجوائز الصغرى التي بجوارهم إلى أن تتحول كل صغرى للكبرى، فأبنائنا اليوم من الحضانات للثانويات ومنها الى الكليات هم الجوائز الكبرى لأمّاتهم وآبائهم.

 

وإبنك اليوم إن إستطعت أن تصنع منه الجائزة الكبرى لزميله  وأخيه بحقيبته .. فعليك أن تصنع منه أيضا الجائزة الكبرى لتراب الوطن ببندقيته.

ونبارك هذا العام أبنائنا، داخلي الخدمة الوطنية بأقدامهم .. كما كنّا نبارك كل عام، داخلي المدراس الوطنية بأقلامهم..
[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات