22 ديسمبر، 2024 8:57 م

في بديهية سائدة ، غالبا مايحمل رؤساء الدول النووية في جولاتهم حقيبة تسمى الحقيبة النووية ،والحقيبة النووية هي حقيبة تُجهز خصيصًا لتخويل استخدام الاسلحة النووية وعادة ما يتم الاحتفاظ بها بالقرب من رئيس أو زعيم دولة نووية في جميع الأوقات، في الدول الغير نووية  يصطحب الرؤساء في جولاتهم حقائب تحتوي على ملفات مهمة يتم طرحها في الحوار الدائر بين الرئيس الضيف والرئيس المضيف . الا حقيبة نيجيرفان البارزاني ،رئيس اقليم كردستان العراق فهي حقيبة مليئة بالابتسامات والحلول ، فالرئيس الكردي البارز يحظى بقبول واسع  محليّا واقليميا ودوليا ، ولطالما كانت تسبقه ابتسامته حيثما حلّ ملبيا دعوة ملك او رئيس او أمير . ولايحتاج نيجيرفان بارزاني الى حقيبة نووية او حقيبة ملفات ،  فالاقليم لايمتلك سلاحا نوويا مع انه يمتلك ترسانة من الثوار والمقاتلين الاشداء ، اما الملفات التي يناقشها الرئيس مع مضيفيه فهي لاتحتاج الى حقيبة لانها تعيش في رأسه على الدوام ، مثلما تعيش في ذاكرته هموم مواطنيه ، والمراقب للشأن الكردي لن يبذل جهدا كبيرا ليعرف ان مايشغل الشعب الكردي وحكومته لايتجاوز مسالتين او ثلاث، قضية رواتب موظفيه ، والمادة 140 من الدستور العراقي ، وحماية الاقليم من الأعتداءات التي تطال مدنه ومؤسساته تحت ذرائع واهية لاتتستند الى الواقع . قبل ساعات قليلة حطت طائرة  الرئيس نيجيرفان بارزاني في طهران تلبية لدعوة من حكومة ايران ، وهي ليست الزيارة الاولى للرئيس الكردي الذي تربطه علاقة تاريخية مع الجارة الشرقية للاقليم  ،حيث هاجر مع عائلته عام 1975 أبّان حقبة الكفاح االكردي  المسلح ، ودرس العلوم السياسية في جامعة طهران ، اي انه قضى جزءا من فتوته هناك ، لكنه اليوم يزور الجمهورية تحت ظروف مختلفة  واقل مايمكن وصفها بالقلقة ، فايران تعيش صراعا معلنا  مع الغرب وتحديدا اميركا واسرائيل ، وايران تربطها بدول المنطقة العربية تحديدا علاقات متوترة بسبب توسع نفوذها وتدخلها في شؤون الجيران ، وايران قصفت اربيل وقتلت رجل اعمال كردي وعائلته تحت ذرائع باطلة ولم تقدم عزاءا او حتى اعتذار ، ووكلاء ايران في العراق يتطاولون على حقوق الاقليم الكردي التي وثقها الدستور ،وهناك زحف يومي لاستلاب صلاحيات الاقليم وتوقف غير واضح الاسباب لتصدير نفط الاقليم .هناك قلق مستديم يعيشه المواطن الكردي ولايكاد يفهم اسبابه والحلول الممكنة لزواله ، حكومة الاقليم تقول علنا انها اوفت بجميع التزاماتها التي تحجج بها المركز لاجل ازاحة هذا الركود في العلاقة واطلاق الميزانية والرواتب وفك القيود عن تصدير النفط . رئيس الاقليم ماان يغادر بغداد حتى يعود اليها مجددا مع كل تلكؤ في تنفيذ الوعود ، ورئيس حكومة الاقليم يبعث البريد خطابا اثر خطاب موضحا للمركز اكمال تنفيذ كل مايطلبه المركز لاجل ازالة العقبات واطلاق الحقوق .وبين هذه وتلك لاتغيير في العلاقة بين الاقليم والمركز نحو الحالة المرجوّة والتي يمكن ان تلغي الحديث عن الرواتب والنفط نهائيا من اوليات الاخبار ، تطورات غزة ومالها من تاثير على المنطقة وتحديدا شعب الاقليم الذي يعتنق غالبيته الاسلام .تبادل القصف بين اسرائيل من جهة وايران ووكلائها من جهة ، هذه الامور جميعا ،والتي لاتسعها كل حقائب الرؤساء ، حملها نيجيرفان بارزاني رئيس اقليم كرستان العراق في قلبه الى مضيفيه  وسيحدثهم بها واحدة تلو الاخرى بصراحته المعهودة وابتسامته المألوفة ،وسيعود الرئيس من زيارته مطمئنا مرتاح البال ، لانه يعرف ان مواطنيه والمتابعين لنشاطاته في المنطقة والعالم ينتظروا نتائج زيارته ويثقون جدا بايجابيتها كثقتهم به كرئيس وحارس للاقليم