إن حق المرأة من المواضيع التي شابها شئ من التفاوت واختلاف النظرة للمرأة وذلك باختلاف الحضارات والديانات ومما لاشك فيه أن علم الاجتماع يبتني على ماتحمله الشرائع والاعراف الاجتماعية ولعل من أقدم الشرائع المدونة مثل شريعة (اورنامو) التي شرعت ضد الاغتصاب وحق الزوجة بالوراثة من زوجها .
كما جاءت شريعة (اشنونا ) فاضافت الى حقوق المرأة حق الحماية ضد الزوجة الثانية وشريعة عشتار حافظة على حقوق المراة المريضة والعاجزة وحقوق البنات غير المتزوجات ، وأخيرا قانون حمورابي والذي احتوى على 92 نصاً من أصل 282 تتعلق بالمراة وقد أعطت شريعة حمورابي للمراة حقوقا كثيرة من أهمها حق البيع والتجارة والتملك والوراثة والتوريث كما ان لها الولاية على الزوجة الثانية في السكن والملكية وحفظ حقوق الوراثة والحضانة والعناية عند المرض
وفي العهد الاغريقي كانت المراة مسلوبة الارادة في كل شئ وبشكل خاص المكانة الاجتماعية والقانونية ، فحرمت من الثقافة العامة والقراءة والكتابة .
ومنعها القانون اليوناني من الارث ويتوجب عليها ان تكون خادمة لسيدها ورب أسرتها ، فكانت نظرتهم نظرة دونية ويرون انها غير سوية من الناحية العقلية ويعاملونها كالعبيد ، وكانت الفتاة في عهد الاغريق لاتغادر منزل ابيها حتى يتم زفافها ولم تكن ترى وجه الزوج الا ليلة الزفاف .
وكان حجاب المراة اليونانية حجاب كامل لايظهر منها الا العين وقال فيلسوفهم ارسطو ( ان الطبيعة لم تزود المراة بأي استعداد عقلي يعتد به ) واتهم ارسطو رجال اسبارطه بانهم كانوا وراء المكاسب التي حصلت عليها المراة لانهم تساهلوا ومنحوها بعض الحقوق ، ورغم تقدم الحضارة الاغريقية الا ان المراة لم تنل حريتها او تحصل على حقوقها وذلك بسبب انشغال القادة والمفكرين في حياة الترف وانتشار الانحلال الاخلاقي
اما في العصر الروماني فقد حصلت المراة على حقوق اكثر مع بقائها تحت سلطة وسيادة الزوج .
وفي عهد الفراعنة وصلت المراة الى سدرة الحكم وكان لها سلطة قوية على ادارة البيت والحقل واختيار الزوج كما انها شاركت في العمل من اجل اعالة البيت المشترك .
وفي الحضارة الصينية ظلمت المراة وكان الزوج له الحق في سلب حقوق زوجته وبيعها كجاريه ومحرم على الارملة الزواج فكانت محتقره مهانه لاحقوق لها وكان يسمونها بعد الزواج( فو) اي (خضوع)
وفي الهند كانت تحرق او تدفن مع زوجها بعد وفاته .
اما المراة عند اليهود فكانت توصف بانها لعنة وهي المسؤولة عما يفعل الرجل من أفعال شريره والمراة في التلمود وهو الكتاب الثاني بعد التوراة يقول ( ان المراة من غير بني اسرائيل ليست الا بهيمة لذلك الزنا بها لايعتبر جريمة لانها من نسل الحيوانات )
اما الديانة المسيحية فقد منحت بعض الحقوق بعد ان كانت مضطهدة وليس لها اي مكانة في المجتمع حيث اوصى سيدنا عيسى (ع) بأحسان معاملة النساء ، وبالرغم من ذلك كان بولس يعتبر النساء أقل منزلة من الرجال فهو القائل ( لتصمت نساؤكم في الكنائس لانه ليس مأذونا لهن في الكلام ) ، بل أمرن بالخضوع والطاعة .
وكتب ايضاً ( لااسمح للمراة ان تتعلم ولا ان تغتصب السلطة من الرجال ولا تتسلط وعلها ان تبقى صامته )
اما في بريطانيا اصدر الملك هنري الثامن امرا يحضر على المراة قراءة الكتاب المقدس
وفي ايطاليا كانت المراة من عداد المحجور عليهم لغاية 1919 .
اما المراة في الإسلام : فقد حفظ الاسلام كافة حقوق المراة التي حرمت منها في الحظارات السابقة على مدى عهود طويله مثل حق المساواة والتعليم والعمل والارث وحتى الناحية الاجتماعية والاسرية .
وكان يوحي رسول الله (صلى الله عليه واله) بحسن معاملة البنات وكان يفرح عندما يسمع بأن زوجته ولدت له بنتا بل ذهب الى ابعد من ذلك بعلاقته مع ابنته الزهراء (عليها السلام) بان يطلق عليها بانها ام ابيها
كما ان الاسلام وضع الجنة تحت أقدام الامهات بعد ان كانت الحضارات السابقة تعتبرها لعنة بينما الاسلام اعتبرها متاع الدنيا ,قال رسول الله (صلى الله عليه واله) قال الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المراءة الصالحة
كما ان المراة في الاسلام شاركت الرجال في عدد من الغزوات العسكرية وابلت بلاءٍ حسناً .
ونالت التعليم لتصبح مثقفة واديبة وبارعة في الشعر الى جانب العلوم والتمريض والفقه في امور الدين والدنيا كما انها صانعة سلام كالسيدة ام سلمة في درء الفتنة بعد صلح الحديبيه
واعطاءها الاسلام الحق في اختيار الزوج المناسب لها وضمن لها الحقوق كافة حتى البيعة وهذا ما حدث في بيعة الغدير والشجرة وغيرها .
وفي وقتنا الحالي نجد ان المراة تشارك في الحياة السياسية بكل تفاصيلها وتشارك في الانتخابات بشكل فاعل والانتخاب ما هو الا نوع من انواع التوكيل وقد امضاه الشرع انه يحق لكل انسان اتخاذ الوكيل في شؤونه الخاصة منها والعامة
ولافرق بين الرجل والمراة كما انه لايلزم التماثل بين الوكيل والموكل ، كما هو الاشتراك بالتكليف بين الرجال والنساء فان الجميع مكلفون بما فرضه الله تعالى حتى وان كان الخطاب بصيغة المذكر ( ياايها الذين امنو )
فكما ان الخطاب عام للمشافهين المعاصرين للرسول (صلى الله عليه واله) ولغيرهم من الاجيال القادمة ، كذلك هو عام للرجال والنساء وهذا مايظهر ان ايات المشاورة لا تختص بالرجال فقط بل تشمل النساء ايضاً ( وامرهم شورى بينهم )
وقال رسول الله ص ( انما النساء شقائق الرجال ) فلها من الحقوق ما للرجال فهي كاملة الاهلية في جميع حقوقها وتصرفاتها في الملكية والبيع والشراء والزواج
كما لها الحرية والكرامة والمساواة في الانسانية .
ان علينا اليوم واجب كبير في الاهتمام برفع مستوى الوعي وفهم قضايا المراة فهما صحيحا ومتوازنا وفق ما قرره الشرع المقدس من اجل الحصول على اسرة صالحة ثم مجتمع صالح وبالتالي حياة افضل