18 ديسمبر، 2024 7:03 م

حقوق المتظاهرين تكاد أن تفقدَ شرعيتها

حقوق المتظاهرين تكاد أن تفقدَ شرعيتها

حين يتحول مسارُ المظاهرات السلمية من المسار الصحيح المرسوم من قبل أبناء الوطن الشرفاء الى مسار آخر تبرزُ أكثر من علامة استفهام تحتاج الى اجابات منطقية بعيدة عن التعصب الأعمى وردود الأفعال الطوباوية . ومن المعلوم والثابت أن المظاهرات في جميع دول العالم وليس العراق فحسب لابد أن تلتزم بقواعد التظاهر السلمي المبني على المحافظة على الوطن وعدم اللجوء الى الأعمال التخريبية والاجرامية . وخلاف ذلك فان خروج التظاهرات عن طابعها السلمي سوف يكون ذريعة لصالح السياسيين والمسؤولين أمام الرأي العام الشعبي والعالمي . ومن هذه الأسئلة المنطقية ما الهدف من تعطيل المدراس والجامعات والمؤسسات التربوية ، ولماذا يتم التركيز على هذه النقطة بالذات أكثر من غيرها ؟ أليس المقصود من هذا الأمر تدمير العراق تربويا وثقافيا واعادة أبنائه الى عصور الجهل ؟ مع العلم أن الحروب العسكرية المباشرة لا يتم الاعتماد عليها كثيرا عندما يُراد اسقاط شعب بأكمله وفق السياسات الحديثة التي اعتمدها الكيان الصهيوني بعد حرب اكتوبر عام 1973 ، وانما يتم اللجوء الى الحروب غير المباشرة المتمثلة بتأزيم الأوضاع الداخلية ونشر الفوضى واستهداف مؤسسات التربية والتعليم . والسؤال الآخر ما الهدف أيضا من محاصرة محطات توليد الطاقة الكهربائية ومنع العاملين فيها من الاستمرار بعملهم كما حصل في محطة الزبيدية في محافظة واسط وفي محطات أخرى ؟ أليس المقصود من هذا العمل ايقاف تجهيز المواطنين بالطاقة الكهربائية التي تعتبر عصب الحياة الأكثر أهمية وبالتالي خلق حالة من الهيجان والذعر لدى الشعب ؟ والسؤال الآخر لماذا بدأت الأعمال الاجرامية تتزايد يوما بعد يوم تحت عباءة التظاهرات ؟ وهل أن هذه العباءة سمحت للمجرمين والمخربين من الانضمام تحتها أم هناك مؤثرات خارجية سحبت البساط من تحت أقدام المتظاهرين ؟ والسؤال الآخر الأهم من كل الأسئلة لماذا كل قلم ينتقد أعمال العنف والتخريب المرافقة للتظاهرات يتعرض صاحبه للشتم والطعن والتنكيل والتهديد بالقتل ؟ كما أنه ليس من المنطق أن الذين يتظاهرون من أجل الاصلاح والقضاء على الفساد يحاربون الرأي المعتدل المتوازن ويحاصرون الكلمة الشريفة . نستنتج من كل ذلك أن حقوق المتظاهرين تكاد أن تفقد شرعيتها في ظل هذه الفوضى العارمة واختلاط الأمزجة والآراء . لأن السبب الحقيقي الذي دفع المواطنين للتظاهر هو سبب شرعي نبيل طاهر مضمونه رفض الطبقة السياسية الفاسدة وفشل ادارتها الصحيحة للبلاد ، وليس من المعقول أن يتحول هذا السبب النبيل الى أسباب أخرى تضع المتظاهرين في خندق واحد مع الطغمة الفاسدة .