حقوق الانسان في الأزمنة القديمة كانت متفاوتة بين حضارة وأخرى ، فكانت نسبية لدى الحضارات الرومانية والفارسية واليونانية وغيرها. وبعد مجيء الإسلام صارت حقوق الانسان هي الركيزة الاساسية التي اعتمد عليها المسلمون لإقناع الآخرين بالدخول للإسلام وترك عبادة الأصنام . فكانت أغلب الحقوق مُباحة وجائزة للأفراد سوى بعض المحرمات التي يرفضها العقل والقلب .
وقد ارتقى الاسلام بموهبة الحقوق للناس الى مستوى السمو والتقديس بحيث أصبحت الحقوق ضرورات لكل الأفراد، بل تم إدخالها في إطار الواجبات التي تُحتّم على الدولة والحكومة حفظها وصيانتها وتحقيقها.
فالحقوق البسيطة مثل المأكل والملبس والمسكن تُعد أموراً مسلّمة وليست صعبة التحقق ، إضافة الى حق الحياة الآمنة وحق حرية الفكر والاعتقاد والتعبير وحق التعليم وحق المشاركة في صياغة النظام العام للمجتمع وحق المراقبة والمحاسبة لأولياء أمور الحكم ، وكذلك أعطى الاسلام للناس الحق بالثورة على الحكومة الظالمة وتغيير النظام في حالة انتشار الظلم والجور والفساد .. كل هذه الامور صارت من وجهة نظر الاسلام ضرورات واجبة للفرد لا يحق لأحد المساس بها أو التعدّي عليها كائناً من كان؛ بل إن الاسلام يُحاسب الفرد نفسه لو تخلّى عن حقوقه ويعد ذلك الأمر إثماً إن فرّط بحق من حقوقه المنصوصة . فالمعنى الحقيقي للحياة من وجهة نظر الاسلام هو ممارسة الحياة بكامل الحقوق والحريات التي وهبها الشرع المقدس للفرد.
يذهب الدين الاسلامي بعيداً إذ يرى أن قيام الدين وبقاءه ورسوخه في المجتمع لن يكون إلا بتحقّق شروط حقوق الانسان، فعلى الحقوق والحريات تعتمد الدولة الاسلامية الخالدة. وهذا إمام الطائفة الاثني عشرية أبي جعفر الصادق (عليه السلام) يقول: “.. فلولا الخبز ما صلينا ولا صمنا ولا أدينا”، وذاك الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري خسر حياته من أجل حقوق الانسان وكان يُكرر قولته الشهيرة ” عجبتُ لمن لا يجد القوت في بيته كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه”.
والأحاديث كثيرة والروايات عديدة التي تؤكد على حقوق الانسان في الاسلام وتمنع الاعتداء على أي حق ولو كان صغيراً أو قليلاً بنظر الفرد ولكن الاسلام يراه عظيماً بعظمة الانسان، فالإسلام جاء مُعظّماً للإنسان في كل بقاع الارض وليس في مكان أو زمان معين .
على الحكومات التي تدعي ارتباطها بالإسلام وان الدين الاسلامي هو المصدر الرئيسي لدستورها أن تراعي حقوق الانسان وتعيد إليه ما أخذ منه بالظلم والاكراه ، كذلك على الانسان أن يُطالب بحقوقه المغصوبة وأن لا يسكت وينتظر من يوصلها إليه لان الحقوق تؤخذ ولا تعطى .