23 ديسمبر، 2024 10:41 ص

حقوق الاقليات وسطوة الاكثريات ..وزير العلوم “انموذجا”

حقوق الاقليات وسطوة الاكثريات ..وزير العلوم “انموذجا”

تتشابه على المتتبع للشأن العراقي تفاصيلة المرحلة التي يعيشها ابناء الرافدين في ظل تطورات وتحولات ربما تكون متسارعة من حيث التوقيت وقد تكون بطيئة من حيث التغيير في الشؤون الداخلية ، ولكن ماتم ملاحظته هو ضيق حركة الاقليات او المكونات الصغيرة من الديانات والقوميات التي باتت عرضة للاستهداف من قبل عصابات داعش الارهابية او من قبل مافيات الجريمة وعشاق الدم .

ولعل ما ينذر بهجرة تلك الاقليات عن البلد وتناقص اعدادهم هو ضعف الاجراءات الحكومية في اختصار المدة الزمنية لاعادة النازحين منهم الى ديارهم او توفير الامن اللازم لمن لم يتعرض الى بطش داعش واكتفى بالوقوف عند رحمة من له رأفة وتعاطف مع الديانات الاخرى .

وبالرغم من النداءات والدعوات التي تبعث الامل في نفوس المسيحيين والازيديين وغيرهم من ان الاستقرار قادم ولكن هذه المرة من المصباح السحري الذي يصنعه العراقيون بأنفسهم الا ان مازالتل خيبة الامل تكتنف الكثير من ابناء الديانات في ان تعود امورهم الى سابق عهدهم كون الخطوات الخجولة لتحقيق النصر على داعش والعصابات المجرمة يحتاج الى فترات قد تكون طويلة .

وكما قيل فان من الحقائق التي يقرها علم الاجتماع السياسي ، ان الواقع السياسي لأي مجتمع هو الذي يدفع بأتجاه تقرير الحقوق وترتيب الالتزامات اتجاهها ، وهذا ما يعني انه لولا وجود خلل سياسي في المجتمع لما دعت الحاجة الى اقرار الحقوق وتضمينها في تشريعات محددة ، وهكذا فان التشريعات المنظمة للحقوق العامة هي التي تقرر مدى الحاجة الى اقرار تشريعات اخرى لضمان حقوق الاقليات ، وعند هذه النقطة يتحدد مسار التوازن الاجتماعي بين الاغلبية والاقليات ، فأذا كانت الاقليات تتمتع بنفس الحقوق التي تتمتع بها الاغلبية ، فلن يكون هناك من داع لاضافة تشريعات جديدة لضمان حقوق الاقليات ولكن عندما يحدث الخلل ، وتنعدم العدالة في ترتيب الحقوق والاولويات بين الاغليبة والاقليات تبرز معضلة الاقليات بشكل جلي.

 وهذا الامر جعلت الاقليات العراقية في حيرة من امرها في مسألة تمثيلهم على المستوى السياسي في الدولة العراقية الحديثة والتي رغم انها تحترم حقوق الاقليات بحسب الدستور الا ان هناك مآخذ كثيرة عليها يروج لها ممن ينتمي الى الطوائف غير المسلمة بالسر والعلانية .

الحادثة التي تعرض لها اليوم وزير العلوم والتكنلوجيا فارس ججو في محافظة ميسان واصابة اثنين من حمايته  بهجوم مسلح  من قبل حماية النائب علي معارج ، في منطقة الحلفاية في قضاء الكحلاء يعكس مدى خطورة التخوفات التي تعيش في اذهان الاقليات من عدم انصاف حقوقها بالرغم من التهويل المتعاظم في احقاق الحقوق ورفع المظلمة والابتعاد عن لغة الاقصاء والتهميش  .  

وليس غريبا على وزير العلوم والتكنلوجيا ان ينفي تعرضه الى محاولة اغتيال في محافظة ميسان  ، مكتفيا بالقول “انه لا توجد هناك محاولة اغتيال في المحافظة ولكن ما جرى مجرد نشوب خلاف شخصي بين الحمايات”، وهذا مايجعل جميع التفسيرات تشير الى وجود مخاوف حقيقية من ان تكون سطوة الاكثرية تخيف الاقلية التي ربما لا يمكن ان تواجه ذلك حتى لو بكلمة (لا) .

كما وان هناك من الاقليات ما يستقرأ ان تلك الحادثة وغيرها من الحوادث تشير الى وجود استخفاف بالحقوق وهناك عدم وضوح في مدى امكانية ان يكون للمسيحية والصابئة والايزيدين وغيرهم دور رائد في الديمقراطية العراقية التي تشير الى اهمية حفظ حقوق الاقليات.

واخيرا فان ما يجب ان يتم تداركه هو عدم التغاضي على الانفعالات غير المحسوبة التي قد تحدث في المدن المستقرة والتي تؤدي بالتالي الى ابرراز افكار ربما تنسف كل ماتحقق من انجازات في المشروع الديمقراطي بل وتتسبب تلك الحوادث بخلق الطبقية المفرطة التي تهدد بخلط الاوراق بالبلد .