20 ديسمبر، 2024 12:40 ص

اليوم وبعد خمسة عشر سنة من احتلال العراق لا نجد ملامح دولة حقيقية. فكل شيء بهذا البلد مباح فأصبحت دماء الشعب مباحة دون أي رقيب يذكر او محاسبة جدية.
قبل سقوط النظام واحتلال البلد ورغم دكتاتورية النظام الحاكم ورجالاته كانت هناك مؤسسات تدار بقانون دولة وهنا نذكر الدولة الفعلية بكامل المؤسسات بغض النظر عن تصرفات النظام واستبداده والتخندق الدكتاتوري الذي كان يمارسه نحن بصدد تعريف معنى دولة.
فحقيقة ان الدماء مهدورة ويمكن ان يقتل أي شخص بدم بارد ويفلت من العقاب أصبحت سهلة جدا والسبب في ذلك حقيقة الفساد الإداري والمالي الذي يعاني منه العراق منذ ان تم احتلاله في عام 2003.
ان أكبر مفسدة حدثت بتاريخ العراق وكان الهدف منها تمزيق العراق وتشتيته ونهبه واستباحت الدماء ما فعله الامريكان بحل مؤسسات الدولة الأمنية من جيش وشرطة وما الى ذلك وصار السلاح بيد العامة.
هذا كله إضافة الى سرقت ونهب اثار العراق وسجلاته المركزية والكتب الرسمية وحرق الكثير من الحقائق التي لو بقيت لتغير حال العراق الى الأفضل.
ان كلمة حقائق أصبحت كلمة متداولة لدى العامة والخاصة والكل يتحدث بها لكن الطامة الكبرى حين يقول الشخص الحقيقة ويعمل خلافها من عامة الشعب وخاصته. بداية من رمي النفايات والقاذورات في الشارع والأماكن العامة وصولا الى الرشوة والمحسوبية ما ولدة حالة من الإدمان على تلك الأمور المخالفة لطبيعة الانسان نفسه والتي أدت بالنهاية الى تمزيق وحدة الصف وكثرة الفساد المالي والإداري وصولا الى الأخلاقي.
اليوم لا يختلف اثنان على ان الرشوة والمحسوبية سيدة الموقف بكل المجالات فمثلا دوائر الصحة عامة عند دخول شخصية معروفة او أقارب أطباء او أقارب سياسيين تقوم الدنيا على حالها خدمة لذلك المريض في الوقت نفسه عندما يدخل بسيط من عامة الشعب المستشفى ولا ينظر الى حالته ويموت جراء نقص الدواء او عدم وجود كادر طبي كما حدث مع الطفلة رهف وعندما يحقق بالأمر ويصدر تصريح بالتقصير يلجأ الأطباء الى مقاطعة المرضى احتجاجا على وزارة الصحة بقرارها وكأنما الأطباء اليوم ليسوا ملائكة رحمة وانما شياطين الانس. والامر يتعدى ذلك فبعض الأحيان يموت شخص داخل مستشفى خاص تابع الى جهة معينة وعندما يقدم طلب الى القضاء ولا ينظر به ماذا يفهم من ذلك.
الحقيقة المرة التي ربما ينتفض البعض على شخصي ويقول مدعي ومرتشي ومدفوع من جهات اجنبية هي ان السياسيين الحاليين باقين في السلطة بسبب الشعب نفسه لأنه وبصريح العبارة هو من اجلسهم على الكراسي نتيجة العاطفة العشائرية والدينية المتأصلة لدى الفرد العراقي.
اليوم وعندما تتكلم عن أي شخصية دينية او سياسية بانتقاد معين لتصرف معين ربما تموت بسبب تلك الكلمة وهذه طامة الحقائق. فالانتقاد معناه رؤية الموضوع من جهة الناقد بانها خطا او دون المستوى. وهذا الجهل استشرى في البلاد وأصبح من المستحيل تغييره. باعتقادي الشخصي سوف نحتاج لخمسين عاما من التثقيف والتعليم حتى نصل لمستوى انتقاد الأفعال لدى الأشخاص أيا كان مركزهم فهم بالأخير بشر خاطئون.

أحدث المقالات

أحدث المقالات