الحقيقة الاولى : ان الشعب العراقي ولأكثر من ثلاثة عقود مر بنظام دكتاتوري مستبد اهلك الحرث والنسل وعمل بكل ما اؤتي من قوة على عزل العراق عن العالم وحرص حرصا شديدا على اشاعة الفقر والجهل بين اوساط الشعب العراقي وجعل الفرد العراقي لا يفكر الا بكيفية توفير لقمة العيش لعيالة وباي طريق وباي اسلوب واذا دخل الى بيته لا يأمن من قتل او اعتقال وحاول قدر الامكان ان يقنع الفرد العراقي بانه عنصر غير فعال وانه( ما تصير له جارة) وغيرها من المفاهيم الفاسدة وبقى الشعب على هذه الحالة حتى زال ذلك الكابوس المرعب وهنا تبرز هذه الحقيقة وهي كيف اطلب من الشعب ان يكون ديمقراطيا تسود فيه روح المواطنة بين ليلة وضحى وان يصبح حضاريا يسمو على جراحاته ويتحول تلقائيا وبدون اي مؤثر الى ما نريد .
الحقيقة الثانية : ان اغلب من جاء بعد سقوط الهدام هم ممن كان يعيش خارج العراق ولعقود طويلة بحيث لم يبق من عراقيته سوى الاسم فقط وهو من الطبيعي جدا لان كل من يترك بلده يمر بظهور وقهر وحرمان وجوع وغيرها من الامور تاركة اثارا سلبية على نفسيته وعلى شخصيته لا اعتقد انه يمكن ان يتخلص منها الا بعد ان يمن الله عليه بالموت لذلك فالحقيقة هنا ان هؤلاء وخصوصا من اصبح من اهل الحل العقد مازالوا يعانون من الشحة والتقتير والنظرة السوداوية وسوء الظن فكانوا ومازالوا سببا في تلكؤ الكثير من القرارات والمشاريع في عموم البلد .
الحقيقة الثالثة : في كل الدول التي تتبع النظام البرلماني هناك جهتان اساسيتان هما الوحيدتان اللتان لهما اليد الطولى في ادارة الدولة واي جهة اخرى مهما كان اسمها او شكلها أوشعبيتها تتصاغر امام هاتين الجهتين ومع شديد الاسف فان من ترشح لعضوية هاتين الجهتين في العراق هم ممن لا يستطيع ان يدير نفسه وليس لهم من الادارة والمواطنة حظ يذكر لذلك تورط الكثير منهم بقضايا ارهاب وفساد اداري ومالي والحقيقة هنا ان سوء ادارة الدولة والحكومة والتفرد في اتخاذ القرارات والشخصنة والتهميش سببها الرئيس هو معرفة وتيقن رئيس الوزراء بحقيقة الاعضاء في هاتين الجهتين مما جعلته يكون في حل من قراراتهم .
الحقيقة الرابعة : ان الاغلبية في مجلس النواب ومجلس الوزراء هم من طائفة معينة وهي الطائفة الشيعية وهي بيدها كل مقاليد الامور وهذه الطائفة تقاد وتنصاع لجهة معينة وهي الحوزة العلمية في النجف الاشرف ولا تستطيع في اي حال من الاحوال ان تدير ظهرها(الحكومة) لتلك الجهة والا وقعت فيما لا يحمد عقباه في الدنيا والاخرة والحقيقة هنا هو ابتعاد المرجعية عن التدخل في كل امور المجتمع والحكومة خاصة وعدم بسط يدها على مقاليد الامور في البلد واتباعها سياسة رد الفعل البسيط جدا حيال ما يجري في البلد هو الذي اوصل الامور الى ما وصلت اليه الان .
الحقيقة الخامسة : ان ما يجري من مشاكل متكررة بين الحكومة والاقليم تزداد يوما بعد يوم والتي اثرت سلبا على الشعب العراقي مسببة له خسائر مادية وبشرية لن تنتهي الا بحصول الاكراد على كركوك والمناطق التي يتنازع عليها وهذه الامور لن تحصل لذلك سيبقى الوضع على ما هو عليه من التناحر والتشرذم الى ان يأذن الله بخلافه .
الحقيقة السادسة : بعد الاحداث الطائفية التي مر بها العراق في الاعوام 2005- 2006 اتبعت الحكومة سياسة خاصة مع المناطق الغربية ذات الاغلبية السنية بحيث اسيء استخدام القانون وحصل فيه اجحاف كبير وتعدي على الكثير من الحرمات مما ولد احتقانا عند المجتمع وكان ينتظر اللحظة التي ينفجر فيها وفعلا جاءت تلك اللحظة بقضية وزير المالية وافراد حمايته فخرجت تظاهرات عارمة في تلك المناطق استغلتها جهات خارجية كانت تتحين الفرص للنيل من امن العراق ووحدته والحقيقة هنا ان سكان المناطق الغربية وخصوصا اهل الانبار اصبحوا مهيئين جملة وتفصيلا لاستقبال القاعدة والترحيب بهم وايوائهم وتوفير الملاذ الآمن لهم وجعل الانبار قاعدة للانطلاق نحو محافظات العراق لسبب مهم جدا وهو ان اهل الانبار ليسوا مغفلين بحيث لا يعرفون خطر القاعدة عليهم وعلى العراق بصورة وعامة ولكن وكما يقال اهون الشرين على الاقل انهم يشتركون معهم في العقيدة وغيرها من المشتركات الاخرى ولذا فان القول بان هناك مندسين بين المتظاهرين يستدعي الضحك وانما المفروض ان يقال هناك ضيوف شرف بين المتظاهرين .
الحقيقة السابعة: ان العراقيين وبصورة عامة ومنذ اقدم الازمنة ينظرون الى رأس الهرم في السلطة وينسبون له كل ما يحدث في بلادهم لذلك نسمع من كبار السن ممن بقى على قيد الحياة يقول كان نوري السعيد يفعل كذا وكذا ونسمع في الوقت الحاضر ان هدام فعل كذا وكذا وان المالكي فعل كذا وكذا ولذا فان العراقيين لا يؤمنون بدولة ومؤسسات ووزراء ومستشارين وسلطات تشريعية وتنفيذية له دور كبير في ادارة البلد وانما ينظرون فقط لمن يجلس على الكرسي في رأس الهرم والحقيقة هنا ان كل ما يحدث من مشاكل وتظاهرات ومطاليب يمكن حلها ببساطة وهي ان يتنحى الاستاذ المالكي من الحكم ويفسح المجال لغير من اعضاء التحالف الوطني لإدارة الحكومة ورئاسة الوزراء .
الحقيقة الثامنة : ان الشيعة في العراق هم يشكلون الاغلبية بين اطياف المجتمع العراقي وهم في تزايد مستمر على الرغم ومن القتل والابادة والممنهجة ومادام النظام في العراق ديمقراطي والحكم لصناديق الاقتراع فالحقيقة هنا ان الحكم لن يكون في يوم من الايام لغير ابناء هذه الطائفة وعلى الشيعة في العراق الا يربطوا مصيرهم بشخص معين ولا يتمسكوا به بحيث يصنعون من دكتاتورا وعليهم ان يقتنعوا بان التغيير من الامور الحضارية عند كل الامم ومادام من يأتي من طائفتهم فلا اعتقد ان هناك مشكلة .
الحقيقة التاسعة : هناك جهة شعبية برزت في العراق في نهاية التسعينات وهي حركة دينية شعبية بذر بذرتها وسقاها بدمه السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر (رضوان الله تعالى عليه) واخذت تتنامى شيئا فشيئا حتى وصلت اليوم الى تيار مليوني يضم مختلف الطاقات والكفاءات والاعمار يأتمر بقيادة واحدة ويتقاتل في سبيل ارضائها يسمى بالتيار الصدري والحقيقة هنا ان الدولة العراقية كحكومة مركزية وحكومات محلية لن يكتب لها النجاح الا بالاعتماد على بناء هذا التيار فهم يخضعون الى رقابة صارمة لا تأخذها في الله لومة لائم .
الحقيقة العاشرة : ان كل ما أوردته من حقائق اعتقد انها واقعية وحقيقية لن يتم التعامل معها على انها حقائق وانما الناس قد جبلت على امور لا يمكن ان تغيرها وسيتم التعامل مع هذه الحقائق على انها نسج من خيال الكاتب يحاول من خلالها الترويج لجهته السياسية او الدينية وانا لله وانا اليه راجعون .