هناك دوما باب صغير يختلقه أصحاب الأقلام المأجورة ليبرروا لأنفسهم تزييف الحقائق.. ورغم أنه يكون ضيقاً لكنه يكشف الشر الحقيقي الكامن وراء من يستخدمه..
لنفهم سبب محاولة هذا التسلل العقلي الذاتي ما علينا سوى أن نبحث خلف الشخصيات، التي تستند عليها في مقتضيات الرواية الكاذبة، التي يؤلفها عديمو الضمير وتجار الكلمة..
سنفصل بعض حقائق التاريخ القريب، قبل أن نشرع في تكذيب وتبيان حقيقة البعض حتى لا يكون النقد سابقا لأوانه، ونكون على بينة من أمور عدة قد يغفل عنها البعض أو يتغاضى عنها، وتأخذه “تلك الايام” للتجني على رموز كان لها الأثر الكبير في تهيئة مجتمع صلب عقائدياً، واعي ثورياً، ليواجه ثلاثين عاماً من حقبة سوداء مظلمة، على يد أعتى طغاة العصر الحديث.. صدام حسين.
أولى الحقائق كان مبدأ أن “الشيوعية كفر وإلحاد” تلك الجملة الشهيرة التي أطلقها المرجع الأعلى للطائفة الشيعية السيد محسن الحكيم في خمسينيات القرن الماضي.. هذه القاعدة أثبتت بالدليل القاطع أن المرجع الراحل وعائلته قطعوا الطريق على أي علاقة مستقبلية، تربط بين الحزب الشيوعي وعائلة الحكيم آنذاك.. وهي سبب العداء المستمر، من الشيوعيين للمرجعية وليومنا هذا..
الحقيقة الثانية هي ما قام به الطاغية صدام حسين من إعدامات لمعارضية ومن يشك في أن ولائهم لغير حزب البعث، في أوائل إستلامه للحكم، وكانت جملته الشهيرة “ما ممكن نخلي أي معارض للبعث يشم الهوى” في مؤتمر لحزبه المنحرف، لذلك كان كافة المعارضين للنظام هم هاربين خارج الحدود، ملاحقين من قبل جلاوزة النظام لأغتيالهم.
الحقيقة الثالثة هي أن الحزب الشيوعي بعد الستينيات أنقسم إلى مجموعة معارضة هربت إلى الخارج، وأخرى مساندة للحكم البعثي وأستمرت إلى يومنا هذا، تتناغم مع كافة أنظمة الحكم في تقاسم فساد السلطة..
كل هذه الحقائق تكشف التزييف الذي أورده المدعو حميد عبد الله في قناة “تلك الأيام” حين ربط السيد مهدي الحكيم مع الشيوعيين في محاولة أنقلاب ليس لها وجه من الصدق، أما ماذكره بخصوص علاقة تربط صدام بالسيد الحكيم فهي تنافي الحقيقية الثانية، وتتناسب عكسياً مع دور الحكيم في المؤتمرات العالمية، من فضح النظام الإجرامي للبعث.
يستمر صاحب القناة بمغالطاته فيدعي وجود خلاف بين السيدين محمد باقر ومهدي الحكيم.. ويبدوا أن الرجل لايفهم أو يتصور أن الجمهور السامع له لايفهم.. حيث أن لكل معارضة شقين أحدهما عسكري وهو مايقوده الشهيد محمد باقر، والآخر دولي سياسي لتبيان حقيقة نظام الحكم وكسب تعاون المنظمات الدولية، للوقوف بوجة الدكتاتورية، وهذا كان دور الشهيد مهدي الحكيم.
يجب آن يكون للأقلام الوطنية دور في تبيان تزييف الحقائق الحاصل، وإلا سوف يشوه كذبهم جسد الذاكرة العراقية، ويؤدي إلى إنتاج جيل تاريخي منحرف فكرياً لن يستطيع أن يبني دولة حقيقية، فالبنيان الصحيح يبدأ من الأساس القوي، وأرتكاز كل الأوطان يعتمد على تأريخ رموزها المشرف.. الذي يعتبر هو الممهد لقيام دولة متطورة واعية لحقائق الأمور.