تلقيت دعوة من صديق لحضور حفلة بمناسبة عيد ميلاد زوجته ، ذهبت مع العائلة . عند وصولنا استقبلنا صديقي وزوجته ووجهيهما يشعان سرورا . كان في الحفلة عدد من المدعوين رجالا ونساءا معهم مجموعة من الاطفال وقد ظهرت اثار الفرح على الجميع . تتوسط غرفة الاستقبال طاولة وضعت عليها ( كيكة) مغطاة بالكريمة يتخللها عدد من الشموع المضيئة . تمنيت لصديقي وزوجته عمرا مديدا مكللا بالسعادة والصحة والامان . شعرت بعد فترة قصيرة من جلوسي بان صديقي شارد الذهن وهو يتامل الموجودين .
سالته :- ماذا بك يا صديقي ؟
اجابني :- كما تعلم بان زوجتي هي ريحانة حياتي التي جعلت من بيتي روضة وافرة السعادة ، انها سندي في هذه الحياة. ولا اخفيك قولا بان حياتي لا قيمة لها بدونها …. باختصار انها الحياة .
قلت له :- هذا ما اعلمه وما هو قائم بالفعل .
قال صديقي :- سالتني لماذا أنا شارد الذهن بالرغم من ان الفرح والسعادة يملآن المكان الذي تفوح منه طيبة هؤلاء الناس وصدق عواطفهم ومشاعرهم النبيلة …. ان هذا الشرود يا صديقي هو اثر تسائل داهمني ، ماذا يريد منا الاشرار؟ رغم ما تراه من مشاعرنا المتبادلة الواضحة امامك .
قلت له :- لم افهم قصدك؟
قال:- كم عمر صداقتنا ؟
اجبته :- اعرفك صديقا منذ اكثر من عشرة اعوام .
قال:- هل تعرف طائفتي وطائفة زوجتي ؟
قلت :- انت تعلم ان موضوع الطائفة لم افكر فيه ولن اسال عنه يوما من الايام ، اعرفك كصديقي واعرف زوجتك نِعمَ الزوجة لك ، لما يتمثل فيها من النبل والتفاني والطيبة .وهي بمثابة اخت لي ولزوجتي بما تملكه من صفات حميدة .
قال :- هل تعلم باني شيعي وزوجتي سنيه؟ وتلك قريبتي الشيعيه زوجة شقيق زوجتي السني . وتلك بنت اخت زوجتي السنيه والذي الى جانبها زوجها الشيعي . وتلك بنت خالة زوجتي المتزوجة من شيعي وهي أم لدكتور استشهد اثر مواجهة مع الحرس الجمهوري اثناء انتفاضة عام 1991 والذي سمي الان احد الشوارع الرئيسية في المدينة باسمه وانظر الى اطفالهم هؤلاء الذي يجري في عروقهم الدم الشيعي والدم السني . البعض منهم اعمامهم شيعة واخوالهم سنه والبعض الاخر اعمامهم سنة واخوالهم شيعة . انظر الى علاقتهم مع بعضهم والتي يتمثل فيها البراءة والمحبة . انظر اليهم كيف يحتضن احدهم الاخر بقلوب صافية ونفوس نقية لا يشوبها كدر ولا ضغينة . تأمل ما تراه ، وكيف تراه؟
قلت له:- ما اراه هو الواقع الحقيقي لنا كعراقيين والذي يتجسد كلوحة رائعة خطتها انامل رسام ماهر عرف كيف يوزع الوانها وكانها تنطق بما يوحي به جمالها وروعتها .
قال :- اذن لماذا يريد السياسيون والمغرضون من رجال الدين تلويث هذه اللوحة الجميلة .؟
قلت :- صدقني لن يستطيع هؤلاء جميعا ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا الاساءة لهذه اللوحة الجميلة أو تلويثها لانها تنبض بالحياة ومليئة بالصدق والالفة والمحبة ورابطة الدم …. ثم من قال لك ان هؤلاء سياسيون ورجال دين ؟ يا صديقي ان هؤلاء عصابات من العملاء لمخابرات دول اخرى كامريكا وتركيا وايران والسعوديه وقطر . وما يفعلونه هو عنصر من عناصر ستراتيجية موضوعة لتدمير هذا الوطن .
قال :- صدقت ، كلي شعور بانهم لن يفلحوا في تحقيق هدفهم لانهم لن يستطيعوا تمزيق روح واحدة هي نحن .
قلت :- يا صديقي انتظر حوبة العراق وحوبة اهله الطيبين البسطاء بهؤلاء واسيادهم . وسترى كيف سترتد سهامهم الى نحورهم وسيصبح بأسهم بينهم وستنقلب مخططاتهم على بعضهم تدميرا وموامرات ليشعروا بعد ذلك بالالم الذي قاسيناه سواء اثر فقد اخوتنا من مواطنين بسطاء اغتالتهم ايادي هؤلاء المجرمين بالمفخخات أو ألم ممارساتهم لتدمير وطننا اثرهذه المؤامرات والمخططات الخبيثة .
لاحت على ثغر صديقي ابتسامة ملئها الرضى والثقة والاطمئنان ،عندما تعالت الاصوات بان لحظة اطفاء الشموع قد حانت …. نهضنا لنجتمع حول طاولة (كيكة) عيد الميلاد . مسك صديقي وزوجته السكين ليقوما سوية باطفاء الشموع وقطع الكيكة بيد واحدة وسط تمنيات الجميع باستمرار السرور والفرح والسعادة.