في الوقت الحاضر تواجه ليبيا عدم وجود النظام الإداري الموحد والفوضى وتدخل القوى الخارجية في العملية السياسية الداخلية والتي تعتبر الأسباب الرئيسية للحرب لا نهاية لها في البلاد. ويكمن مصدر الحرب الأهلية المستمرة ليس في انقسام الشعب بل في تضارب المصالح للنخب السياسية الليبية.
على مدى السنوات القليلة الماضية، يعيش الناس في ليبيا في حالة ازدواجية السلطة. من جانب واحد، هناك حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج والتي تعترف بها دول الغرب. ومن جانب أخر، مجلس الوزراء يرأسه عبد الله الثني الذي يدعمه الجيش الوطني الليبي تحت قيادة المشير خليفة حفتر.
من الجدير بالذكر أن يمتلك الجيش الوطني الليبي طيران حربي ووحدات وتشكيلات قتالية بالإضافة إلى نظام الإدارة المركزية. وليس من المبالغة القول إن الجيش الوطني الليبي ينشأ من القوات المسلحة للجماهيرية. في الوقت نفسه، تشبه القوات الموالية لحكومة طرابلس الجماعات المسلحة غير الخاضعة لسيطرة السراج والتي تتابع أهدافًا غير واضحة وتنشر الفوضى في أراضيها.
لكن السؤال المنطقي هو لماذا لا تحظى قوات حكومة الوفاق الوطني بشعبية بين ليبيين؟ من المعروف أن هذه القوات تشكّلت بدعم من مجلس الأمن الدولي وتتألف من المرتزقة، بما في ذلك جنود من بلدان أجنبية.
تجدر الإشارة إلى أن قبل تحرير منطقة الهلال النفطي عام 2016 من قبل قوات حفتر حصلت الجماعات الإرهابية على الدعم المالي والآليات والأسلحة والذخائر في موانئ راس لانوف والسدرة والزويتينة والبريقة. فأوضح المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي أحمد المسماري: “بعد تحرير النفط عام 2016، توقعنا أن تقوم كافة مؤسسات ليبيا وكل القطاعات والمكونات السياسية والاقتصادية بدعم القوات المسلحة من أجل إكمال عملية التأمين والمحافظة على المؤسسات النفطية لكننا لم نحصل على أي دعم أو مساندة”.
أين تذهب الأموال بفعل؟ لماذا لم تجري مكافحة الإرهاب والانعاش الاقتصادي؟ ولماذا لم تقدم طرابلس أي الدعم المناسب بعد تحرير موانئ النفط؟ من الواضح أن المتطرفون الذين احتجزوا راس لانوف والسدرة تصرفوا بناء على موافقة السراج وحكومته. ولذلك اتخذ حفتر قراراً نهائياً بتسليم موانئ النفط إلى المؤسسة الوطنية للنفط التابعة للحكومة المؤقتة. وقال رئيس المؤسسة الوطنية للنفط في بنغازي فرج سعيد الحاسي إن النفط هو قوت جميع الليبيين، وينبغي المحافظة عليه من أيدي العابثين به، من خلال وضع إيراداته في مكان آمن، لا تطاله الجماعات المتطرفة.
لم ترحب حكومة الوفاق الوطني بهذه الفكرة. بعد أن أدرك السراج أن يفقد السيطرة على صناعة النفط بدأت حكومته بالتهديد المجتمع الدولي وطلبت من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة منع أي “المحاولات غير القانونية لبيع النفط الليبي”. وكما هو متوقع، قد دعمه بعض الدول الغربية.
من الواضح أن الغرب لا يهتم بإيقاف الحرب وسفك الدماء في ليبيا. من المهم أن نفهم أن كل ما يحدث في ليبيا هو نتيجة خطة لزعزعة الاستقرار في المنطقة وتخصيص الموارد الطبيعية الليبية. ومع ذلك، حتى يوجد أشخاص مستعدون للدفاع عن مصالح الشعب ستكون الفرصة للسلام والازدهار في ليبيا.