23 ديسمبر، 2024 3:22 م

عِبر المسافات، تربكني الدهشة حنيناً.. يترنّح صوتك.. عابر سبيل يختصر طُرُقاً يباباً.. يطويها بلهفة عاشق.. ليفتح للفرح أبوابه الموصدة..

.. أتلفّت يميناً ويساراً.. هل تسمعني الجدران.. أم هو قلقي يسوق غيماته لتنثّ حزناً عبر نافذة الخوف؟ بل هي يدك تتلقّف نتف الروح المتساقطة من فرط الدهشة. وأحار فيك.. تسكنني أو أسكن في أحلامك؟

..لا تعجب.. إن سألتك أن تتوقف قليلاً.. فكلمات الشوق تحتاج الى ترجمة وذاكرتي نسيت كل اللغات.. اللحظة..

.. افتقدتك.. مرت ايامي حزينة من دون نبضك يبث الحياة في بدني المنهك.. وكنت كلما افتقدتك.. تقلصت ابتسامتي في زوايا الفم لتسخر من رعونة احلامي.. ولسعتني سياط الشوق. تصفعني صرختها: ألا تتعبين؟ ألا تنتهين؟ محطات الذاكرة مغلقة بشريط أصفر، لم تعد تحتمل حقائب المسافرين.. عيناك نزفت كل ما لديها من دمع فلم يتبق سوى الأسود..

.. لا أخفيك.. ليس لدي ما اشاركك به سوى حيرتي واحاديث كثيرة عن عمر يتعلق باطراف ثوبك ان تلتفت اليه.. فالطريق ملغوم بالوحشة.. واخاف الوقوف على مجهول الزمن القادم..

.. من يفتح لي إن أسقطت مفاتيح الوقت؟ وأين سأجد أيامي؟ في لوحة اعلان منسية تعلن عن العثور على سنوات ضائعة تناشدك التعرف عليها لتنتشلها من.. من ماذا؟

أرهقتني علامات السؤال تنهي كل ما يتعلق بك.. متى تأتي النقطة.. لا احتمل حتى الفوارز، وانت تكثر منها..

.. إلى متى؟ هائمة تظل ارواحنا ابداً.. تتنقل بين جزر لانعرفها.. تمرق فوق غيمات حزن اسقط الدمع من حساباته..

.. اعذرني إن تبعثر كياني وعدت الى بدء التكوين.. فجحافل الحنين ترهبني عندما تجتاح قلاع الصبر في صفنة حب. فانت.. تطل كمطر عراقي يصوم سنوات عن عشق الصحارى ليعود ثانية ينثّ دموع حزنه شحة، فلا يروي ارضاً ولا يشفي جرحاً..

.. ريبة.. والليل سفر.. والانتظار قشعريرة .. وحدها كلماتك تسحب خيوط الشمس نحو صباح جديد.. ليطوي النهار محطات الاحلام وأبحر في عالم النسيان ثانية علّي أرسو على جزيرة ابعد من الخيال ادفن فيها ذاكرتي المتخمة بك.

.. تعبت من الحراثة في ارض بور وارهقني هذا الحبل السري الذي يربط بين خطين متوازيين لا يلتقيان.. افقدني توازني.. الى متى؟ لا اعلم.. جردتني من كل شيء……. فاعد لي (الأنا) لأجد ما أتوكأ عليه..

.. تعلم ان عصافير الاحلام تظل تزقزق على شرفات الايام وان خبت انوارها.. فلا تغلق نافذتك طويلا.. ولا تخش مني فانا مثلك تماما اخشى من ظلي ان يفضح امري..

.. اشتقت اليك كثيراً.. ولما تعبت.. اشتقت الى نفسي ونسيت أني ضيعتها على عتبة الانتظار. بحثت عنها بين قسمات وجهي.. لم تعرفني المرآة.. فقد اودعتك روحي فتكور الجسد في هيكل مجوف.

.. لا يفزعك ارتباكي، فالشوق رمح في خاصرة جريح، واللهفة سجين اطلق سراحه بعد حبس انفرادي.. وأنت! تأتي في الدقيقة الأخيرة من ساعة الصبر.. تسألني الحرية؟ أو تطلب اللقمة من متسول؟

(تتشابه البدايات دائماً يا ابنتي).. قالت لي أمي مرة..

.. لكنه لا يشبه الآخرين يا أمي!

(كلهم مختلفون اول الامر.. فطريق العشق موحش.. لايسلكه إلا المجانين)..

..كنتِ على حق.. هجر الجنون أيامنا الرتيبة.. عقولنا المبرمجة.. ارواحنا الخاوية.. اعلم.. كل البدايات مختلفة وكل النهايات متشابهة.. أعلم يا أمي.. لكني وإن علمت.. فأنا عاجزة عن تأديب أولاد شوقي اليه.. أعلم بل..

أجهل لم أشتاقه.

[email protected]