عندما اشاهد وأقرأ البعض من المقالات في المواقع الموجودة على صفحات الانترنيت او المنشورات في الفيس بوك وغيرها من المواقع ، وخاصة في ما يتعلق بالدين أو الاخبار المفبركة والكيدية والمغرضة ، اتذكر عندما كنا صغاراً ونرى احدى العربات الخاصة برش المبيدات للقضاء على الحشرات والتي كانت تجول الشوارع أيام الصيف للقضاء على البعوض ، وكلنا يعلم المخاطر التي تسببها تلك المبيدات على البشر وخاصة الاطفال ، لكن كنا نشاهد الاطفال وحتى المراهقين يركضون خلف تلك العربات والدخان يملأ الرئتين وهم فرحين بذلك دون اي معرفة مسبقة أو حتى السؤال عن هذه المادة السامة وكانت تعتبر من الألعاب المفضلة ، عالم الاطفال وغياب المعرفة والتوجيه وحتى الاعلام في حينه لم يقم بدوره في توعية الناس .
لكن الان ارى نفس الحالة وبشكل أخر ومن أناس كما يدعون أنهم إعلاميين ومثقفين ومتفهمين وواعين والعالم أصبح قرية صغيرة ، وأي معلومة يمكن الحصول عليها في فترة وجيزة .
عالم الكبار أصبح في وضع لا يحسد عليه وأصبح في حالة من العجائبية والغرائبية بحيث يتم نشر اي موضوع على شكل منشور عادي أو مقال أو فيديو ، وخاصة المغرضة والمفبركة والكاذبة ترى الكم الهائل من التعليقات والهجوم الغير مبرر والمبني على اكذوبة ومفبركة ، دون الرجوع الى المصدر والبحث والتقصي للوصول إلى الحقيقة ، ومدى تأثيرها على المجتمع ، والمعيب أنهم يتصورون انهم أصبحوا فلاسفة العصر ومنقذين ومبشرين ويصححون ما هو خاطيء وغير مقبول ، والغريب عندما تريد ان تقدم المعلومة الصحيحة ترى الهجوم والاتهامات الغير منطقية ودفاعهم المستميت عن المقال او المنشور او الفيديو .
أنهم يتراكضون كالأطفال والمراهقين خلف المقالات والمنشورات والمواضيع الغير معقولة ويعانون من امراض لايمكن علاجها لا بارشادات الاطباء النفسيين ولا بالصعقات الكهربائية ولا بالنصيحة المقدمة من الاخرين ، لأنهم يعانون من امراض مستعصية دخلت في دمائهم واصبحت تزاحم الكريات الحمراء والكريات البيضاء ودخلت عقولهم واصبحت جزءً لا يتجزأ من شخصيتهم العجيبة والمقززة .
وأملي أن تعود تلك العربات التي كانت تجول الشوارع لتقضي على الحشرات ، ولكن لتقضي على العقول العفنة والمغرضة والحاقدة ، مع الفارق ان تلك العربات كانت تقضي على الحشرات لراحة الانسان والان لتقضي على البعض من البشر وأيضاً لراحة الانسان !
هؤلاء يعتبرون من عاهات هذه الأمة التي تعاني من الحروب والنزاعات التي لا تنتهي ، وخاصة في غياب القوانين التي تجرم مَن ينشر الاكاذيب والاشاعات ويكتب او ينشر ما يحلو له دون ان يحاسبه احد ، وأصبحت هنالك فوضى اعلامية !