انا لست من المدمنيين على شرب الخمور ولا من الساعين للسلطة لتسيير الامور وكلماتي سأوجزها بسطور .. انني أؤمن ايمانا راسخا ان سلب حرية المواطن وتقييده شيء خطير .. فلا محل للصمت وغض الطرف عمن يسهم في تقييد او سلب حرية المواطن مهما كان سواء كان حاكما او محكوما .. قبل ايام وفي قرار غير مدروس صوت مجلس النواب على قرار حظر استيراد وتصنيع وبيع المشروبات الكحولية وفي كل الاعتبارات فان هذا القرار كان قرارا غير متوازنا وضيق الافق ويتناقض مع مضامين المادة الدستورية الثانية التي تمنع اية تشريعات تتناقض مع الحقوق والحريات الفردية ومع مباديء الديمقراطية خاصة وان النظام الجديد يتبجح بتطبيق مباديء الحرية وحقوق الانسان .. ايها النواب المبجلون اصحاب المعالي والسيادة .. العراق ليس ملكا لطائفة معينة .. العراق بلد يضم طوائف دينية غير مسلمة وهي شريك اساسي في بنية النظام الاجتماعي في العراق.. صحيح ان بعض مواد دستورالعراق الاتحادي اعتبرت الاسلام دين الدولة الرسمي ومصدر اساس للتشريع ولا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت احكام الاسلام وجاءت مواد اخرى منه تقول انه لا يجوز سن قوانين تتعارض مع مبادىء الديمقراطية وكذلك لا يجوز سن قوانين تتعارض مع الحقوق والحريات الاساسية الواردة في هذا الدستور بذلك اوقع الدستور نفسه في اشكال وتناقض وان هذا الاختلاف والتقاطع والتناقض في الدستور جعل منه محل خلاف وازمات وصراعات وتوترات مؤجلة وصامتة بين التكتلات والتيارات والاحزاب السياسية ذو التوجه الديني المتشدد والمتعصب من جهة وبين العلمانيين والديمقراطيين والتقدميين والمكونات غير المسلمة من جهة اخرى وهذا ما حصل فعلا عندما قررت مجالس محافظات البصرة وذي قار وبغداد والكوت في وقت سابق حظر بيع وتداول المشروبات الكحولية ومضايقة النساء في اجراءات غير حضارية اضافة لذلك داهمت قوة من الشرطة العراقية اتحاد الادباء والكتاب في بغداد وجمعية اشور بانيبال بحجة منع المشروبات وشمل التشدد ايضا الموسيقى والمسرح والفن والاختلاط بين الجنسين في المدارس وهذه الاجراءات تاتي وعذرا لما اقول متناغمة مع سلوكيات ” داعش ” وممارساتها اللا انسانية بحق من استعبد تهم من سكان المناطق التي استولت عليها ” معاقبة المدخنين بالجلد والضرب واهانة الكرامة .. معاقبة النساء الغير محجبات بالحرق معاقبة الغير مؤيدين لسلوكهم العدواني بالتنكيل والقتل ووووو ” .. فهل يتحمل شعبنا مزيدا من المضايقات خاصة واننا نعاني الامرين جراء الوضع الامني المتدهور وسوء الوضع الاقتصادي الذي اسفر عن حدوث ردود فعل لدى المواطن جعله لايطيق الحياة بين جدران العراق الصماء .. لقد اتضح من خلال التجربة وعلى مدى ثلاثة عشر سنه من السنين العجاف ان النظام الجديد يرفع شعار الديمقراطية لستر عوراته متناسيا ان شعب العراق يضم طوائف دينية مختلفة وهي شريك اساسي وان حرمان هذه الطوائف غير المسلمة من ممارسة حقوقها وتغلغل مفاهيم ومضامين ثقافية ودينية مغلوطة ومقلوبة ودخيلة الى جسم المجتمع العراقي سيسهم في تفكيك المجتمع وسيعطي هذه الطوائف غير المسلمة المبرر للهجرة الى مناطق اكثر انفتاحا لممارسة حرياتها وهي غالبا مناطق ليست بعيدة تقع ضمن المدن الخاضعة لسيطرة حكومة اقليم كردستان .. ان ما تم الاشارة اليه يدخل ضمن المخطط التأمري المفضوح الذي يستهدف الاقليات بهدف تطويعهم وتركيعهم وتهجيرهم وافراغ العراق منهم حيث يذبحون يوميا من الوريد الى الوريد كالنعاج والطير المصعوق من قبل الارهاب الاسود والتطرف والعصابات وقد اصبح معلوما ان استمرار تنفيذ مثل هذه الجرائم الشنيعة بحقهم يجري امام انظار الحكومة العراقية والبرلمان الاتحادي والكتل السياسية الكبيرة والمجتمع الدولي وهيئة الامم المتحدة من دون اي حلول ملموسة ومقنعة على الارض في الوطن لحمايتهم وضمان حقوقهم القومية والدينية والتاريخية والانسانية المشروعة كأبناء اصلاء لوطنهم وشركاء فيه وليس ضيوف .. واسمحوا لي ان اقول وبكل صراحة ان نفس المواطنين من مختلف الطوائف الدينية غير المسلمة قد ضاق وان هذا النفس بات لايتحمل استنشاق مزيدا من الهواء الملوث وخاصة ان البعض من المحسوبين على ديننا الاسلامي وهم معروفين للقاصي والداني واقصد من يفهم تعاليم الاسلام فهما قاصرا قد زاد غيهم فبدأوا باصدار فتاوى يدعون انها شرعية لتحريم واستباحة دم واموال ابناء الاقليات بشكل واضح وصريح وما جرى في محافظة نينوى من قبل عناصر ” داعش ” خير دليل حيث تعاملوا مع ابناء تلك الطوائف وكانهم كفار ومشركين في وطننا .. لهذا لا زال المواطن من ابناء الاقليات خائفا على مستقبله مما جعل تفكيره يركز على الهجرة لايجاد وطن جديد وبديل يكون اكثر امانا للعيش الكريم بكرامة وكبرياء .. ان مثل هذه الاساليب الرخيصة والمحرضة والدنيئة ضد ابناء الاقليات غير المسلمة تستند الى بعض الطلاسم والفتاوى المسمومة للفكر المتطرف يصدرها فقهاء الدم والموت والاغتصاب حيث بموجبها يستبيحون دماء واملاك واعراض ابناء المكونات غير المسلمة وان مثل هذه السموم والفتاوى الحاقدة لهؤلاء المتأسلمون وليس المسلمون يشبه دس السم في العسل الرباني باسم الاسلام والاسلام منهم براء حيث شجعت مثل هؤلاء على استباحة الحرمات وحرمة محلات بيع الخمور اضافة للتهديدات الارهابية والابتزاز والتهجير القسري ترهيبا وتقتيلا .. هذا ما يحدث من قبل عناصر ” داعش ” الارهابية فهل يصح لنا ان تكون ” داعش ” قدوة لنا فيما نفعل مع هذه الاقليات فنحرمها من حقها في ممارسة حريتها ومضايقتها في ما تمتهنه من مهن توارثتها عن ابائها واجدادها وهي مهن او ممارسة تخطت في معتقداتها الخط الاخضر .. فهل يجوز لنا ان نتجاوز حقها المشروع ونضع امام خط سيرها خط احمر .. هل يجوز في حين تنص احكام الدستور بعدم جواز سن قوانين تتعارض مع مبادىء الديمقراطية وكذلك لا يجوز سن قوانين تتعارض مع الحقوق والحريات الاساسية الواردة في هذا الدستور.