23 ديسمبر، 2024 5:54 ص

حضارة مادية صاخبة .. تحتاج إلى بعد أخلاقي

حضارة مادية صاخبة .. تحتاج إلى بعد أخلاقي

الإنسان كائن أعزل تحيق به أخطار لا حصر لها .. ابتداءً من الفايروس الذي لا تراه العين. إلى عبثية طرح عوادم المصانع، وغياب الأنشطة الصناعية الصديقة للبيئة.. مروراً بالجيوش الجرارة المددجة بأعتى أسلحة الدمار الشامل ..ناهيك عن مخاطر الأسلحة الكيماوية والجرثومية، وليس إنتهاء بمخلفات المواد المشعة،وغيرها من أسباب التلوث، والتدمير البيئي الراهنة..

ولعل الإنسانية بعد جائحة كورونا التي تعصف اليوم بالعالم كله دون استثناء، لعرق، أو لمستوى التطور، ، تثب إلى رشدها، على عجل، وتنثني عن المضي في هذه السبيل الضالة.. وتحرم توظيف العلم للشر، والتدمير بأي شكل نهائيا.. وتركز على الاستخدام النافع للعلم، والتقنيات فقط، لكي تدع الإنسان ينعم بمعطيات التقدم العلمي والتقني، بما فيها العمل على إيجاد اللقاحات المضادة للإصابة بالأمراض، والعلاج لكل ما يحتمل أن يواجهه العالم من أمراض في المستقبل ، وتفادي كوارث التدمير الشامل للحروب ، بكل أشكالها النووية، والبيولوجية، والتركيز على اعتماد الأنشطة الصناعية والتقنيات الصديقة للبيئة، للحد من ظاهرة التلوث البيئي والاحتباس الحراري، وغيرها في نفس الوقت .

وقد تبدو مثل وجهة النظر هذه ضرباً من المثالية، في عالم تحكمه المصالح، وتطغى على ساحته الهيمنة، وتسيطر عليه القطبية الاحادية، وتتسلط عليه العولمة بكل أبعادها الاقتصادية والثقافية، وغاياتها الأنانية ، إلا أن الوعي الشعبي الجمعي ، ومزاج منظمات المجتمع المدني، وتحرك المنظمات الدولية، يفترض أن يتصاعد في قادم الأيام، ليفرض معايير عامة، تضبط كل تلك التداعيات بدقة متناهية ، لتصب في مصلحة مثل هذه التوجهات مستقبلاً.

والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم لماذا لا يفيق الضمير الإنساني الجمعي، ويضغط باتجاه وضع معالجات صارمة لمنع انتشار واستخدام الأسلحة الفتاكة، وتقليص الإنفاق العسكري للحروب، وسباق التسلح .. وتوجيه تلك المصاريف لخدمة الإنسان بدلاً من قتله وترويعه.. كما يحصل اليوم في بلدان كثيرة من العالم….ولعلها تكون عندئذ صرخة عالمية مدوية،لإنقاذ حياة الإنسان، باعتباره قيمة عليا، من ضراوة حضارة مادية صاخبة بلا أخلاق.