18 ديسمبر، 2024 11:51 م

 حصيلة اتفاق فيينا : انتصار للحق والارادة

 حصيلة اتفاق فيينا : انتصار للحق والارادة

لم يعد بالامكان تجاهل دور جمهورية إيران الإسلامية، في الشرق الاوسط، بسبب المكانة التاريخية والحضارية التي تتميز بها وعمقها السياسي و  الإقليمي، الذين تتجذرفيه . ولم يعد هناك من احد يستطيع قرع طبول الحرب. فالجو العدائي الذي كان خُلِق حولها قد زال، وأدرك العالم أن الحوارالمنطقي و المصالح المشتركة يمكن ان تؤدي إلى اتفاق مع وجود النوايا الحسنة والصادقة.( و التفاوض بحد ذاته،  مع القوى العالمية الكبرى دليل مهارة وابداع) كما قال عنها  الرئيس الايراني حسن روحاني .

لاشك ان نتائج الاتفاق التاريخي في فيينا هو صمام الامان لهذه المنطقة ومفتاح وحدتها وسعادتها وينعكس على الاوضاع في سورية والعراق ولبنان واليمن ومستقبلها.

 في ظل وحدة الامة والقيادة ، انتصرت ارادة الشعب الايراني ( بعیدا عن الضجیج الاعلامی للانظمة السلطویة والمتخاذلة )، لانه لا يهتم إلا بالضمانات الحقوقیة لتنفیذ الاتفاق ولايتاثر بالتوهمات والتفاؤلات الهشة  . الاتفاق الرائع مع الدول الست بعد مخاض استمراثنا عشر عاماً من الصراع والاخذ والرد نال مكاسب لها اهمية كبيرة ضمن اختيارات صحيحة وبنفس عميق وصبر جميل عن طريق الحوار والسلام بعيداً عن سلوكيات الحرب والتدمير والتهديد التي اعتمدتها الولايات المتحدة الامريكية  ” وهي من اكمل مصاديق الاستكبار العالمي ” ( كما عبر عنها السيد قائد الثورة الاسلامية الايرانية ) مع القوى الكبرى في اوقات مختلفة ضد الشعوب المناهضة  لسياساتها وفي دول عديدة من العالم بسبب الحسابات الغير منطقية والبعيدة عن السلم العالمي وسعت الى كبح اصوات الشعوب المظلومة والمطالبة بحقوقها واستقلالها  واحرقت اليابس والاخضر في العقود الماضية كما في فينام وفلسطين وافغانستان وسورية والعراق  واليمن وليبيا ومصر.ودعمت الكيان الصهيوني في اعتداءاته ضد شعب فلسطين وسورية ولبنان.

  ومزق هذا الاتفاق جميع التوقعات التي كانت تدور في اذهان شعوب المنطقة والعالم وابعدها عن شبح حرب جديدة كانت تدق نواقيسها لتنفجرفي اي لحظة .

ان الاتفاق قلب الموازين وسوف يفرض توازنات جديدة وتُغير الخارطة السياسية لامحال منها وتعطي الارجحية لأيران الاسلامية في المسارات الحقيقية وبشموخ  وبان مدى ثقلها التاريخي و الحضاري .

 ان اخطاء استقواء بعض دول الخليج الفارسي بالولايات المتحدة الامريكية في السنوات الماضية اصبحت الان غير مجدية لمواجهة طهران التي رفضت مشاركتها في المباحثات مع الدول 1+5 ((وقد قررت هذه الدول اخيراً تجنب القضايا الخلافية ورحبت بتوجهات الحكومة الايرانية وتأملت ان يتحول الاتفاق مع والدول الست الى اتفاق دائم واكدت على وجود مؤشرات ايجابية تقود الى ثقة متبادلة بينها والاطراف الاخرى في الشرق الاوسط )).

كما حاول اللوبي الصهیوني داخل الادارة الامريكية لإظهار هذا الاتفاق على أنه توافق سلبي من خلال النفوذ والتحکم الذی یملکه على وسائل الإعلام واستطاع من امرار قرار بموجبه اعطاء الحق للكونغرس بالموافقة او رفض الاتفاق رغم انها من صلاحية الرئيس الامريكي اوباما.

و كذلك عملت العديد من القوى على عرقلة أي اتفاق حول الملف النووي الإيراني.

وقد أعرب الجمهوريون في الكونغرس الأميركي عن قلقهم إزاء الاتفاق-الإطار الذي تم التوصل إليه في لوزان الخميس بين الدول الكبرى وإيران حول برنامجها النووي، مؤكدين تمسكهم بحقهم في أن تكون لهم كلمة في أي اتفاق نهائي يتم التوصل إليه بهذا الشأن.

رئيس مجلس النواب الجمهوري جون باينر في بيان إن “معايير اتفاق نهائي تمثل فارقا مقلقا بالمقارنة مع الأهداف الأساسية التي حددها البيت الأبيض” وأعرب عن قلقه إزاء إمكانية رفع العقوبات عن طهران في المدى القصير.
وتصدرت هذه القوى حكومة اليمين الإسرائيلي .

وأكثرية الحزب الجمهوري الأمريكي، وعدد من أعضاء مجلس الشيوخ وبعض الدول العربية السائرة في ركاب الغرب.

ومن هذا الباب فقد أكد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني في تصريح له “أن معارضة أو موافقة الكيان الصهيوني أو بعض دول المنطقة على نتائج المفاوضات النووية “لا تأثير لها” في تقييم النتائج النهائية لهذه المفاوضات.

ولا مناص من ان الاتفاق يوحد الرؤى بين بلدان العالم  للتوجه لكبح الارهاب والقضاء على بؤر انطلاقه وعلى التصدي للمخاوف والسعي لأجل ايجاد سبل لمعالجة المشاكل الموجودة وتخفيف حدة الازمات والصراعات ويعطي الاطمئنان لبلدانها وشعوبها بحسن نوايا طهران بأستثاء المملكة العربية السعودية التي منفكت تهتز من اي تقارب و محاولاتها المميتة ومساع جمة في سبيل عدم حصول اي تقدم في خلال فترة المحادثات بين اطرافها لانها تعتبر ذلك انتصاراً حقيقياً لطهران وفشل احلامها وسقوط هيبتها.

 في عرس فيينا الاخيرعلى العكس من ذلك حيث شاركتها المحبة العديد من بلدان العالم الرافضة للهيمنة والداعية للسلام….
لقد تحدت ايران ” التي سوف تساهم في النظام الدولي كجهة فاعلة وحيوية ومسؤولة ” جميع الدول التي وقفت ضدها واصبحت شوكة في عيون تلك المنظومة الغربية والكيان الصهيوني والتي وصفت ايران بالدولة الخطيرة والراعية للارهاب وقد وصف نتنياهو الاتفاق( بانه خطأ تاريخي اصبح العالم في ظله اشد خطراً) وطلب  من الكونغرس الامريكي دعمه من أجل فرض عقوبات جديدة ضد إيران بهدف نسف المفاوضات النووية التي كادت على وشك أن يتوصل الاطراف  إلى اتفاق نهائي حوله .

و سبق وان هاتف رئیس وزراء الكيان الاسرائیلی الرئیس الروسی فلادیمیر بوتین : “وطالبه بعدم اتمام صفقة صواریخ ارض جو الروسیة وعدم تنفیذ صفقة صواریخ s300 المتطورة مع الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة ” ،والتی قد تم تاجیلها فی اکثر من مناسبة فی السنوات الماضیة بسبب الحصار التسلحي عليها. هذا التحرك لنتانياهو قد سماها بكل ثقة وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف ( بالجهود الغير مثمرة لان هذه السياسة اصبحت قديمة تهدف الى منع الهدوء في المنطقة عبر بث المخاوف ونشر الأكاذيب) والتي اصبحت لاتنطلي على احد ، طبعاً هذا الحقد الناجم عن وقوف ايران الى جانب ودعم المقاومة الفلسطينية ، لانها لا يمكنها التغاضي عن الجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، ولم  تسكت عن الدور الإسرائيلي في اضطراب المنطقة ومدت ( الجمهورية  الاسلامية الايرانية ) يدها في مساندة الشعبين السوري والعراقي في محنتهم وفي مقاومتهم للارهاب الاسود المدعوم اسرائيلياً الى جانب السعودية ودولة قطروتحت غطاء تركي  حسب اخر الوثائق المسربة من مكتب نتانياهو في شراء الاسلحة من اوروبا الشرقية ونقلها عبر تركيا والاردن الى سوريا والعراق التي غزتها  هذه الحركات التكفيرية الخبيثة .

 وقد ذكّر قائد الثورة الإسلامية الإيرانية، السيدعلي الخامنئي، رئيس وزراء الكيان الصهيوني ، بنيامين نتانياهو، بعد الكلمة التي ألقاها داخل الكونغرس الأمريكي،بالقول: “خلال السنوات الخمسين الماضية، كم من الأموال والمواقف الأمريكية أنفقت لدعم الجرائم  الاسرائيلية ” ، واضاف”المسؤولون الأمريكيون مجبورون على إظهار التعاطف مع إسرائيل والتغطية على جرائمهم. وتعامل الصهاينة بالمال والسلطة أوقعتهم بالمشاكل ، من الذي  دفع تلك الأموال غير الشعب الأمريكي؟” ، واكد على ان “لا يمكننا التغاضي عن الجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، لا يمكننا أن نسكت عن الدور الصهيوني في اضطراب المنطقة”.

ايران الیوم تستحق ان تعیش فرحة عارمة بانتصار الدبلوماسیة الإیرانیة فی الوصول إلی إثبات حقها فی التکنولوجیا النوویة السلمیة بعد قرابة اثنتی عشرة سنة من المفاوضات الشاقة والصعبة والتی أثبتت من خلالها إیران أنها مستعدة لتحمل کل الصعاب والمشاق فی سبیل إحقاق الحق وأنه لا ینفع معها ، لا الحصار ، ولا العقوبات ، ولا التهدید بالفتن ، ولا الحروب ، وتؤكد علی تعزیز وتطویر العلاقات الاخویة وحسن الجوار مع الدول العربیة والاسلامیة الشقیقة وعلی حق الشعوب فی تقریر مصیرها دون ای تدخل خارجي ، وان اي خلاف او تباعد بین الدول العربیة والاسلامیة یصب فی مصلحة العدو المشترك. كما ان الجمهوريةَ الاسلامية الايرانية تُعيرُ اهميةً بالغة لتمتينِ علاقاتِها مع الدولِ الجارة.

الشعب الايراني اثبت ان الامم قادرة تماماً على تجاوز سلبيات الهيمنة التي تمارسها القوى الكبرى في العالم. وهي لا تظهر عاجزة عن تدبيروتجاوز اختلافاتها الحضارية والمجتمعية اذا ما اعتمدت على قوى شعوبها.

وانتصارايران يعني انتصار الحق وارادة الشعوب التي تدافع عن حقها وعزتها.وهو لاشك انتصار للشعوب المظلومة والمدافعة عن استقلالها وحريتها.