23 ديسمبر، 2024 5:04 ص

حكم على احد المتهمين بالسجن المؤبد بتهمة استخراج النفط بصورة غير شرعية و هي من جرائم الارهاب في القانون العراقي لكن الغريب في الامر ان القاضي عندما قام بسؤال المتهم عن سبب ارتكابه لهذه الجريمة كان الرد في غاية الذكاء اذ ان المتهم رد سؤال القاضي بهذه العبارة ( سيادة القاضي لكل مواطن حصة من نفط العراق و انا اردت الحصول على حصتي فقط) ؛ سواء كان المتهم مقتنعاً بما يقوله ام لا , لا يمكن ان نغفل عن صحة ما اراد ايصاله المتهم الى القاضي او الى من يهمهم الامر وهو دون ادنى شك العدالة الاجتماعية التي ينادي بها الجميع و ربما وضعتها بعض الاحزاب شعاراً لها و البعض الاخر وضعها رمزاً لحملته الانتخابية لكنها للاسف لا تزال شعاراً لا يشبع الجائع و لا يغني الفقير.

لا يمكن بأي حال من الاحوال ازالة صفة الجريمة عن ما قام به المتهم اعلاه فقط لانه اراد الحصول على حقه فالحقوق لا تأخذ بهذه الصوره المشينة بل يجب تكون وفق اطار القانون و لكن في الوقت نفسه يجب ان نبحث عن الاسباب التي دفعت هذا المواطن الى القيام بهذه الجريمة و كيف استطاع ان يبرر فعله ؟ و ما الذي اضطره الى ان يأخذ نصيبه من النفط بمعزل عن القانون و الدولة ؟ .

ان السبب الرئيسي لهكذا جرائم هو عدم العدالة في تقسيم ثروة العراق , و ظهور الطبقية في المجتمع العراقي التي سببتها السياسة الفاسدة التي اتبعت بعد عام 2003 و ربما قبل ذلك بكثير فمنذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة لم يحصل الشعب على حقه و في الوقت نفسه يزداد ثراء الطبقة الحاكمة على اختلاف تسميتها و شكلها التي تحتكر ثروات البلاد لصالحها و تتسبب في حرمان الملايين من ابناء الشعب من حقوقهم اضافة الى ذلك التلاعب المستمر في القانون الذي صار يحمي الفاسد اذا كان سياسياً متنفذاً مهما بلغ فساده و اجرامه حتى صار البعض يتفاخر بما يرتكبه من جرائم و يتحدى القانون و القضاء بل يتحدى الدولة و سلطاتها الامر الذي يدفع المواطن الى ارتكاب الجريمة لانه يرى ان المسؤول عن تطبيق القانون فاسد.

على المسؤول ان يعي انه مؤتمن على اموال الشعب و ليس مالكاً لها و ان عليه ان يعطي كل مواطن حقه كي لا يضطر الى اخذه بالقوة و يخالف القانون لنصل الى مجتمع بلا اخلاق او مبدأ , مجتمع لا يحترم القانون و الدولة , و الاهم من ذلك هو ان القانون غايته الاولى هي اصلاح المجتمع و حمايته و هذه الغاية لا يمكن الوصول اليها الا اذا خضع له الجميع مسؤولين و مواطنين , على المسؤول ان يفهم ان لجوء الشعب الى مخالفة القانون يعود الى فشله في تطبيقه و فشله في توفير مقومات المجتمع الحقيقي الذي يحترم القانون لانه يحميه لا ان يخافه لانه يعاقبه.