23 ديسمبر، 2024 6:24 ص

حصة بعض الدواعش في موازنة العراق الاتحادية

حصة بعض الدواعش في موازنة العراق الاتحادية

(( حديثي في هذا المقال لا أستهدف به العشائر الكريمة بذاتها ولا الشرفاء من تلك العشائر التي ربما ينتمي لها بعض الدواعش))
قد يكون العنوان غريبا بعض الشيء عندما تقرأ ان تنظيما ارهابيا شوفينيا قاتلا أوغل في قتل الابرياء من جميع أطياف الشعب العراقي يخصص ديّة عن بعض عناصره في موازنة العراق الاتحادية ولكنني صُدمت حينما استمعت الى حديث رئيس البرلمان العراقي السيد محمد الحلبوسي على قناة الشرقية حول تخصيص مبالغ في موازنة العراق الاتحادية لحل النزاعات العشائرية بين عشائر سنية- شيعية او بين عشائر سنية – سنية ولكن ليس لانهاء الخلافات العشائرية المعهودة التي نعرفها ونعيشها في العراق ولو كانت كذلك لكنت انا اول من يكتب مؤيدا لها لانها تصب في خانة السلم المجتمعي وجميل جدا ان تحل خلافا بين عشيرتين اختلفتا على قضية اجتماعية او خطأ في القتل الغير متعمّد او خلاف على اراض زراعية وغيرها ولكن ان يتجه البرلمان لوضع أسس جديدة في سياقات عمل الدولة العراقية وسن قوانين غريبة ومستهجنة بأن يحلّوا فصول عشائرية من خلال دفع دِيّات نيابة عن دواعش من هذه العشيرة أو تلك الذين أمعنوا بكل قساوة وقتلوا الابرياء دون وازع اخلاقي او وطني لانه يختلف معه في الدين والمعتقد والفكر والتوجه الوطني فيقوموا بدفعها الى من قتل على ايديهم …
في كل الاعراف والقِيَم الانسانية والقوانين الوضعية على مستوى الانظمة العالمية بل وحتى المتخلفة والدكتاتورية لا يمكن ان يقوم نظام سياسي في الاقدام على تلك الخطوة فكيف قَبِل النواب باطيافهم المتنوعة بأن يضعوا تلك الفقرة في موازنة العراق وقطع الاموال من فم المواطن العراقي وإعطائها بديلا ماليا لحماية حياة مجرم داعشي لم تعرف الانسانية طريقا الى قلبه ويمكنه ان يعود الى القتل والتنكيل وتنفيذ الجرائم في اي وقت تسنح له الفرصة بذلك وقد رأينا حتى ابناء الدواعش ونسائهم يثقفون للانتقام من العراقيين في اي وقت تسمح لهم الظروف وتعْمَد نساء داعش من ارامل عناصرهم الذين قتلوا الى بناء جيل جديد من القتلة والمجرمين يدربونهم على الذبح وايقاع القتل بما تمكنوا من ابناء الشعب العراقي انتقاما لآبائهم الذين قضت عليهم سواعد العراقيين ..
ألم تكن هذه الاموال هي من حق المحرومين من العراقيين الذين لا يملكون قوت يومهم؟ الم تكن عوائل الشهداء الذين قتلوا على هؤلاء المجرمين هي احق بها ؟ اليس من الواجب ان تصرف تلك الاموال لاعادة النازحين الذين يلتحفون السماء في مخيمات مميتة وقد شردتهم اليها تلك العناصر الارهابية ؟ فهل هي مكافأة نهاية خدمة لهم بالقتل والتنكيل والابادة الجماعية !!!؟ لا أدري على اي معيار يتعامل برلماننا العراقي الموقر وعلى اي قيم انسانية اعتمد حين صوّت على هذه الفقرة ؟ ألم يعلمكم القرآن الكريم ان القصاص من القتلة والمجرمين واجب شرعي وانساني ؟ حتى في دول العالم المتحضر التي لا تؤمن بعقوبة الاعدام ايضا تلجأ الى معاقبة القاتل بأشد وأقسى العقوبات مدى الحياة ولن يسمحوا له ان يكون انسانا فاعلا في المجتمع طالما كان عنيفا ؟. حقيقة لا ادري ماذا اقول وماذا اكتب اكثر من ذلك عندما تقوم السلطة التشريعية مع كل الاحترام لرئيس مجلس النواب واعضاء البرلمان جميعا وهنا أنا لا اشكك بوطنيتهم وربما كان ظنهم بأن مبادرتهم من باب درء الفتن في المجتمع لغرض إبعاد الاقتتال الأهلي مع ان امثال هؤلاء المجرمين لا يردعهم اي سلم مجتمعي لان الجريمة متأصّلة في داخلهم .
وهذه السلطة التشريعية هي مؤتمنة من قبل الشعب العراقي كيف تقبل بتشريع قوانين هي في النهاية يستفيد منها القتلة والمجرمين بدواعي غير منطقية تحت عنوان الفصول العشائرية مع احترامنا لتلك التقاليد ولكل الافراد الشرفاء من عشائرنا العراقية في المناطق الغربية وغيرها والذين بكل تأكيد لا يقبلوا في مثل تلك الحلول بل نجد في ذات عشائرهم من لا يقبل بعودة امثال هؤلاء المجرمين ليمارسوا حياتهم بينهم بأمان .. لكنها السياسية والدعاية الانتخابية وتمرير ملفات وتبويس لحى بين الجهات السياسية .
قائد عمليات الانبار قالها بشكل واضح ان عدد 363 ممن قتلوا في صفوف تنظيم داعش يستلمون رواتب شهداء في الانبار فقط !! أليست هذه كارثة بحق من استشهد فعلا من اجل اهله وبلده وعرضه من ابناء الانبار الذين راحوا ضحية هذا التنظيم الاجرامي وقد تحدث الشرفاء عن ذلك في مناسبات عديدة ومنهم وزير الدفاع الاسبق سعدون الدليمي الذي ذكر قصصا يندى لها الجبين ويحق لكل مواطن انباري ان يدفن هذا التنظيم ويقبر فكره للابد لا أن يمنح هذا العدد الكبير عنوان الشهداء وهم قتلة مجرمين .
عتبي على غالبية السادة النواب الذين كانوا يتحدثون في القنوات الفضائية ليل نهار عن اجرام هذا التنظيم وأفعاله المشينة وعن الابادة الانسانية التي مارسوها كيف سمحوا ان تصرف تلك المبالغ من اجل شراء سلامة حياة الدواعش ويمنحوهم فرصة التقاط الانفاس والعودة لحياتهم الطبيعية التي بلا شك سيؤسسون ويخططون لعمليات ابادة جديدة حينما تتهيأ لهم الارضية بذلك.