ماجرى في مدينة البغدادي مأساة كادت ان تتحول الى كارثة انسانية، وفاجعة اشبه بفاجعة سبايكر ان لم تفقها فداحة ، كون الناس المحاصرين هناك اكثر من الف عائلة من عوائل العسكريين والموظفين في تلك الناحية ..عوائل فيها الاطفال والنساء والشيوخ وهنا مكمن فداحة الفاجعة ،فاجعة تداركها وحال دون حصولها الغيارى من ابناء الجنوب في الفرقة الذهبية، واخوانهم في صنوف قواتنا المسلحة، بعد حصار طويل نفذت فيه الاغذية، والادوية ،والوقود، وحتى مياه الشرب!.كانت المرجعية العليا قد ناشدت الحكومة والمسؤولين بضرورة تدارك الامر في ناحية البغدادي والاسراع بدحر الدواعش قبل حصول ما لاتحمد عقباه، وذلك من اول يوم توالت فيه الاخبار عن هجوم محتمل على المجمع السكني ، وبعد حصول الحصار هيأت العتبتان الحسينية والعباسية اطنانا من المواد الغذائية ،والادوية، والمياه .وطالبت الحكومة باستلامها وارسالها مثلما فعلت قبل اسابيع حين ارسلت 150 طنا من مواد الاغاثة الى مدينة حديثة.في بداية حصار المجمع السكني عمد الدواعش المجرمون الى اشاعة الرعب والفزع في نفوس اهل المدينة باقدامهم على القبض على اكثر من خمسين رجلا ووضعهم في اقفاص خشبية واحاطتهم بمادة البارود واشعال النار فيهم احياء، ليجبروا الاخرين على الاستسلام والانضمام الى صفوفهم ،وقبل ذلك اقدموا على تفجير جامع عمر بن الخطاب الذي يعد اقدم مسجد في العراق والمنطقة كونه شيد في زمن الخليفة عمر عند فتح العراق . الطامة الكبرى ،والمفارقة العجيبة الغريبة المريبة ان اصوات السياسيين التي ملأت العالم ضجيجا وصراخا عند تفجير مسجد مصعب بن عمير في ديالى لم تطلق كلمة استنكار او شجب اوحتى استهجان ولم تصدر اية ردة فعل عند تفجير جامع عمر التأريخي !.كما ان تلك الاصوات التي بحت وهددت واتهمت باطلا وتوعدت بالانتقام واتصلت بمنظمة العفو الدولية ومنظمات حقوق الانسان عند مقتل الشيخ قاسم الجنابي …تلك الاصوات اخرست وانزوت عندما احرق الدواعش خمسين عراقيا بريئا من اهالي ناحية البغدادي وهم احياء مثلما اخرست عندما ذبحوا اكثر من 500رجلا وامرأة من عشيرة البونمر !!!.
لم يكن الحشد الشعبي هناك ليتهموه، فلم يصرخوا، ولم يستنكروا..وكأن لسان حالهم يقول / للدواعش الحق فيما يفعلون .لقد كانت توصيات المرجعية العليا الاخيرة التي حددت اخلاقيات الجهاد بمثابة دستور، ونص مقدس لدى المجاهدين الذين لبوا نداء الجهاد الكفائي، وهم احرص الناس على الالتزام بها ،مع انهم كانوا ملتزمين بواجباتهم القتالية، وتعاملهم الاخلاقي مع السكان من غير المحاربين، وحتى المحاربين الذين يستسلمون ويلقون السلاح ،وان حصلت هنات هنا، وتصرف غاضب هناك – وهذا من تداعيات الشد والحماس في ظروف كل الحروب –الا ان الاتهامات ظلت توجه لابناء الحشد والمقاومة الوطنية بشكل لم توجه فيه لعصابات داعش الاجرامية .