لم يكن يوم الجمعة الموافق في 4 كانون الاول 2015 يوماً عادياً .. بل كان مميزا .. فرغم ان الجموع التي زحفت الى كربلاء حينها لاداء مراسم زيارة الاربعين والمشاركة في تقديم التعازي بهذه المناسبة الاليمة ، فان بعض هؤلاء عاد الى المتنبي بعد اداء الزيارة ليتواصل مع المشهد الثقافي .
فالذين ذهبوا الى كربلاء حملوا معهم ثقافة الشهادة التي خطها الامام الحسين عليه السلام بدمه المبارك ، والمعرفة التي استلهمت من امهات كتب التاريخ حول الانحراف الكبير الذي حدث في الاسلام بعد وفاة الرسول عليه وعلى آله افضل الصلاة والسلام.
لقد تعطلت النشاطات في شارع المتنبي وفي بيت المدى ، ومنتدى النخب والمركز الثقافي البغدادي ومبنى القشلة ، الا ان الجموع كانت غفيرة وازدهرت سوق الكتب بعرض مئات العناوين سنعود الى ذكر بعضها.
العناوين مغرية وتدعو الى القراءة فترى المثقفين والقراء والادباء والكتاب واساتذة الجامعات وطلبة الدراسات العليا يقتنون ما يحتاجونه وهم في بحث دائم عن عناوين مراجعهم ومصادرهم .. فتراهم يدخلون المتنبي خفافاً ، ويخرجون منه ثقالاً .. فمنهم من خفت موازينه ومنهم من ثقلت وما بدلوا تبديلا.
فهذا كتاب ( امريكا في مرآة عربية) وهو عبارة عن صورة امريكا في أدب الرحلات العربية للسنوات (1668-1995) الكتاب من اعداد وتقديم د. كمال عبدالملك ومنى الكحله وصدر عام 2011 عن دار مدارك للنشر.
وذاك كتاب ( السياسة التركية حيال اقليم كردستان العراق ) الذي الفه آسا لندكرين وترجمه مصطفى نعمان احمد وراجعه احسان عبد الهادي الجرجفجي، الكتاب صدر عن دار المرتضى في بغداد عام 2013 حيث يستعرض السياسة الخارجية التركية ازاء العراق عامة واقليم كردستان خاصة ، والتمكين من اقامة (كيان الامر الواقع) الكردي واعاقته ، ومحاربة حزب العمال الكردستاني في الاراضي العراقية ، والتصور التركي السابق الذي اظهرته السياسة التركية ازاء الدفاع عن وحدة اراضي العراق وعلاقة الاتراك مع الكرد العراقيين والطموحات الكردية والحساسيات التركية اضافة الى جدول اعمال مخفي ظهر من خلال السياسات الاخيرة للحكومة التركية والمتعلقة بمستقبل العراق.
لعل المثقف العراقي وكذلك المثقف في انحاء العالم كافة يجد ضالته في الكتب وهي مصدر للمعلومة والافكار لا غنى عنها مع تطور المكتبة الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي والمواقع المعرفية .. فهذه الكتب قريبة الى المثقف وهو يلمسها بيده اضافة الى محاورتها والتزود منها عند الحاجة.
لذلك نجد ان المكتبة المنزلية او المكتبة الشخصية على وجه العموم تسهم بشكل مباشر في زيادة المعرفة وتعد منهلاً مهماً ومساعداً على البحث والتنمية الفكرية.. ولعل شارع المتنبي بحلته الجديدة اصبح واحداً من اهم مصادر الكتب ليس في العراق فحسب بل في البلاد العربية ، فسعة هذا الشارع وامتداده وعدد المكتبات ودور النشر فيه وطابعه الثقافي جعل منه مركزاً ثقافياً مهماً . وغالبا ما يعود المثقفون منه محملون بعناوين عديدة وحسب حاجتهم واتجاهاتهم واختصاصاتهم ، واذا ما استعرضنا لبعض العناوين نجد ان ما اسلفنا ذكره حاضراً وشاهداً .
فكتاب (مأساة العنف في العراق) الذي الفه عبد الرضا كاظم وصدر عن دار الجواهري ببغداد عام 2015 انما يوثق لما مر به العراق من سنوات عنف بدءا من عام 1963 وحتى سقوط النظام عام 2003 . وكتاب ( من اوراق الملك غازي) للمحقق زهير كاظم عبود انما هو مجموعة وثائق عبارة عن يوميات مسطورة وافكار وتوجيهات ملكية ، الكتاب قدم له سيار الجميل وراجعه الدكتور عبد الرضا علي ، واذا ما رغبنا العرض لمجموعة الكتب التي وقعت تحت نظر الكاتب او التي اقتناها خلال اسبوع فاننا نحتاج الى مساحة اكبر من مساحة هذا العمود ، لذلك سنأتي الى ذكر العناوين فقط دون الدخول الى التفاصيل .
فـكتاب ( التغطية الصحفية للازمات ) الذي الفته الدكتورة ضمياء حسين الربيعي دليل عملي في الاساليب والاتجاهات في هذا المجال . وكتاب ( القائد السياسي في التاريخ المعاصر) لمؤلفه موسى محمد ال طويرش هو عبارة عن دراسة تأريخية في الزعامة وعوامل ظهورها ، وكتاب بهاء الدين النقشبندي الموسوم ( شاهد على عصر مضطرب) هو حوار عبر الاجيال مع اول رئيس للحزب الاسلامي العراقي قبل نصف قرن اما كتاب عبد الهادي فنجان الساعدي (كتب الرحلات المتميزة في مكتبة المتحف العراقي) انما هو ببلوغرافيا لا غنى عنها للباحثين في مجال التاريخ والمهتمين بمؤلفات الرحالة والبلدانيين العرب ، نحن ما زلنا على الجرف ولا نستطيع ان نتقدم اكثر في بحر عناوين الكتب فكيف اذا غصنا في اعماق محيط مضمونها .. كان الله في عون المثقفين . على هذه البلوى اللذيذة.