19 ديسمبر، 2024 2:46 ص

حصاد السنوات العشر يا له من حصاد

حصاد السنوات العشر يا له من حصاد

عشر سنوات مرت على تغيير النظام السابق بواسطة القوى الأجنبية الذين اوهموا الشعب بالديمقراطية والحرية والعدالة والتقدم ولكن لسان الحال بعد عشر سنوات يقول كما قال الشاعر:
اعلل النفس بالآمال أرقبها — ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل

بعد سنوات الحروب والحصار تأمل الكثير من العراقيين ان التغيير سيجلب لهم حياة جديدة يزدهر فيها الوطن ويسعد فيها الناس، ولكن نظرة واحدة الى الأحزاب التي ظهرت على الساحة كفيلة بتبديد هذه الآمال لأنها احزاب صدئة تابعة الى دول اخرى وليست منتمية للوطن. كنا نأمل أن تتشكل حكومة من الكفاءات المستقلة لتبدأ باعمار ما دمرته الحرب والتأسيس لدستور عراقي يوحد ولا يفرق ولكن إرادة المحتل ومن جاء معهم كانت على غير ذلك، ساعدهم بذلك طبقة واسعة من المجتمع تضررت من النظام السابق وارادت ان تتعلق بأية قشة ولم يعلموا ان تلك القشة ستغرقهم في اوحال بحر مليء بمراهقي السياسة والأنتهازيين والمنتفعين والعملاء. بعد عشر سنوات دب اليأس الى قلوب الكثير من أن التغيير نحو الأحسن أصبح كالسراب.
تمر الأمم بانعطافات تأريخية، ما بعدها ليس كما قبلها، والعراق ليس ببعيد عن ذلك وهو في مركز الشرق الأوسط وعيون الجيران القريبين والبعيدين على خيراته. في العراق الحديث كانت الأنعطافات التاريخية تأتي مسرعة اذا ما قورنت بالتغيرات التاريخية التي مرت على العراق في القرون الماضية. كان سقوط الدولة العثمانية وتأسيس الحكومة الملكية في العراق اولى هذه الأنعطافات بالرغم مما شابها من انتقادات فقد اسست لدولة حديثة ما أن قضى عليها العسكر بعد اربعين سنة من الأحتلال البريطاني في القرن الماضي في انقلاب دموي فدخل العراق انعطافة تاريخية جديدة مليئة بالأنقلابات والأعدامات استمرت حوالي 45 سنة حتى احتلال العراق من قبل اميركا حيث دخل العراق في انعطافة تاريخية جديدة من سماتها تسلط السراق والمزورين والجهلة والأنتهازيين على أمور العباد والبلاد. وأملنا ان لاتستمر هذه الأنعطافة لأربعين سنة أخرى. اما الشعب العراقي فمما يؤسف له لم يتعلم من تلك الأنعطافات والتجارب ففي كل مرة يهلل ويصفق للحاكم الجديد الذي يلوح لهم بالعصى مرة ومرة يلوح لهم بالدينار حتى يسومهم العذاب فيدعون الله أن يرحم بحالهم ويخلصهم من بطش النظام وهكذا يعيد الشعب الكرّة. منذ الحرب العالمية الأولى ودخول العراق في الأنعطافة التاريخية الأولى ثم الثانية حكم العراق بعض الحكام السيئين ولكن اسوأ من حكم العراق الحديث بتقلباته هو في الأنعطافة الثالثة الحالية. لم ينل اي حاكم عراقي من الأنتقادات والأعتراضات والأتهامات الموثقة وكثرة ما كتب عن حقبته الفاسدة كما كتب على نوري المالكي الذي يخطو خطوات سريعة نحو دكتاتورية جديدة رداؤها الديمقراطية وهيكلها مشارط تذبح الناس فكانت بامتياز ديمقراطية الأنتقام. لقد بلع العراقيون الطعم بشعار دولة القانون الذي ايدته بعض العشائر ومرجعياتها الدينية فتمسكن المالكي حتى تمكن وبدأ يضرب كل من يقف بطريقه.
ملخص الكلام اننا في انعطافة تاريخية مشينة نسأل الله ان لا تطول، ولكن على الناس ان تتغير حتى يحدث التغيير. على الناس ان لا تنتخب الأحزاب التي حكمت قبل وبعد السقوط والتي في كل مرة تغير من رداءها بتسميات جديدة جميلة وشعارات رنانة، على الناس ان لا تنخدع بالدعايات والوعود لأنها كلها كاذبة قد جاءت على لسان اناس منافقين فاسدين يظهرون التدين ويخبون حتى عباءاتهم كل انواع السوء. انظروا الى الأحزاب التي تناويء المالكي وحكومته فهم لا يقلون عنه فساداً وقد ملؤا الدنيا بعقاراتهم المسروق ثمنها من قوتكم ايها الشعب واموالهم التي تغص فيها البنوك. ملخص الكلام ان الشعب العراقي يمر بمحنة ساعد هو بنفسة على صناعتها وتسويقها حين ارتمى في حضن الطائفة بدل حضن الوطن. بصورة عامة لم يهضم الشعب معنى الديمقراطية الحقيقية فكان تصويته ليس للكفاءة بل أما حسب رأي المرجعيات الدينية او رأي رئيس العشيرة وكأن المواطن لا رأي له. متى يعرف الشعب ان للطائفة خصوصية لا يمكن تعميمها لأنها ستجابه من قبل طوائف أخرى والكل سيخرج خسراناً. أما إذا اصطفت الطائفية مع المال والتسلط فعلى الدنيا السلام.

بعد عشر سنوات تغير العراق ولكن نحو الأسوأ وجثم على صدورنا ديكتاتور جديد يعمل المستحيل ليبقى على الكرسي. فحتى لو امتنع غالبية الشعب عن التصويت في الأنتخابات سنجد نتائج الأنتخابات تقول ان ستين بالمائة من الشعب ادلوا باصواتهم وان ثمانين بالمائة من هؤلاء صوتوا لدولكة الفافون ومن يعترض فليأكل من ملح الفاو.
ملخص الكلام الدنيا خربانة ولكن لازالت هناك فسحة من الأمل بأن ينتفض كل الشعب وليس فئة معينة لأن النار تمس الجميع الا المزورين والفاسدين والسراق. فالقرار بيد الشعب، واذا الشعب يوماً أراد الحياة فلابد ان يستجيب القدر. ولكن هل الشعب مستعد لأتخاذ القرار؟ مسألة فيها نظر ما دام قرار الشعب بيد رجال الدين ورؤساء العشائر المنتفعين من الوضع الجديد.

أحدث المقالات

أحدث المقالات