كان الحصاد الأول، ونخشى ان يكون الاخير للانتخابات التشريعية التي جرت في الثلاثين من شهر نيسان الماضي، التي جناها العراقيون، وحصدوا بعض نتائجها مقدماً، ممثلاً بتلك الاعلانات التي تحولت بعد ساعات من إغلاق صناديق الإقتراع مواد سلعية قابلة للبيع، خصوصا القواعد الحديدية التي تحمل صور المرشحين ووعودهم وشعاراتهم المجتزأة، وأمام حالة الإستفار القصوى، التي بدأت مع إنتهاء الإقتراع، لم تسنح الفرصة حتى لأمانة بغداد، وفرقها الخدمية من تحريك سياراتها للدخول في منافسة العاطلين وأصحاب البسطيات، حيث كانت نقطة الشروع، للسابلة، والعربنجية، الذين استطاعوا الوصول الى أهدافهم قبل عمال القمامة، لرفع الفلكسات ، والصور ، واللافتات، وبيع ما يمكن بيعه من الحديد ، و”البليت” ونحو ذلك، ولعل لسان حال بعضهم يقول :”خلي نستفيد منهم ، يمكن بعد اربع سنوات منشوفهم ولا يشوفونه”.
لا شك ، كانت الانتخابات فرصة لطبقات فقيرة عديدة، حيث جرى استهدافهم من بعض المرشحين، للترويج لأنفسهم، يوسائل عديدة لشراء الأصوات سواء بالمال ، أوالاراضي السكنية، أوالهدايا، والاجهزة الكهربائية، أونحو ذلك، لكن صوت الفقير موسمي، لايطلب في كل وقت، بل يحبس ويهان بسببه أحياناً ، لذا لايشعر يقيمة هذا الصوت الا في أيام الإنتخابات التى يحاول أن يستثمرها بكل طاقاته ليحصل على بعض حاجاته المؤجلة، حتى وإن كانت وعوداً تعيد اليه الأمل بغده، أو إستحقاقاً مشروطاً يحصل عليه، وما أن تسكن الخطابات وتهدأ، يعود ثانية الى “دكته” بعد ان يقبض ثمن صوته، ويسدل الستار بينه وبين السيد المسؤول لأربع سنوات عجاف قبل أن تعاد الكرة من جديد، وتستنهض الوعود من رقدتها.
لكن، مهلاً، كفى لدغاً، وأملاً مؤجلاً، وأماني مع وقف التنفيذ، لابد لنا من وقفة تردع المسؤول عن استغلال حاجاتنا، ومستلزمات حياتنا المسلوبة، ولا نسمح لانفسنا ان نكون سكة يمر من خلالها الى الجاه والمال.
واذا كانت الشعارات التي رفعت ، قد مزقتها العواصف والامطار، او نزعتها الايدي المحتاجة لتستفيد منها ماديا او تستخدمها في ترميم بيوتها، فعلينا ان نتذكر دائما كل الوعود التي قطعت ، وغاب عنها ذاك المسؤول الذي صعد باصواتنا ، ولا نكتفي بسند “مضروب” او هدية ملوثة، او شعار كاذب.
نحن نقترب من دورة جديدة ، صنعت باصواتنا ، لكن لا ينبغي ان نتحمل سنوات اربع من الضيم والفقر والفاقة، ولا نقنع أنفسنا بفهم خاطيء للشرعية من خلال اصوات الناخبين، فمثلما اعطينا اصواتنا ، فبالامكان ان ننزعها مرة اخرى، اذا ما تنصل المسؤولون عما وعودهم، واغلقوا ابوابهم دوننا.