كانت ولازالت المليشيات كابوسا يجثم على صدور العراقيين عاثت بهم قتلاً وتمثيلا وحرقا وتنكيلا وتهجيراً وتشريداً ، وسلباً ونهباً لممتلكاتهم ، وانتهاكاً لأعراضهم ومقدساتهم، ولولا وجود الحاضن والداعم: والمادي) الديني ، أو السياسي، أو غيره لما قُدِّر لها أن تعيش لحظة على ارض الرافدين.
ازدادت خطورة المليشيات بعد صدور فتوى الجهاد الكفائي التي اطلقتها مرجعية السيستاني، حيث وفرت لها الغطاء الشرعي لتمارس جرائمها، وتحولت الى قوة قاهرة لايمكن الوقوف بوجهها، وتوسعت دائرة نفوذها وهيمنتها فصارت تتحكم في صناعة القرار السياسي والأمني، بل تفرضه بالقوة، حتى انها اثرت سلبا على طبيعة العلاقة بين العراق والمجتمع الدولي، وصارت معرقلا لسير العمليات العسكرية والدعم الخارجي الذي يشترط عدم مشاركة الحشد الشعبي ومليشياته في العمليات التي ينوي التحالف الدولي بقيادة اميركا القيام بسبب الممارسات والجرائم التي ارتكبها في تكريت وديالى وغيرها، مما دفعها الى فتح الباب على مصراعيه لما يسمى بالتحالف الرباعي ليصول ويجول في العراق ومن دون اخذ رأي الحكومة وكتلها الآخرى، لتفتح بابا اخرى للأنقسامات والأزمات السياسية بين الفرقاء السياسيين الذين تحولوا بين مناصر الى التحالف الرباعي بقيادة بوتين الشيعي ورافض له، ومؤيد للتحالف الدولي بقيادة اوباما السني ورافض او منتقد له، وما بين التحالفين، وطن يحترق وشعب يقتل، وأما على المستوى الأمني والعسكري الميداني فحدث ولا حرج فالخلاف والإختلاف قائم فيما يتعلق بالخطط العسكرية والتوقيتات وجدلية مشاركة الحشد من عدمها، وتهميش وتغييب دور المؤسسة العسكرية، بل تطور الأمر الى اكثر من ذلك بحصول مواجهات عسكرية بين بعض التشكيلات العسكرية وبين الحشد، ومنها المصادمات التي حصلت بين الحشد والبيشمركة،
ومع مرور الوقت تزداد سطوة الحشد والمليشيات المنضوية تحته، وتحولها الى اداة باشطة بيد ايران تنال كل من لاينبطح لمشروعها او يقف بالضد من سياستها في العراق، كما حصل مع المرجع الصرخي وابناء المناطق الغربية وغيرهم من الوطنيين، وحالات القتل والخطف والإبتزاز والأعتقال والإذلال التي تعرض لها النازحون،وعمليات التغيير الديموغرافي التي تعرضت له مناطقهم، ولأجل جعل العراق بلدا مستهلكا لكل ما تريد تصديره ايران وفرضه على العراقيين، سواء كان على مستوى المنتوجات الغذائية او الزراعية او الصناعية وغيرها، او على مستوى البناء واقامة المشاريع، او حتى على مستوي الدراسة والتدريس، وغيره، راحت ايران ومن خلال ادواتها المليشياوية وحشدها السلطوي، بتصفية الكفاءات العلمية بمختلف مجالاتها، وقطع المياه واطلاق السيول وتجريف البساتين وحرقها، وممارسة عمليات الإبتزاز والخطف بحق الشركات العاملة في العراق كما حصل مع العمال الأتراك فضلا عن السيطرة على عملية سير المشاريع وعقد الصفقات…
وعندما انطلقت تظاهرات الشعب العراقي للمطالبة بأبسط حقوقه، ورفض الفساد والمفسدين ومحاكمتهم كشرت المليشيات المنضوية تحت حشد المرجعية حتى على ابناء مذهبها الذين زعمت انها تدافع عن مقدساتهم وأعراضهم، فوقفت بالضد من ارادتهم فراحت تمارس معهم القمع والخطف والقتل والإعتقال والابتزاز من اجل قمع التظاهرات، تنفيذا لأوامر ايران ومرجعياتها الكهنوتية وزمرها الفاسدة…
وأما عن حالات الفساد والسلب والنهب والسرقة فهنا يطول المقال لذكرها ومنها على سبيل المثال هي تلك التي حصلت داخل منظومة الحشد حيث راحت كل قيادة من قيادات الحشد تؤسس تشكيلا معينا بزعم انه يظم آلاف من المتطوعين من اجل استلام الرواتب والتبرعات والأتوات التي تؤخذ عنوة من التجار وغيرهم، وتلك التي توضع في صناديق التبرعات التي وضعت في المزارات الشريفة تحت عنوان تبرعات ودعم الحشد الشعبي، فلا يصرف منها الا على العشرات والبقية تذهب في جيوب القادة، ناهيك عن اختلاس الرواتب التي خصصت من قبل الحكومة، وما نسمعها من تظاهرات ومطالبات لأبناء الحشد حول صرف رواتبهم او من ذوي الضحايا خير شاهد ودليل على تفشي الفساد في منطومة حشد المرجعية.
ما ذكرنا وما لم نذكرها من النتائج السلبية الكارثية التي تمخضت عن تأسيس حشد المرجعية بفتوى التحشيد، والمحاولات الواضحة والصريحة الساعية لتسليمه زمام الأمور في العراق حاضرا ومستقبلا، يذكرنا بالتشخيص السليم الذي طرحه المرجع الصرخي كنصيحة الى الشعب العراقي ومن يهمه الأمر لكنهم لايحبون الناصحين، ومنها ما ذكره في حوار صحيفة الشرق وفي سؤال وجه بخصوص الحشد الشعبي، قال – ((هو ليس حشداً شعبياً بل هو حشد سلطوي إيراني تحت اسم الطائفية والمذهبية المذمومة شرعاً وأخلاقاً، إنه حشد مكر وتغرير بالشباب العراقي وزجهم في حروب وقتال مع إخوانهم في العراق للقضاء على الجميع ولتأصيل الخلاف والشقاق والانقسام ولتأصيل وتجذير وتثبيت الطائفية الفاسدة لتحقيق حلم امبراطوريات هالكة قضى عليها الإسلام، فنسأل الله تعالى أن يقينا شر هذه الفتن والمفاسد العضال.)).