حلت لعنة على قرية في أقصى الأرض، جاءت بسبب محاولة الناس تقليد بعضهم البعض، حتى أصبح الوضع مملاً للغاية، فغضب أحد السحرة، وألقى برماد على تراب البلدة وغادرها، وفي اليوم التالي لمغادرة الساحر إختفى رجلان، وفي اليوم الذي تلاه إختفى رجلان وإمرأتان، ثم بدأ العدد يزيد حتى خشيت القرية إندثارها، من شدة الخوف بدأ الناس يجلسون في بيوتهم ولا يغادرونها، ويتصلون ببعضهم بإستخدام الهاتف، لعل وعسى أن يتوصلوا إلى حل.
إتفق رجلان على زيارة رجل حكيم في القرية، ليقترحوا عليه ما وجدوه من حلول قدمها أهل القرية، وصل الرجل الأول فإستقبله الحكيم وأجلسه في الغرفة، وعندما وصل الرجل الثاني خرج أيضاً وإستقبله، وعندما نظر القادم الثالث إلى الرجل الأول حدثت المفاجأة! إختفيا فجأة كأنهما لم يكونا من قبل، فنظر الحكيم مندهشاً مرعوباً، لكن هذه المواقف تحتاج رجالاً ولا تحتاج مترددين.
جلس الحكيم يفكر ويقرأ في الكتب، وحاول الإتصال بساحر القرية لكنه لم يرد، فأدرك أن الأمر لعنة منه، وضعها في القرية وهرب، وقضى أياماً يقرأ كتباً قديمة عن اللعنات وأشهرها، فوجد أن سبب المشكلة لعنة المقلدين! وهي لعنة تجعل كل شخص، يحاول أن يقلد شخصاً أخر يختفي مباشرة عندما يراه، وهذا سر إختفاءهم لأنهم يقلدون بعضهم، ولأن القرية تعيش على التقليد فقد تختفي نهائياً! المصيبة أن لا حل لهذه اللعنة.
لا يوجد حل سوى أن يغير الناس أنفسهم، فإتصل الحكيم بكل بيت من بيوت القرية وأبلغهم بالحل، فإنقسم الناس إلى مصيرين، فالذين رفضوا وواصلوا التقليد إختفوا ولم يعد لهم وجود، والذين عاشوا شخصيتهم الطبيعية ما زالوا على قيد الحياة، والحكمة من هذه القصة، أنكَ تختفي عندما تحاول أن تكون شخصاً آخر، كن أنتَ شيئاً بدلاً من أن تكون لا شيء!
تناول الرجل المسن قنينة ماء بارد، ليسترجع قواه بعد أن نزح عبر الممرات الآمنة، في شارع النجفي بالساحل الأيمن، وقد أنهى قصته ليؤكد لي، بأن ثلة من أهالي الموصل، قلّد بعضهم البعض فإختفوا، لأنهم باتوا من بقايا دولة الخرافة الداعشية، التي سقطت على يد غيارى العراق العظيم، وعادت الحدباء لحضن الوطن، أما الذين رفضوا أن يكون أتباعاً لهؤلاء الشياطين، فإنهم ما زالوا على قيد الحياة، وسيريوي بعضهم قصص البطولة والفداء.
جميل جداً ما يقوم به أبطال قواتنا المسلحة العسكرية، والأمنية، والحشدية، في أنها كانت شموعاً تنير درب الهاربين من بطش الدواعش، وتأخذ بأيديهم لتقودهم الى بر الأمان، متجاوزين بهم كل أمواج الخيانة، والتآمر، والتقصير، الذي رافق عملية إحتلال أم الربيعين، لكن بشائر النصر لاحت قريبة جداً، ذاكرين وصايا مرجعيتهم الرشيدة، حيث أعلنت منها بداية النهاية، والخلاص من لعنة السحرة الدواعش.
(القدر حكاية رائعة لا يتذوقها إلا مَنْ يرسمها)، فها هم رجال الحشد والجيش الميامين، قد رسموا نصراً خالداً بفتواهم الجهادية، فكتبوا قصة موصل حدباء أرادها الدواعش، مرمية على ضفاف النسيان، لكنهم حولوا المحنة الى منحة، عمقت من وحدة العراقيين كافة، نعم إنتصر الحق كله على الباطل كله، عندها نهض الشيخ وحمل صناديق الماء، ليقدمها الى أبنائه من القوات المسلحة ليقول:لا تكن سنياً، وشيعياً، وصابئياً، وأيزيداً، وتركمانياً، بل كن عراقياً فقط!