قدم الفنان الذائع والرائع حسين الجسمي أغنية عراقية ممزوجة بالعود والعنبر أهداها للشعب العراقي بأسره من الشمال الى الجنوب.. وتدعو كلمات الأغنية التي تحمل إسم – كلنا العراق- الى التسامح والمحبة ونبذ الفرقة، والنظر الى المستقبل بروح متسامحة، ووجه خطابه الى مكونات قومية وطائفية دعاها الى التلاحم والتلاق من أجل الوطن.
الجسمي قدم العديد من الأغنيات التي لاقت صدى واسعا في العالم العربي، وإستهدفت كل واحدة منها شعبا عربيا، وأوصلت رسالة مميزة، ولاأدعي إنها محاولة مشابهة لماقامت به الفنانة الكبيرة فيروز التي غنت لبغداد.
بغداد والشعراء والصور
وهج الزمان وضوعه العطر
ياألف ليلة يامكملة الأعراس
يغسل وجهك القمر
وغنت لمصر والشام وفلسطين ولتونس ولغيرها من بلاد العرب.
منذ العام 2003 لم ينجح السياسيون العراقيون في مهمتهم لبناء الدولة الحديثة،، وساعدوا بقصد أو بغيره في هدم العديد من الآمال المعلقة عليهم التي كان الشعب ينتظر أن يتحقق منها مايؤمن له السعادة والمستقبل الزاهر والمضيء، لكنهم وللأسف فشلوا في ذلك، ودخلوا في دوامة الفساد المالي والإداري والتسابق من أجل المصالح الفئوية، وإستغلوا السذج من الناس وسوء الديمقراطية ليحققوا المزيد من النجاح الإنتخابي وظفروا بمناصب رفيعة لم يقدموا من خلالها شيئا يذكر سوى أنها عادت عليهم بالمال والثراء الفاحش.
السياسيون العراقيون كانوا بالفعل جزء من المعركة الطائفية التي سببت خسارة عشرات آلاف المواطنين العاديين، إضافة الى من قتل بفعل مشاركته في هجمات، أو تم خطفه والمساومة عليه، أو تحويله الى كبش فداء لعمليات بائسة لاقيمة لها في مهمة بناء البلاد، وحاول عديد السياسيين إستغلال السذاجة الشعبية للحديث عن الطائفة بوصفها الملاذ، وسحبوا من داخل الإنسان العراقي فعل الإنسانية ودورها وتأثيرها..
خسرنا بسبب ذلك إنسانيتنا، وصرنا ننظر الى الآخر بوصفه الطائفي لا الوطني. مع أننا كلنا أبناء طوائف وقوميات وأعراق ننتمي لها ونتشرف بها، لكننا صرنا منقادين الى توصيف مختلف، وطريقة حياة جديدة وسيئة كرسنا الجهد والفكر فيها من أجل دعم أشخاص تافهين لكنهم متجلببين بجلباب الطائفة والمذهب والقومية والعشيرة والجغرافيا. ولذلك وبعد أن تعرضنا للإنهاك والإنتهاك صرنا نبحث عن فعل مغاير، وحضور مختلف، وطريقة غير تقليدية لحماية ماتبقى لدينا من ضمير وروح وإنسانية.
ماأخشاه أن تصدر الكتل السياسية العراقية بيانا موحدا تستنكر فيه التدخل السافر في الشأن العراقي من قبل الفنان الخليجي حسين الجسمي الذي تحدث عن خصوصيات عراقية، وتكلم بلهجة عراقية، وذكر أسماء وتوصيفات يجدر بوزارة الخارجية أن تستدعي القائم بأعمال الدولة التي ينتمي إليها الجسمي، وتحميله رسالة شجب وإستنكار، وتقديم تعهد بعدم تقديم أغنية من هذا النوع فيها مايدعو الى تغيير السلوك السائد منذ سنوات طويلة، والذي تستفيد منه الكتل السياسية، وستخسر الكثير فيما لو تم تغييره بفعل الجسمي وغيره من المثقفين والفنانين ورجال الدين المعتدلين والأكاديميين والناس العاديين..