23 ديسمبر، 2024 3:21 م

حسين الاسدي .. تحت الخط الاحمر

حسين الاسدي .. تحت الخط الاحمر

اتفهم عميقا لماذا زادت الكتل والأحزاب  والشخصيات السياسية الدينية ، وأركز مليا على الشخصيات ( السيادينية  ) من هجومها على النائب الشيخ المعمم حسين الاسدي بدعوى الاساءة  الى المرجعية الدينية ، فهذه انتهازية ما بعدها انتهازية واستغلال فاحش لمواسم الانتخابات سيما وأننا العراقيون جميعا مسلمين وغير مسلمين بتنا نسمع ونرى ما تعرضت وتتعرض له هذه المرجعيات من اساءة لا تليق بقداستها  بعد ان زُجت زجا في خضم  الاداء التنفيذي المتلكئ والمشهد السياسي  وصراعاته اللامتناهية وتوظيف كل الادوات المشروع منها وغير المشروع لحسمه ، لكني لا اتفهم ابدا صمت القوى المدنية بل وتواطؤها على الاسدي ، وهي ما فتأت تنادي بدولة القانون ، او دولة فصل الدين عن الدولة ان شأتم .

حسين الاسدي لم يقل شيئا يعتبره المنصف المحايد اساءة للمرجعية بالمرة ليتعرض لهذا الهجوم الساحق منذ اكثر من اسبوعين وهو على موقفه  ثابت لم يتزحزح مرددا بإصرار : انا لم اسئ للمرجعية ، وهو فعلا  لم يسئ ابدا لان كل ما قاله الاسدي ان المرجعيات لا تملك ولا تشارك في المؤسسات (السلطات ) الرئيسة الرسمية الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية التي تدير الدولة المجتمع بشكل مباشر ، وإنما تملك دورا روحيا وإشرافيا وأخلاقيا ودينيا  لإدارة الفرد والمجتمع روحيا مما يجعل عملها من جهة ما شبيه بدور منظمات المجتمع المدني ، وهو  ما اقام الدنيا عليه ولم يقعدها ، وكأن المجتمع المدني رجس من عمل الشيطان ، في حين انه روح الديمقراطية والناظم الرئيس للقوى الموازية لسلطاتها الرسمية وهذه القوى في الغالب اكثر ثباتا ورسوخا وتأثير من السلطات الزمنية التي تتبدل وتنهار وتتغير وتنسخ وتسب وتشتم وتفشل  وتنجح وترمى بالبيض الفاسد وطماطة الخالص الرايجة ان لزم الامر لاي سبب ، خلافا عن  المؤسسات الدينية العظيمة والمؤسسات القبلية الكبيرة التي هي روح المجتمع المدني  وتجليه الاكبر في مجتمعنا العراقي على وجه الخصوص ، وقد لاحظتم كيف ان السلطات الوضعية الثلاث قد نسفها ربي نسفا عام 2003 الا ان المرجعيات الدينية والقبيلة استطاعات بكفاءة ان تسلم المجتمع امنا متراصا متماسكا لأول اعادة تشكيل للسلطات الرسمية الثلاث التي سلمته لمهاوى فتنة ونزاع اهلي مدمر بحسب حداثة تشكيلها في حينها وقصورها الفاجع عن تكون بمستوى ثابت وتأثير المرجعيات الدينية والقبلية التي هي من جهة عدم امتلاكها وسائل وأدوات السلطات ارسمية تبقى مؤسسات مدنية بإصرار ولو تراجع النائب الاسدي عن اطروحته الراقية هذه ، ولم تك تلك اول مرة تتهاوي بها السلطات الوضعية في التأريخ العراقي على وجه التحديد ، وانما يحدثنا التأريخ عن تجارب اكثر قسوة منها فراغ الدولة بعد غزو المغول وفراغ السلطة بعد الانهيار العثماني  في بدايات القرن العشرين ، لتبقى قوى المجتمع المدني هذه فاعلة نافذة  استطاعت ان تسد فراغا كبيرا كان يمكن ان يؤدي الى ان يكون الثقب الاسود فيه بحجم خارطة الوطن .
انا محبط حقيقية من هذا النفاق السياسي الفج ، محبط من هذا الفهم المشوش لقوى سياسية امضت عشر سنوات تتداول الديمقراطية وهي اليوم تنظر باحتقار لمجرد اسم (المجتمع المدني ) الذي هو روح المجتمع المدني الخارج من عسكرتارية الدولة والدين توا ، انا محبط من قوى اليسار والليبرالية والعلمانية والقوى الاسلامية المعتدلة والمرجعيات التي احبطها وأزعجها الاداء السياسي المترهل باسمها وتحت يا فطاتها  التي تركت حسين الاسدي وحيدا في مواجهة هجمة انتهازية لم تحدث منذ زمن بعيد .
[email protected]