الإعلانُ عن الزيارة تمَّ بعد انتهاء الزيارة .! وكانَ لابدّ منْ ذلك , ومُحال أنْ يغدو خيارٌ آخر ..
لمْ يعد مهمّاً أنْ يتفاجأ الرأي العام والقيادات السياسية في العراق ولبنان بالزيارة البالغة السرّية للسيد حسن نصر الله الى كربلاء , لكنّ الأهمّ منه , كان أن تفاجأت اقوى اجهزة المخابرات العالمية ” وبضمنها الموساد ” المُعَشعِشَة والمقيمة في العراق بهذه الزيارة , فالسيد نصر الله هو الشخصية الأولى في العالم من ناحية اجراءات الأمن والأمن الوقائي والحماية التي ترتبط بتحرّكاته , ويرتبط ذلك ايضا بالإجراءات المُقابِله التي يتخذها الجهاز الأمني لحزب الله تجاه مراقبة الأقمار الصناعية وطائرات التجسس والتصوير الجوي وما الى ذلك من الأساليب الأستخبارية التقنيّة والبشرّية المضادة .
ثُمَّ , عدا ما كشفته و نشرته بعض المواقع الإخبارية يوم امس , وانتشرَ الى عددٍ من وسائل الإعلام , من أنَّ زيارة رئيس الوزراء السيد العبادي الى كربلاء ” قبلَ ” أربعةِ أيّام ! من الزيارة الأربعينية لذكرى استشهاد الإمام الحسين , حيث كان الهدف منها لقاء السيد نصر الله في إحدى الغرف الخاصة الملحقة بمباني المرقد المقدّس , فأنَّ الأمرَ أبعد واوسع من ذلك من جهة الأمن الستراتيجي الإستباقي الذي يحيط وَيُطوّق هذه الزيارة الفريدة من نوعها .!
فمنذُ نحو اسبوعٍ , أعلنَ ضابطان رفيعي المستوى ” برتبة لواء ” في سلاح الجو الإيراني أنَّ المقاتلات الإيرانية ستقوم بالتحليق داخل الأجواء العراقية لأجل تأمين حماية الزوّار الإيرانيين في الزيارة الأربعينيةِ هذه ” علماً أنْ لا يمكن تمييز هؤلاء الزوار – من الجو – من بين الحشود الهائلة من العراقيين ومن دولٍ اسلامية وعربية اخرى .! , لكنّه من الواضح أنّ تدخّل ودخول طائرات سلاح الجو الأيراني كان لتأمين الحماية للسيد نصر الله ضد ايّ احتمالاتٍ مفترضة لقدوم طائراتٍ معادية تستهدف السيّد , ولمْ يلفت ذلك نظرَ أيٍّ من وسائل الإعلام العالمية , وبالطبع المحليّة ايضاً .! , وقد بدا أنّ الإيرانيين كانوا في غاية الحرص وبما هو اكثر من المتوقّع على تأمين المستلزمات الأمنية لزيارة زعيم حزب الله , فقد عَلمنا مؤخراً او بعد انتهاء الزيارة السريّةِ هذه أنَّ وزير الداخلية الإيراني والنائب الأول لرئيس الجمهورية كانا من ضمن الزوّار الإيرانيين في كربلاء , ولربما كان ذلك للإشراف على إجراءات الأمن المتّخذه , وقد يغدو ذلك عن طريق المصادفة , وقد يمسى لأهدافٍ مزدوجة ايضاً .!
منَ الناحيةِ السياسيةِ لقدوم السيد نصر الله الى كربلاء ولقائه بالمرجع السيستاني والمراجع الدينية الثلاث الأخرى , بالإضافة الى لقائه الخاص بالسيد حيدر العبادي , فعدا أنّ زيارة السيد لا علاقةَ لها بمراسم ذكرى استشهاد الحسين ” ع ” لامن بعيدٍ ولا من قريب , فالواقع أنَّ لا تسريبات عن مضمون وفحوى الزيارة , وكلّ ما ذكرته بعض المواقع الإخبارية لا يعدو كونه تخمينٌ وتحليلات اعلاميّة لكنها تكاد تقترب من حافّة الصواب .! , إذ أنَّ ما مُرجّح من ذلك هو محاولة التأثيرالمكثّف على العبادي لقبول التدخّل الروسي لتوسيع رقعة حركة المقاتلات والقاذفات الروسية داخل الأجواء العراقية لقصف مواقع تنظيم الدواعش , وهوموقفٌ بالضّد من الأمريكان ودول الإتحاد الأوربي اكثر منه لتدمير بؤرٍ واوكار ذلك التنظيم , بالرغمِ من أنه مفيدٌ للعراق وبجديّة وفاعلية في ضرب داعش من الناحية العسكرية قياساً للدور المتواضع والمقصود لِل F 16 الأمريكية .!
وَ , زيارة السيد حسن نصر الله توحي كثيراً أنَّ العراق مُقبلٌ على تطوّراتٍ سياسية لا يُحمد عُقباها , وخصوصاً وسطَ الضغوط التي يعانيها السيد العبادي من داخل حزب الدعوة ومن التحالف الوطني الحاكم , بالإضافةِ الى ما تعكسهُ مرآة الإعلام عن افتقاد العبادي للقدرة على اتخاذ المواقف الحاسمة من بين هذه الضغوط التي تحاصره ..!