حسنا يفعل رئيس هيئة النزاهة حسن الياسري عندما يرتدي الزي العسكري في المحافل الاعلامية والمؤتمرات الصحفية هو يعلم ان منصب رئيس هيئة النزاهة ليس موقعا تشريفيا بل هو رئيس هيئة الحشد لمكافحة الفساد و اسميه ” المنصب المحترق” فكل الرؤساء السابقين للهيئة ( راضي الراضي، رحيم العكيلي ، علاء الساعدي) خرجوا زعلانين وممتعضين لاسيما وبعضهم ركز مهامه على محاسبة موظف اشترى بند ورق بطريقة غير اصولية وغض النظر عن المسؤولين الكبار الذين سرقوا المليارات وانتعشوا بالمال الحرام وزادوا ترفا وهم في بروج عالية لايحاسبهم احد.
كان رئيس هيئة النزاهة في مؤتمر يوم الخميس اشبه بمعلم ابتدائية ليوصل معلومات عن كيفية استقبال هئية النزاهة للمعلومات وتحدث عن الابلاغ والاخبار والاستقدام والاستفسار والتحقيق والتقصي والاستدعاء والوشاية المعقولة وغير المعقولة والاحالة الى قاضي النزاهة وهذه مصطلحات اغلب الموظفين الكبار والصغار لم يفهموها ولم يطلعوا عليها ويتحمل ذلك جيوش المفتشيين العموميين الذين بعضهم يحتاج الى نزاهة اصلا وتنظيف جيبه من المال العام مسؤولية توضيح ذلك.
لفت انتباهي في حديث الياسري انه منزعج من كثرة الشكاوى ولاسيما الشكاوى الكيدية وقد احالني قوله الى هجمة شرسة تعرضت اليها من قبل موظفين يعملون معي عندما اختلفنا في العمل ذهبا الى مفتش عام الدائرة ليتحدثا كيدا وبهتانا عن سرقات كبيرة اقوم بها واستغل منصبي في شبكة الاعلام العراقي لصالح جهات سياسية معينية وحديث طويل حتى انني اصبحت زبونا دائما لدى المفتش العام وكانت الفكرة الاساسية من الشكوى او الاخبار الذي يرسل الى مكتب المفتش العام ليس الخوف على هدر المال العام بل صراع على المناصب والمكاسب والمصالح الضيقة ومحاولة لارباك العمل.
تمكن الياسري يوم امس من ايصال فكرة مهمة واساسية انه ليست كل الشكاوى حقيقية وليست كل الصلاحيات بيد هيئة النزاهة فهناك ثلاث مؤسسات تكافح الفساد هي النزاهة والقضاء والجهات التنفيذية التي تنفذ توصيات القضاء.
الياسري امام اختبار صعب فعملية ابراز العضلات على الموظفين الصغار باتت عملية هجينة لاتنفع ولاتضر على الرغم ان ذلك لايعني اغفال محاسبة كل موظف يتسبب بهدر المال العام، ولا اجد مكانا اصعب من العمل كرئيس لهيئة النزاهة لاسيما في ظل هشاشة الوضع السياسية والترويج على ان كل عمل تقوم فيه الهيئة بضرب الرؤوس الكبيرة المتهمة بالفساد بكل انواعه وصنوفه واشكاله واوضاعه.
يحتاج الياسري الى الدعم الاعلامي وتخفيف الضغط السياسي عليه والى التذكير بضرورة الانصاف وعدم الاسراع في اتهام الناس واحالتهم الى القضاء والتشهير بهم في الاعلام مالم تضع بين يديه الادلة المقنعة التي تبثت تورط من يذكر اسماءهم في الاعلام وان يتذكر ان الفساد مثل الشيطان ياتي الى الانسان بوجوه مختلفة وعناوين متنوعة وكذلك عليه اولا واخيرا ان يضع الله بين عينيه في التعامل مع اي ملف فساد فالله يكره كل ظلام عتيد!.