18 ديسمبر، 2024 10:02 م

حسن العلوي وأسرار صدام حسين والبعث

حسن العلوي وأسرار صدام حسين والبعث

عندما تسمع المفكر حسن العلوي يتحدث عن صدام حسين، تشعر بأنه أكثر من يعرف صدام على وجه الأرض، وأكثرهم قربا منه، لهذا فالعلوي ربما هو أكثر من يمتلك أسرار صدام، وأعتقد أن هذا الأمر هو السبب بقيام صدام باعتقال العلوي ونفيه.
فالذي يطلع على برنامج “المشهد”، من على شاشة (البي بي سي)، الذي استضاف العلوي، سيرى دور العلوي في الجهاز الحاكم لحزب البعث أن كان بزمن الرئيس الأسبق أحمد حسن البكر، او في زمن صدام حسين، فيبدو أن العلوي كان يعتمد عليه في كثير من الاحداث، وأن استشاراته كانت نافذة بالنسبة للنظام، وهذا الأمر هو الذي يفسر سبب وضع العلوي على رأس أهم وسائل إعلام النظام في ذلك الحين.
أن أهمية هذا اللقاء بالعلوي، تبين طبيعة إدارة حزب البعث للسلطة في ذلك الوقت، فهي طبيعة مبنية على الخيانة وعدم الثقة والغدر. لكن اللقاء كان فيه قنبلة موقوتة فجرها المخضرم العلوي من المستغرب أن لا تقوم ال(بي بي سي)، من استثمارها بالشكل الصحيح، وهي كشفه عن أسباب اغتيال وزير الدفاع الأسبق عدنان خير الله.
فقد أكد العلوي أن خير الله طلفاح (والد عدنان وخال صدام)، هو السبب بمقتل ولده، بذهابه إلى ملك السعودية فهد، وعرض عليه أن يدعم إزاحة صدام عن الحكم لصالح ولده عدنان لضمان انتهاء الحرب العراقية – الإيرانية، دون أن يعرف بأن المخابرات العراقية كانت على اطلاع بهذا اللقاء، ما دفع صدام إلى كتابة سيناريو مسلسل إعدام عدنان بطريقة ناعمة وبحادث طائرة كما أشيع.
لكن الذي يطلع على شهادات العلوي في هذا البرنامج يستطيع أن يكشف عن سياسته في زمن نظام البعث، فبرغم قربه من رأس النظام الا انه كان عادة ما يتمرد على هذا النظام، وتشعر انه من أكبر المشاكسين السياسيين له، وهذه المشاكسة بالطبع لا تروق لنظام مثل نظام البعث، يؤمن بعقلية القبض على السلطة وليس بناء الدولة، ويعتبر المشاكسة هي انقلاب على الحاكم.
وبعيدا عن السيرة السياسية والفكرية الحافلة للعلوي، الا انه رجل موسوعي يمتلك أسرار لا يحملها غيره، بشكل مشابه للاسرار التي يحملها الصحفي المخضرم محسن حسين عن تاريخ العراق.
ورغم أن التاريخ العراقي الحديث أو أي تاريخ لأي دولة أصبح متداول في ظل التقدم التكنولوجي، الا ان هناك حقيقة لابد من الاستفادة منها بأن (عنقود عنب تاريخ العراق) انفرط، ولم يبقى فيه الا حبتين، حسن العلوي ومحسن حسين.
وفي إحدى المراسلات بيني وبين السيد العلوي، طلبت منه أن نشرع بصورة مشتركة بكتابة كتاب عن كل ما يعرفه من معلومات سياسية، او جغرافية خاصة بمنطقة كرادة مريم (مسقط رأسي ورأس العلوي)، والتي تعد مصدر الحكم لكل الأنظمة التي حكمت العراق، لكن العلوي رفض المقترح ليس لأنه لا يرغب فيه، إنما لانشغاله أو لتقدمه في السن.
لذا من المهم استثمار الخزين التاريخي للعلوي، فهيكل ليس أفضل منه.