19 ديسمبر، 2024 11:49 م

حسن العلوي بقلم سكرتيره الخاص السابق 1975 -1979

حسن العلوي بقلم سكرتيره الخاص السابق 1975 -1979

حسن العلوي منذ ان عرفته كان عالياً ، في تفكيره وعواطفه ومشاعره وانتمائه وحماساته لنصرة المظلوم حيث كنت موظفاً في الارشيف فسحبني العلوي وقال ان فيك لمعة صحفية ستتطور فسحبني معه وتدربت على يديه وكنت مسؤولا على تسجيل اللقاءات التي يجريها وتدوينها بخط بيدي فتعلمت الكثير ، وفي اي موقع قاده العلوي او اشرف عليه ، كان هناك فقهاء المسلمين ورهبان النصارى وكتابهم وهو الذي كشف دفاعاً عن فئة عراقية مظلومة وهم التلكيف الذين يسخر منهم المتعصبون القوميون والدينيون عندما اكتشف تاريخياً ان هناك من علماء المسلمين من كانوا كانوا يحملون لقب حصكفي وهو نسب الى حصن كيفا وتلكيفي وهو نسبة الى حصن تلكيفا .
حسن العلوي لمن لايعرفه كان يذهب الى وزير الصناعة ليحصل على لوري طابوق وعلى طن سمنت ليشرف بنفسه على بناء غرفة لفراش مجلة الف باء جمعة فرحان وكان يذهب الى وزير التجارة ليحصل على ثلاجة ينقلها بنفسه الى احد العاملين في المجلة  .. وحسن العلوي عندما اشرف على جريدة المؤتمر اصر ان يكون فيها العربي والكوردي والاسلامي والقومي والمسلم والمسيحي والازدي حتى استعان بصديقه في الكرادة الشرقية ايام الصبا سمير نقاش وهو يهودي عراقي رفض ان يكتب حرفا بغير اللغة العربية وكان معادياً لاسرائيل وسياستها العدوانية فنتقل هذا الكاتب العراقي الحر سمير نقاش الى لندن ليكون ابرز كتاب الجريدة وبطلب من حسن العلوي.
ان عالمية حسن العلوي لاتاخذ منه قوميته وعروبته … ولانه هكذا فهو يكتب عن المظلوم اذا كان شيعياً  … والمظلوم اذا كان سنيا .. والمظلوم اذا كان مسيحياً … ويكتب عن حق الاكراد القومي منذ خمسين عاماً فالرجل هو تاريخ العروبة الاسلامية .. وممن سيترك بصمات في تاريخ العراق لم يسبقه اليها الا الجواهري في شعره وعلي الوردي في علمه .. فاذا كان الجواهري طائفياً فالعلوي طائفي ايضاً .. واذا كان علي الوردي طائفياً فالعلوي طائفي ايضاً .. والعلوي هو صديق الجواهري وعلي الوردي ومحمد رضا الشبيبي ومحمد بهجت الاثري وكوركيس عواد وميخائيل عواد وحسين علي محفوظ فأين الذين يتطاولون بكتاباتهم ضد حسن العلوي منه , وهم الذين لم يكتشفوا بعد شيئاً من تاريخ العراق  سوى الذي يمتد الى عقدين من الزمن  فقط .. فيما حسن العلوي  كان منذ الخمسينات من مشاهير الكتاب العراقيين و كان كما وصفه احد الصحفيين رجلاً امضى حياته بين المقال والاعتقال ..
العلوي لم يسجل عليه في تاريخه الاداري ما يسجل على غيره من مساويء ادارية وذمم ماليه  .. وهو الوحيد الذي كان زعيماً للاعلام العراقي المعارض ضد الرئيس السابق صدام حسين يوم كان غيره يخشى ان ينبس تحت لحاف زوجته بكلمة ضد صدام حسين ..  فصار للاسف هؤلاء هم اهل السلطة  .. وعاد العلوي  الى العراق ليجد بيته مصادراً و ليجد بيت ابيه السيد المعروف منذ سبعين عاماً  مسجلاً بأسماء افراد العصابة التي سرقت مصرف الزوية .
وعلى المستوى السياسي كان حسن العلوي يستقبل من تضيق بهم مؤسساتهم الصحفية لانهم شيوعيون او قوميون ويرفض متحدياً قراراً لمجلس قيادة الثورة لنقل كل من هو غير بعثي من المؤسسات الاعلامية الى وزارات خدمية كالصحة والزراعة .. واذكر اننا كنا بحدود عشرين محرراً بعضنا من القوميين العرب ومعنا اغلبية شيوعية تتجاوز اكثر من خمسة عشر مثقفا يعمل بالمجلة  .. فكنت  انا الناصري المعروف وثامر الفلاحي القومي العربي وكان معنا من كان شيوعيا او حسب عليهم امثال الشاعر الفنان  صادق الصائغ  والشاعر فوزي كريم والشاعر جليل حيدر وزوجته هاديا حيدر التي سجلت في مذكراتها هذه المأثرة العلوي ان صح التعبير في وصفها .. فلقد اعادها العلوي الى عملها بعد 24 ساعة فقط من فصلها طبقاً لقرار مجلس قيادة الثورة المذكور في اعلاه .. وهو ماكتبته هاديا سعيد وهو اسمها الحالي في مذكراتها المنشورة في لندن .
واتذكر ان صدام حسين عندما كان نائباً ورئيساً ومسؤولاً عن مكتب الثقافة والاعلام المركزي التابع لحزب البعث قد ابُلغ بتقارير مرفوعة اليه تؤكد ان حسن العلوي رفض تنفيذ هذا القرار وابقى جميع من هم من غير البعثيين في اماكنهم بالمجلة فاستدعاه لسؤاله عن الامر ..  واذكر ان العلوي نقل لي انذاك مادار بينهما حيث بادر العلوي صدام حسين بالقول وبكل ثقة واصفاً قرار مجلس قيادة الثورة  بأنه ” اغرب قرار يصدر في تاريخ الاحزاب والدول اذ المفروض ان يعاقب البعثي الذي يعمل في مؤسسات شيوعية او قومية لا ان يعاقب القومي العربي والشيوعي لانهم يعملون في اعلام الدولة التي يقودها حزب البعث .. وان مثل هؤلاء ينبغي ان يكرموا لا ان يعاقبوا .. كما ان الاعلام العراقي سيتراجع للخلف بعد اخراج الكتاب الشيوعين والقوميين منه .. فرد صدام حسين معترفاً بصواب موقف العلوي وقال له ” تدري احنه اشتغلناها بالمكلوب .. بس القرار ولاتراجع عنه  .. اما جماعتك في مجلة الف باء فسنغض الطرف عنهم .. وخليهم بمكانهم ” 
 وكان حسن العلوي شديد الحساسية ممن هم في مكتب الثقافة والاعلام المركزي ..  ينفعل بسبب ومن دون سبب لمجرد ذكر اسم واحد منهم  .. فهو لم ينسجم ابداً مع احدهم ..  وحتى عندما قمز صدام من ناحية العلوي وقال له خفف من غلوائك وانسجم مع جماعة مكتب  الثقافة والاعلام وان الابداع جماعي  .. فرد العلوي عليه  بجملة فيها الكثير من المعاني والدلالات وقال ” ان الابداع بمفهومي فردي وليس جماعي .. فليس بمقدور خمسة اقامة تمثال او كتابة قصيدة ”  .. وكما هو دائبه نشر العلوي فحوى هذا الحديث في العدد المقبل من مجلة الف باء  ..  وكان العلوي يصف خصومه في هذا المكتب بأن البعض  منهم كاليرابيع ستذهب الى جحورها بعد زخة مطر واحدة .. وها انتم شهود كيف اختفت هذه اليرابيع بعد ان حملوا اموال العراق معهم ..  وكان ولازال العلوي يدافع عن بني مهنته ففي منفاه بسوريا كان يبعث مساعدات مالية لاكثر من عشرين صحفياً و كان يستقبلهم على الحدود السورية حتى انه اوصل في يوم واحد فقط احد عشر شخصاً واركبهم في طائرة للحصول على لجوء بالدنمارك لمجرد ان اثنين منهم هم من ابناء الصحفي سعيد الربيعي .
وشبيه ذلك انه وفي اثناء ترك المثقفين المصرين المحتجين على ذهاب انور السادات للقدس  عام 1978 ، جاءت الى مجلة الف باء صحفية وكتبة مصرية وهي تحمل بيدها كتابا واصرت ان تدخل لمقابلة العلوي وتسليمه الكتاب اليه ..  فدخلت معها وفتح العلوي الكتاب ليقراءه ..  واذا به قرار تعيين من مكتب الثقافة والاعلام للعمل في الف باء .. وقدمت نفسها بانها اخت الممثلة المصرية  سهير المرشدي زوجة الفنان الراحل كرم المطاوع .. فقال العلوي لها انه مع جزيل تقديره للفنان مطاوع ولها .. فأنه يعتبر ذلك تسلطاً على قرارات وسياقات عمل المجلة .. ولم ينفذ القرار فاحتجت الكاتبة  لكنه لم يتراجع عن قراره المستقل .. وطيلة عملنا معاً في مجلة الف باء  والتي استمرت لاكثر من اربع سنوات لم تنشر صورة لميشل عفلق مؤسس حزب البعث سوى مرتين فقط  لان العلوي كان  يفضل بدل ذلك نشر صور لشخصيات عراقية من شيوخ الفكر والادب  والشعر وكان حسن العلوي لايذهب لوزارة الثقافة والاعلام ولا اظن ان احدا قد شاهده يذهب للوزارة بسبب خلافه مع طارق عزيز وسعد قسم حمودي .
 
فماالذي اخذه حسن العلوي بعد ربع قرن من مقارعة صدام ..  وقد اصبح كما يقول هو ” باعة البصل وكلاء وزارات وابنائهم قناصل و دبلوماسيون ” ؟
ومااٍلذي اخذه حسن العلوي بعد 57 عاماً من ظهور كتاباته القومية العربية .. سوى هذه السمعة العالية وهو الذي يكتفي بأنه السياسي الذي اذا ظهر في التلفزيون اجتمع حول الشاشة اهل العراق تاركين وراء ظهورهم اي انتماء قومي اوطائفي اوسياسي .
واذكر في الاعوام الاخيرة انني قد زرته في اربيل اربع مرات.. فوجدته كما هو يحب التجوال بين عامة الناس في الاسواق والميادين .. وقد كان صعباً عليناً ان نسير معاً خمسين خطوة دون ان تصادفنا عائلة عراقية وفيها من الشباب بعمر احفاده والشيوخ من  أقرانه .. كانوا جميعاً يلتفون عليه وي نصتون اليه وكأنهم وجدوا شيئا مفقوداً امضوا سنينهم يبحثون عنه ..  اوكأنهم يلتقون محامياً مفوهاً يشعر كل منهم انه يدافع عنه  وعن قضيته .
حسن العلوي لم يشكو شخص اقترب منه وعمل معه لاكثر من نصف قرن لانه يدافع عن العاملين معه اكثر ما دفاعه عن نفسه ..  وهو الذي رفع شعار سلطة المثقف وقد مارسها في حياته ويمارسها حتى هذه اللحظة وللحديث بقية

أحدث المقالات

أحدث المقالات