22 ديسمبر، 2024 3:56 م

حسن الشنون وقامات مسلته الشعرية ..

حسن الشنون وقامات مسلته الشعرية ..

ارض شنعا ر او ارض السواد .. او سهل رسوبي .. سمها ما شئت ولكنها تبقى مهبط رأس التاريخ وولادة المنجز الاول وارض المسلات والقوانين والتشريعات من اوركاجينا واورنمو ولبث عشتار وحمورابي .. والانجازات الحضارية . تلك هي المناطق التي ننعم في السكن على اديمها والتي جبلت منها اجسادنا ونمت تكويناتنا وحتما اليها عاد اسلافنا واليها سنعود .. ففي هذه الارض انك اذا تتكلم عن ميلاد الحرف الاول والعجلة والنظام العشري والستيني وانظمة الري ومواسم جني الثمار والقطاف وجز الصوف واعياد الانقلابات الشتوية والربيعية والصيفية والخريفية وتبدلات الجو وطقوسه فأن حديثك لاينتطح به كبشان .. اذن انت انسان سيد منذ الخليقة .. واذا كان يحسب لانسان آخر خارج هذه المساحات انجازاته وينظر اليها بتعجب  فأن انجازاتك لاتثير الاستغراب كونك السيد  وافرازات حضارتك ابسط الاشياء التي يمكن ان تقدمها للانسانية . ومعلوم ان التجمعات البشرية الاولى عادة ماتكون  قرب مساقط المياه  او العيون او الشلالات والانهار والواحات . فليس جديدا ان اقول  ان  هذه الارض اسبغ الله عليها بماء وفير .. لذلك كان استخراج العيش فيها لايحتاج الى كثير من العناء وان جيرانها على تعاقب اقوامهم وحضاراتهم كانوا ينظرون اليها بعين الحسد والغبطة احيانا .  كونها شعت على العالم قوانين وحضارة وانجازات كما قلنا . فحينما يغفل انسانها سرعان ماتنقض عليه عقبان الطمع وسلالات الهمج وتمزقه .. ولكن بقدر تمزقه فأن انسان هذه الارض كطائر الفينيق عادة ماينهض من تحت الرماد .. اردت ان اقول في هذه المقدمة البسيطة ان انسان هذه المنطقة مميز جدا . فلاعجب ان يكون مبدعا .. مخترعا .. مكتشفا .. متطورا .. شاعرا .. اديبا .. عالما .. سياسيا لامعا .. مناضلا صلبا . وان استعراض بسيط لانسان كل السلالات العراقية التي تعاقبت على هذه الارض يثبت صحة ما نرمي اليه فأوريدو واور ولارسا وآيسن وأوما وشروباك وماروسي كلها حضارات وانجازات عمرت هذه الارض الى حين الفتح الاسلامي الذي طرد تحت وطأة ضرباته الغزاة من مدنسي هذه الارض الطاهرة .. وتلك قصة يطول سردها . وفي زمننا الحاضر ولو انك فحصت قامات الرجال الذين شيدوا وانجزوا الحواضر في هذه الديار المباركة .. وقوتهم ومقدرتهم عن الدفاع عن انجازاتهم لرأيت العجب .. فؤلائك هم قادة المنتفق ومسطري انجازاتها وانتصاراتها ، وموئلهم بل مدينتهم سوق الشيوخ الى جانب ما اسبغه اولائك القوم من مثل وقيم على انسان هذه المدينة التي سرعان مانمت وكبرت وشغلت حيزا في التاريخ بفعل انسانها المتميز الثائر الرافض لكل ظلم وحيف . والسيد حسن الشنون عندما تصدى للحديث عن جانب من اشراقات هذه المدينة وهو الجانب الشاعري فيها فأنه لايجانب الحقيقة اذا وصف تلك القامات بالمبدعة والخلاقة التي انجزت على الارض الكثير واغنت الفكر العراقي والمكتبة العراقية بفنون شتى وواحد من انجازاتها هو الشعر . . 
الذي تصدى له الاخ المبدع حسن الشنون ودون جوانب منه مما يدلل على ان السيد الشنون كان يحمل جانبا من معاناة المدينة وهموم انسانها واراد ان لاتذهب تلك الجهود مبعثرة ربما يلفها النسيان ويعتورها الضياع . لذلك ففي مؤلفه الممتع ” سوق الشيوخ مسلة الشعر والانسان ” الذي صدرت الطبعة الاولى منه هذا العام 2016 عبر مطابع شركة المارد في النجف الاشرف ..  وصمم غلافه المبدع حسون الشنون قد استجمع ماتمكن منه سواء مما انشد او الذي اخبروه عنه  كون هذه المدينة فيها من الشعر والابداع لو ان اقلام كل كتاب اهل ذي قار تناولتها كل حسب اختصاصه لوسعتهم .. واني كمطلع ومتابع احيي في الاخ حسن الشنون روح الجرأة والاقدام اللذان مكناه من ان يقتحم هذا الكم الهائل من الانجازات لمبدعي مدينة سوق الشيوخ ويخرج بنتيجة هي الى الرضا اقرب منها الى عدمه . لذلك كان شجاعا جدا بما عرف عنه من اقدام .. والا فأن اي واحد من هذه القامات التي ذكرها حسن الشنون هو مزاج خاص وعالم خاص وتوجه خاص ومشرب خاص على اي باحث او كاتب للسير ، ان يتعامل معه بدقة وبحذر شديدين لكي لايثير حساسيته  او يثير فيه كوامن الغبن او يشعر امامه بالتقصير .  لذلك فأنه كان مقداما .. فكان حسن الشنون متميزا حتى في اهداء هذه المسلة .. حيث تجاوز بها المألوف .. اعتدنا ان نرى الاهداءات للآل والذوي ولكن الشنون تجاوزنا جميعا واهدى سفره الى كل مواطنيه في مدينة سوق الشيوخ الذين هم قطعا يحترمون الادب ويفخرون بأبداع ادبائهم . واذا عدنا الى المصادر التي استقى منها كاتبنا الشنون فأنه لاشك وظف العديد من المصادر والمراجع المعتبرة التي لايخالطها مواربة ولكني اعتقد جازما  ان جهده المبذول في المقابلات الشخصية وتبادل الرسائل مع الشعراء كان قد شغل الحيز الاكبر من مصادره .. لذلك جاءت كتابته وتوثيقاته رصينة موضوعية دقيقة مبدعة . فأنجز مسلة تضاف الى مسلات العراق التي نفخر بها  وكتابا سيأخذ حيزه في المكتبة العراقية بل ربما والعالمية لما احتوى بين دفتيه من علوم وتواريخ وشواهد لاناس تآخوا مع الابداع  وانتهلوا من منابعه الصافية .. وكم كان بودي ان يكون التبويب وفق منهج البحث الذي يفضل الاقدم والذي يليه او انه على حروف المعجم  ولكن الذي حصل ليس عليه غبار .. وكم كان بودي ايضا ان يشير الى المعلومة التي استقاها من المصادر او المراجع او المقابلات الشخصية في ذيل الصفحة المبحوث فيها عن الشاعر لكي تزداد الصورة كمالا وجمالا رغم اني اقر بكمال كتابه ليستفيد منه الباحثون والدارسون في هذا الشأن مستقبلا . فبوركت تلك الجهود التي هي بالتأكيد مضنية ..  وبالتأكيد ايضا رافقها العديد من المعاناة والشد والجذب والصراع مع النفس لان الكتابة ياصديقي  والتأليف ليستا كصيد الغزال الاكحل .. 

وانما هي صراعات تبدأ من رسم الهيكل للمؤلف ومايمزق من ورق .. بل من اكوام الورق .. ومايعاد صياغته وتدقيقه ومايعتري الهيكل من تطور وتقديم وتأخير وصولا الى الشكل الذي يقنع المؤلف .لكي لايضيع جهده .. .  لا تحسبوا كل من ذاق النوى عرف الـــهوى… ولا كـــل من شـــــرب الــمـــــدام نديــــمُ ..  مبارك لاهل سوق السيوخ ولكل الادباء والكتاب هذا الجهد المميز ….والحمد لله رب العالمين . ‪© 2016 Microsoft‬ الشروط الخصوصية وملفات تعريف الارتباط المطوِّرون العربية